من أعلام المغرب الفزيائي النووي الأستاذ عبد السلام حمادة التازي

عبد السلام انويكًة

عالِم تازي بموقع رفيع المستوى، ضمن قائمة علماء العالم المصنفين في سماء البحث العلمي الدقيق، تخصص فيزياء نووية تطبيقية.

 

 

باحث متميز كان نابغة دوما، قبل أن يبرز اسمه عاليا مؤخرا ضمن نتائج ترتيب أمريكي AD Scientific Index للائحة دولية، خاصة بعلماء متميزين هنا وهنا من جامعات العالم ومختبراتها البحثية الدقيقة التطبيقية.

أعلام المغرب: الفزيائي النووي الأستاذ عبد السلام حمادة التازي
من أعلام تازة (1)

 

ترتيب بن تازة هذا بقدر ما جاء تثمينا لمساره وما هو عليه من منجز، بقدر ما تأسس على ما بلغه من عمل بحثي فزيائي تطبيقي رفيع في سقفه ومستواه الدولي.

أستاذ بهيبة عِلم ونهج وحضور معبر وازن وطني ودولي، فضلا عن مهمة تكوين وتأطير رافع بكلية العلوم عين الشق جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وعن خبرة في المجال جعلته مكلفا بمهمة لدى أكاديمية المملكة المغربية للعلوم والتقنيات.

كان ممن تم انتقاءهم من علماء العالم وباحثيها المتخصصين في الفيزياء النووية، للترشح من أجل التتويج ونيل مراتب أولى عالميا.

سبق له أن أشرف قبل حوالي عقد ونصف من الزمن، على لقاء علمي رفيع المستوى بتازة في موضوع حول مدرسة ومجال الفيزياء المتقدمة بالمغرب.

إسم مفخرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى للمغرب وللبحث العلمي الوطني ومن ثمة لتازة مسقط رأسه، عالم بمقام وتواضع عال فضلا عن محبة خاصة لمدينته التي يذكر عنها في كل مناسبة، أنها فضلا عن عراقة صخرتها وإرثها وتاريخها، هي ذات فضل وأثر على مساره الدراسي وما بلغه من درجة في مجال البحث العلمي.

وعليه، بقدر ما له من حنين لها بقدر ما هو شغوف بما عليه من دين يقتضي كل جميل رمزي لها ولأهلها وتربتها.

ذلك هو الأستاذ والعالم الفزيائي النووي، بن تازة، عبد السلام حمادة، حفظه الله، الذي التقيته ذات يوم قبل حوالي عقد ونصف من الزمن، ضمن استضافة اذاعية باذخة له آنذاك على أمواج اذاعة فاس الجهوية.

أستاذ باحث بمسار دراسي غني ونبوغ طافح منذ طفولته، بحيث كانت مدرسة مولاي الحسن الابتدائية ذات الزمن الشهير بساحة احراش بتازة العليا (المدينة القديمة)، أول قبلة له قبل التحاقه بسلك الاعدادي ثم الثانوي بمؤسسة بن الياسمين بتازة السفلى.

قبل أن يلتحق بعد حصوله على شهادة الباكلوريا بمدينة الرباط، لمتابعته دراساته الجامعية بكلية العلوم بجامعة محمد الخامس.

قبل أن يشد رحاله صوب الديار الفرنسية لتعميق تخصصه ومساره العالي، حيث جامعة كًرونوبل التي أعد بها دكتوراه السلك الثالث ثم دكتوراه الدولة في فزياء الجزئيات الخاصة بالعلوم النووية.

في علاقة له بمدينته قبل حوالي عقد ونصف من الزمن كما سبقت الاشارة لذلك، نظم عالم الفيزياء النووية عبد السلام حمادة، نشاطا علميا حضره وساهم في تأطير فقراته بفضاء ومساحات فندق فريواطو بالمدينة، والذي حوله الى حفل وعرس فزيائي على امتداد أسبوع ذات ربيع، رفقة باحثين وعلماء ومتخصصين في مجال الفيزياء النووية عن عدة جهات من والعالم.

نشاط علمي ولقاء بسقف دولي غير مسبوق، جاء نبلا ومبادرة منه وعيا بما يمكن أن يسهم به من مزيد اشعاع لتازة التي تستحق في تقديره كل التفات وازن.

علما أن لقاء تازة هذا العلمي تمحور حول تجليات تطورات الفيزياء النووية خلال العقود الأخيرة بل منذ قرن من الزمن، لِما شملها من نظريات جديدة من نسبية وغيرها، تلك اتي قال عنها أنها كانت بغير تكامل ولا تدقيقات تجريبية.

ومن هنا جاء لقاء تازة الذي أشرف على فعالياته وورشاته، تحفيزا منه لباحثين شباب طموحين صوب معارف كونية وما ينبغي من اسهامات تروم تقدم الإنسانية.

هكذا كان موعد تازة بقيادة الباحث عبد السلام حمادة، وقد أثثه باحثون متميزون عن المغرب والجزائر وتونس وفرنسا.. الخ، فضلا عن أساتذة باحثين مؤطرين وعلماء متميزين من المغرب ولبنان والجزائر وتونس وسويسرا وفرنسا وسلوفينيا.. الخ.

حيث التقى بتازة أزيد من مائة مشارك باحث في مجال الفيزياء النووية، في محفل علمي على امتداد أسبوع تبادلوا فيه ما هناك من خبرات، فضلا عن اجراء تكوينات وورشات عمل توجه بعنايته لعلوم الكون من قبيل ما يعرف ب “الأسطرو فيزياء” وغيرها.

ومنها ما يكون مفاجئا للإنسان أحيانا وفي عدة مجالات من قبيل حقل الطب النووي والكشف عن بعض الحالات المرضية، فضلا عما هو بعلاقة مع الشبكات المعلومية.

ولعل منطلق هذا وذاك من الجهد العلمي بتقدير الأستاذ عبد السلام حمادة التازي، هو العلوم الحقة ذات الطبيعة التراكمية التي من جملة ما يطبعها ويميزها الخلود، خلافا لِما يطبع مثلا مجال التكنولوجيا من تغيرات سريعة ومستمرة من فترة لأخرى، مؤكدا على أن العلوم الحقة هي التي تعكس عظمة الكون ومن ثمة عظمة خالق الكون الله تعالى جل جلاله.

أعلام المغرب: الفزيائي النووي الأستاذ عبد السلام حمادة التازي
من أعلام تازة (2)

 

موعد تازة الفزيائي النووي الذي ارتآه بن المدينة عربون محبة وجميل، كان بإيقاع تكوينات عدة في هذا المجال لفائدة طلبة باحثين متخصصين ومعهم أساتذة أيضا، وبالموازاة كانت هناك محاضرات استهدفت تبسيط علوم الكون ومستوى ما بلغته العلوم النووية والجزئيات والمعارف المعلوماتية ذات الصلة.

كل ذلك لم يكن من اجل ما هو علمي فحسب، وإنما أيضا تحسيسا بقيمة العلم في الحياة وتطور المجتمعات ومستوى الحياة، خاصة وأن العالم بات عالم اقتصاد معرفة ومعرفة تكنولوجيا العلوم بامتياز، ومنها علوم الكون وما بلغته من تراكم ورصيد عال.

وأن العلم أيضا هو ما يخدم الانسان والسلام وتقدم الانسانية.

وقد أشار عبد السلام حمادة في حديث له آنذاك قبل حوالي عقد ونصف من الزمن، أن العلوم الفزيائية في أساسها علوم سلمية، لكن استعمالها في مجال السلاح النووي وغيرها من المجالات هو استعمال سيء للإنسانية والبيئة والمجتمعات.

وأبرز أن هذا الأمر هو نتاج ما هناك من خلط بين السياسة والعلم وما بين الدين والعلم، فضلا عن استغلال العلم للضغط على الانسان هنا وهناك من بقاع العالم، وهو ما سمح بحدوث كوارث حقيقية.

وأضاف أن تجاوز ما قد يحدث رهين بالتربية والتكوين وإعطاء القيم الانسانية ما تستحق من مكانة وعناية، مشيرا الى أن الحضارة العربية الاسلامية كانت بما كانت عليه من غنى، مستفيدة من انفتاحها على الآخر.

وأوضح أن حضارة الأندلس كانت نموذجا لثقافة مشترك وسلام وتعدد وانفتاح انساني، وهو ما كان بدور في انطلاقة ما يوجد عليه عالم الغرب حاليا.

وأشار إلى أن ما هناك من مرتكزات جامعة بين بن خلدون وبن باجة وبن طفيل.. وغيرهم، كانت بأثر وبذور أولى لحضارة اليوم عبر مؤسسات الترجمة، علما أن الحضارة العربية الاسلامية استفادت بدورها من إرث سابقاتها من قبيل الحضارة اليونانية.

ولعل من جملة ما أثث موعد تازة هذا من تطلعات وطموحات لفائدة المدينة، ما كان متوقعا إنجازه من ورش مشترك بين جامعة الحسن الثاني كلية العلوم بالدار البيضاء وجامعة مرسيليا وكًرونوبل، والأمر كان يتعلق بإنشاء مرصد بتازة غير بعيد عنها من جهة الغرب حيث باب مرزوقة، لتتبع نشاط النصف الجنوبي من الكون.

وهو الورش المشترك الذي كان موضوع عناية بين المغرب وفرنسا واليونان والبرتغال، من أجل أهداف علمية محضة تخص ما هو بيئي وانساني من قبيل رصد ما هناك من نشاط زلزالي.

وبعيون العالم الفزيائي وحول علاقة الانسان بالكون، أورد الأستاذ عبد السلام حمادة في لقاء تازة أن قيمة الانسان في المكان والزمان لا تساوي شيئا، ولكي يعرف الانسان حقيقته عليه بنوع من الخشوع العلمي والروحي فضلا عن تأمله في الكون ومجرياته وأسراره، وأنه بهذا التأمل قد يجد راحته وسعادته وذاته.

هكذا كانت تازة ذات يوم بموعد علمي نبيل غير مسبوق من هذا الأخير المفخرة حفظه الله، التفاتة منه لمدينة يعترها مدينة عريقة وأرضا طيبة بتاريخ واسع وأعلام وعلماء، مؤكدا على أن بلده هو كل المغرب وكل بلاد المغارب وكل العالم، إنما تازة هي بوقع خاص ومكانة محفوظة في وجدانه وذاكرته بحكم الانتماء.

وأشار إلى أنه مهما قام به صوب مدينته لن يشفي غليله، لِما تستحقه منه ومن جميع أبناءها وكفاءاتها الممتدة هنا وهناك داخل المغرب وخارجه في عدد من المجالات.

ولعلهم جميعهم نتاج تربة تازة البهية التي كانت منطلقهم الأول، وبداية أحلامهم وآمالهم وتطلعاتهم.

وعليه، ما ينبغي،يقول، من التفات رمزي لإرجاع كل جميل لأرض طيبة أنبتت رجالات علم كبار وكذا رجالات دولة وفكر وثقافة وفن وسياسة وغيرها.

التعليقات مغلقة.