تازة: قبيلة كزناية ذلك الجبل والمثلث وملحمة مغرب الاستقلال

عبد السلام انويكًة

كل حديث عن زمن المغرب الوطني. وكل نبش فيه. لا ينتهي بعقد ندوة أو صدور مؤلف/ مذكرات هنا وهناك. كما هو غير خاف عن باحثين رصينين مهتمين. لكون الموضوع وعاء بتجدد. وإغناء مستمر مع كل أرشيف ورؤى ومقاربات جديدة. وإلى حين بيوغرافيات أوسع رافعة حول وقائع الكفاح المسلح من أجل استقلال البلاد. ارتأينا بمناسبة اليوم الوطني للمقاومة الذي يصادف الثامن عشر يونيو من كل سنة. إلقاء إطلالة على مذكرات موسومة ب: ”سيرة ومسار مقاوم ومضاءات مضيئة من تاريخ قبيلة اكًزناية”. ل”عبد الله بن الحسن الزكريتي الجزنائي”. الذي بقدر انتمائه لأسرة مجاهدة شهيرة بهذه القبيلة شمال “تازة”. بقدر ما يعد الوحيد الذي لا يزال حياً يرزق من أعضاء المجلس الوطني المؤقت لقدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير.

 

 

 

ولعل مذكرات الرجل شهادة على فترة دقيقة من تاريخ المغرب الراهن. وقد تناول فيها مسار حياته منذ طفولته. وتعلمه الأولي بمنطقة ”مرج العين” بالقبيلة. قبل انتقاله لمدارس ب”فاس”. وكذا معايشته لمحطات تاريخية عصيبة شهدتها البلاد خلال هذه الفترة. ظروف وغيرها تشبعت عبرها روح “عبد الله بن الحسن الزكريتي الجزنائي” بمبادئ عمل وطني 1948- 1953 بفاس. والتي غادرها سنة 1953 عندما أحس بقرب انطلاق عمليات جيش التحرير بقبيلة “اكزناية”. حيث التحق بأبيه كمساعد أيمن له “أمين سر”. فكان نعم القائد والمستشار لوالده “الحسن بن حموش الزكريتي”. وهما معا من أبطال رجال قبيلة اكًزناية المقاومين الذين يحق الفخر بهم. لِما كان لهم من تضحيات وعمل وطني جبار في سبيل تحرير البلاد ووحدتها.

فبعد 27 أكتوبر 1955 تاريخ وفاة المجاهد “الحسن الزكريتي”، منذ حوالي شهر. على انطلاق عمليات جيش التحرير بالمنطقة، تولى الإبن “عبد الله الزكريتي” قيادة جيش التحرير بقبيلة “اكًزناية”، ليتمركز بمنطقة “أسويل” على رأس خمسة قيادات محنكة متمرسة لجيش التحرير. ولتتوج مساهمته رفقة عناصر فرق جيش التحرير بسلسلة مراكز شمال البلاد. من أجل استرجاع المغرب لاستقلاله. وكانت من مميزاته تعدد مسؤولياته أثناء حركة المقاومة المسلحة وفترة الاستقلال. وهو ما جعله بتجربة واسعة سمحت له بأن يطل على أحداث فترة بعين فاحصة. ومن ثمة رصد وقائع تخص حقبة دقيقة من تاريخ الكفاح الوطني الذي كان في صميم أحداثها وأحد صناعها. ما يسرده في مذكراته بحس وصدق وطني مقتنعاً بأن المقاومة وجيش التحرير لم تكن في يوم من الأيام ملْكاً لأي كان. مهما كَبُر شأنه أو عظُمت شوكته. وأنها مبادئ وأخلاق وإرادة لا يفي برسالتها إلا مؤمنون صادقون. ولا يتحلى بمكارمها إلا مجاهدون صابرون. قيم ظل من أجلها “عبد الله الزكريتي” بمبادئ ثابتة وفياً لوطنيته. ما جعل من كتابه/ مذكراته مرجعاً بقدر كبير من الأهمية والقيمة المضافة للباحثين والمهتمين. وعنوان فخر لقبيلة “اكًزناية”. ولِما يعرف محليا ب”مثلث الموت”.

عن مذكرات “عبد الله الزكريتي الجزنائي”. المهم الإشارة بداية إلى أنه مع كل تفكير في انقضاء زمن بأحداث ما تبدأ إعادة كتابة تاريخ بضغط يحكم ذاكرة ما. ومقابل كل تاريخ شبه ثابت هناك ذاكرة متجددة منفلتة من حواجز زمان ومكان. حيث كثافة معانٍ وثقلُ رموزٍ وحكايات ومنعطفات. وعليه، فإن كل صفح وسؤال نسيان قد يلتقيان في تهيئة ذاكرة ما. وقد ينفصلان حول إشكاليتها عند كل وفاء لماض مشترك.

كل هذا شكل خلفية منهجية يمكن ضمنها ترتيب مذكرات هذا الأخير. وكذا ضمن ما جاء في توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة حول مسألة الأرشيف وكتابة تاريخ البلاد الراهن. عبر إحداث مركز دراسة يتوجه بعنايته لفترة 1955- 1956. إضافة لِما باتت تحاط به الذاكرة الجماعية ورمزيتها عموما كهوية، من أهمية محفزة لعمل بحثٍ من أجل إقبال أكثر على زمنٍ المغرب الراهنٍ. ولعل مسار المقاوم “الحسن الزكريتي” وسيرته برواية ابنه “عبد الله الزكريتي”، كتاب يروم إعادة ترتيب وقائع تاريخية. وهو ما يجعله سيرة ذاتية بأسئلة عدة. حول فترة حرجة بمسالك وتشعبات تهم تاريخ الكفاح المسلح وجيش التحرير بإقليم “تازة”/قبيلة “اكًزناية”. علماً أن مذكرات المقاومين الذين كانوا في الميدان باتت بقيمة عالية لدى الباحثين المهتمين/ لِما تحتويه من حقائق وجزئيات يصعب بلوغها عبر سبل بحث مألوفة.

وإذا كانت مذكرات الأفراد لا تقتصر على وجهات محددة/ فإن التاريخي منها كمقاومة المغاربة للاستعمار يشكل مجالا خصباً لكتابة حول وقائع هامة. هي بمثابة دعوة من أجل سِيَرٍ بقيمة لفائدة ذاكرة جماعية مغربية أقل غموضاً. مثلما في “سيرة ومسار مقاوم“ من تأملٍ فيما كان بأثر في بلورة شخصية “عبد الله الزكريتي الجزنائي”، من طوق أمني استعماري ضُرب على قبيلة “اكًزناية”. وذلك لإحكام السيطرة عليها. وتتبع أحوالها عبر مراكز شؤون أهلية بكل من “أكنول”، “تزي وسلي” و”بورد”. وكذا ما اعتمدته سلطات الحماية من استعلام لإفشال كل عمل مسلح عبر تدخلات استباقية. مستفيدة من أعيان تم انتقاؤهم لمراقبة كل الأنشطة. مستفيدين من امتيازات مادية ومعنوية.

وحول شأن البلاد سياسيا بعد تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. ولمدة خمس سنوات ب”فاس” منذ 1948. أورد “عبد الله الزكريتي” أن فهمه لِما شهده وضع البلاد الداخلي من تطورات سياسية. ارتبطت بزيارة “محمد بن يوسف” لطنجة 1947. وما جرى من تغيير لمقيمين عامين فرنسيين تميزوا بعنفهم تجاه الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة. جعله ينخرط في مظاهرات ب”فاس” إثر أحداث دامية مغاربيةٍ. وإقدام سلطات الحماية على نفي سلطان المغرب إلى “مدغشقر”. مضيفا أنه بعدما اكتسبه من خبرة علمية وسياسية ب”فاس” عاد لمسقط رأسه. في وقت توصل فيه والده برسائل من “بن عبد الكريم الخطابي” تخص ما كانت عليه البلاد من دسائس ومناورات استعمارية. وهو ما استغله لاستقطاب شباب قبيلة “اكزناية” وتحسيسهم بما ينبغي القيام به. قبل بدء تدريبهم سرياً على استعمال السلاح وتحديد الأهداف بدقة وتأمين المعلومة. وفق توجيه من “عبد الكريم الخطيب” و”عباس المساعدي”. اللذين حلا بقبيلة “اكزناية” خريف 1955. واجتمعا هنالك بقيادات المقاومة ضمن مجلس كان يرأسه والده “الحسن الزكريتي الجزنائي”.

ورغم ما أثير من ردود حول عدم كفاية الأسلحة لبدء الكفاح المسلح، يقول “عبد الله الزكريتي” في مذكراته. وقعت أولى الهجمات على مركز “بورد” يوم 2 أكتوبر 1955. وذلك بعدما تحول هذا الأخير إلى قائد ميداني منظم لجيش التحرير. وهو ما كان بأثر قوي على أمن قوات الاحتلال الفرنسي من جهة. وعلى أفق حق المغرب في استقلاله من جهة ثانية. ظرفية حصل فيها إجماع على تكليفه بدور قيادي في جيش التحرير. بعد استشهاد والده باتفاق مع “عباس المساعدي”. ولمعرفته الدقيقة ببيئة قبيلة “اكًزناية” ومسالكها وخبرته القتالية الميدانية. حيث قام باستدراج قوات فرنسية لمجال بمسالك وعرة معتمدا حرب عصابات. قال أنها حولت مواقع عدة من منطقة “كزناية” إلى مقابر جماعية لجنود فرنسيين. ولم يغفل في حديثه عن ملحمة الكفاح المسلح خلال خمسينات القرن الماضي بقبيلة “اكًزناية”. وما أحيط به ممر “تازة” من تتبع استعلامي قبل فرض الحماية على البلاد. على أساس أن احتلال المغرب في قناعة الأطماع الفرنسية. لم يكن ممكناً دون سيطرتها عليه كمجال استراتيجي. وعليه، حرصت القوات الفرنسية على تأمينه بشكل مستعجل مع احتلال “تازة”.

وإلى جانب مساهمة قبائل ممر “تازة” في المقاومة المسلحة الأولى حتى نهاية حرب الريف. تحدث “عبد الله الزكريتي. عما كان لبعض أعيان المدينة وحفظة القران بها من دور في معارضة الظهير البربري 1930. مشيراً لِما كان ل”تازة” من صلة برواد الحركة الوطنية ب”فاس” في شأن وثيقة المطالبة بالاستقلال يناير 1944.

وبعد إقدام السلطات الفرنسية على نفي السلطان “محمد بن يوسف” 1953، تأسس جيش التحرير بشمال المغرب. لينتقل نشاطه لشمال “تازة” حيث قبيلة “اكًزناية”. وذلك للتمرس على مقاومة الاستعمار الفرنسي بجبالها. مؤكداً أن “تازة” شكلت محوراً لتنقل قيادات المقاومة بين كل من “الرباط”، “بني توزين” و”وجدة”. إضافة ل”مليلية”، “الجزائر” وتونس وغيرها. وذلك بغاية توفير السلاح قصد بدء الهجمات. مشيراً لكيفية التحاق بعض رواد المقاومة بإقليمي “الناظور” و”تازة” لتكوين فرق جيش التحرير أواخر 1954. وهو ما تمكنوا منه بحصولهم على ذخيرة كافية عبر باخرة “دينا” عام 1955. مؤكداً أن تدريب خلايا جيش التحرير تم اعتماداً على خبرة من شاركوا في حرب الريف وحروب الهند الصينية. وعلى جنود مغاربة فروا من ثكنات القوات الفرنسية. وإنما أساساً على سرية عمل مجموعات كانت تحت قيادة مدنية. وأخرى عسكرية تكلفت بالتدريب على حمل السلاح وحرب العصابات. مشيراً لِما سُجل ب”مثلث الموت” الشهير بقبيلة “اكًزناية” شمال “تازة” من عمل فدائي قوي. حيث مركز “بورد”، “تزي وسلي” و”أكنول”. أين تم البدء بقطع خطوط اتصال لعزل المنطقة نهائياً قبل تنظيم هجوم على ثكنة “بورد” والاستيلاء على ما كان بها من أسلحة ومعدات وذخيرة.

ويذكر “عبد الله الزكريتي الجزنائي” في مذكراته. أن ما كُتب حول تأسيس جيش التحرير بحاجة لتجرد وجدية وموضوعية وحياد أكثر. خاصة وأنه تجاهل علاقة جيش التحرير ب”محمد بن عبد الكريم الخطابي” الذي قام بدور هام من منفاه ب”مصر”. وذلك من خلال تأسيسه ل”لجنة تحرير المغرب العربي” نهاية 1947. وإصداره وثيقة التحرير في يناير 1948. وإعلانه خطة حرب تحرير منذ مارس 1949. تلك التي تضمنت توجيهات همت مجال القتال. وحجم ما يوجد بحوزة القوات الاستعمارية. فضلا عن سبل استمالة من كانوا في ثكنات القوات الفرنسية. وكذا عملية التدريب حول كيفية الاحتماء من القصف وحفر الخنادق وغيرها. وكان “محمد بن عبد الكريم” قد ركز في تكوينه لجيش التحرير من منفاه بالقاهرة، يقول عبد الله الزكريتي. على من شارك في حرب الريف وحرب فلسطين. ومن كان بثكنات القوات الفرنسية من المغاربة. مشيراً الى أنه التقى بوفد عن قبيلة “اكًزناية” عام 1952. كان من بينهم القائد “امحند الخولالي” و”علي التخسي” والقائد “المدبوح” و”اعبابو”. إضافة ل”محمد بنعلال”و”عبد السلام حدوش”. حيث تشكلت أولى خلايا جيش التحريرعام1951. وأن رواد جيش التحرير كانوا في غالبهم جنوداً وقادة حاربوا تحت إمرة “محمد بن عبد الكريم”. وظلوا مستلهمين لثورته. ومنهم القائد السابق في الجيش الاسباني “امحندخولالي أكزناي”، “عبد القادر اشتاتو” و”الحسن الزكريتي”. إضافة ل”محمد بن عمر أختو” و”عبد العزيز أقضاض” عن قبيلة “اكًزناية”. مع أهمية الاشارة لِما ورد حول بعثة من أربع رجال أرسلهم “الحسن الزكريتي” للقاء زعيم حرب الريف. وذلك في إطار الإعداد للكفاح المسلح تمهيدا لعمليات جيش التحرير في 2 أكتوبر 1955. والتي شكلت قطيعة بين أسلوب المهادنة وبين العمل المسلح الميداني.

وقد حسم “عبد الله الزكريتي” في كون مركز “الناظور” شكل نقطة انطلاق تنظيمات جيش التحرير. متحدثاً عن سبل تدبير التموين بالسلاح. وعن مهام قائد “الرحى” وقائد “المائة” إضافة لرئيس فرقة. وكذا عن نداء لمن كان في صفوف القوات الفرنسية من المغاربة. وعن مناطق عسكرية محددة شملت “تزي وسلي”، “بورد” و”أكنول”. إضافة ل”بوزينب”، “مرموشة” ثم بوسكورة. وإلى جانب التكوين والتدريب على حمل السلاح، تمت الاشارة إلى أن قبيلة “اكًزناية” كانت بثلاث مناطق حربية. وفق تنظيم عسكري محكم. وانضباط تقيد به رجال المقاومة. مع تركيز على حرب عصابات في التدريب. خاصة عنصر السرعة والهجوم والهروب والتطويق واختيار التوقيت والمكان المناسب للعمليات ليلا أو نهاراً. وحول سلاح المقاومة ومصدره. وردت جزئيات دقيقة همت مسألة الاتصال والتنقل من أجل هذه الغاية بين عدة أماكن ومدن بواسطة عدد من الرجال. إلى حين وصول سفينة “دينا” لساحل “كبدانة” ب”الناظور” بداية مارس 1955. وقد كانت محملة بأسلحة موجهة للمجاهدين المغاربة والجزائريين. ثم سفينة “النصر” بنفس المكان لاحقاً خلال نفس الفترة. وأنه عبر دفعتين دخل السلاح لقبيلة “اكًزناية” شمال “تازة”. وفق ما أشار إليه “عبد الله الزكريتي الجزنائي”. متحدثاً عمن كان تحت إمرته من قيادات. وقد خصص لكل واحدة منها ورقة تعريفية. أبان فيها ما تعلق بخبرتها العسكرية ومشاركاتها الميدانية وتاريخ التحاقها بجيش التحرير وانتماءاتها مجالياً وأسرياً. وحول إعداد هجمات كل من مركز “تزي وسلي”، “بورد” و”أكنول”. حيث أشار لِما تم إغفاله في كتابات سابقة من وقائع لا يزال يلفها الغموض. قبل أن يعرض لعلامات أساسية طبعت هجمات مركز “بورد” وفق معطيات أكثر دقة. كما تم جرد معارك جيش التحرير سواء بقبيلة “اكزناية” أو جوارها. من خلال تعريف دقيق ورد فيه الزمن والمكان والعدة والهدف والاشتباك والنتائج. وكانت بحوالي عشرين معركة حصلت ما بين ثاني وسابع عشر أكتوبر 1955.

وعما عاشته الجالية الأوربية ب”تازة” ومحيطها من قلق وخوف بسبب عمليات جيش التحرير. أشار “عبد الله الزكريتي”. لاغتيالات واختطافات شملت مقاولين وجنودا ومعمرين زراعيين فرنسيين. وكذا هجمات ومراكز حراسة وقطارات وسيارات مدنية وعسكرية. مع ما حصل من إعلان لحضر التجوال ب”تازة” فيما بعد، خلال فبراير 1956. دون إغفال حادث مقتل قائد غياتة “ادريس المجاطي” وابنه. وما تعرض له عامل “تازة” آنذاك “محمد الخياري” من إصابة إثر نفس الهجوم. الذي قال عنه أنه عمل فدائي حصل خارج “مثلث الموت”. مشيراً لِماَ أسهمت به المرأة في ملحمة المقاومة ضمن جيش التحرير بمجال قبيلة “كزناية”. وما قامت به من تمرير وإخفاء للأسلحة وحمل للمؤن لفائدة معتقلين ومقاومين. وكذا نقل للخبر وطبخ للطعام وسقي للماء وتضميد لجراح المصابين. وأن منهن من سقطن في معارك كما بالنسبة للشهيدة “فاطمة يتيوي” الجزنائية. ومن اشتغلن تحت إمرته. كما بالنسبة ل”ميمونة مفتوح بنت محمد”، و”الصغيرة حدومة” و”حسني ميمونة” وغيرهن من نساء هذه الملحمة.

ويذكر “عبد الله الزكريتي” أن “مثلث الموت” الذي شغل الرأي العام الفرنسي. شهد أزيد من خمسين هجوماً وحوالي خمسمائة قتيل في صفوف القوات الفرنسية. وتسعين شهيداً عن جيش التحرير. مضيفا أنه ورغم عودة ملك البلاد من منفاه ظلت غارات القوات الفرنسية مستمرة على قبيلة “اكًزناية”. واضعا جدولا لوقائع المنطقة بترتيب شمل فترة ما بين أكتوبر 1955 ومارس 1956.معتبرا لقاء “تلامغشت”، بين ولي عهد المغرب آنذاك وفرق جيش التحرير في 2 يوليوز 1956. لقاءً تاريخياً جمع قيادات منطقة “بورد”، “تزي وسلي” وأكنول. إضافة ل”مغراوة”، “صاكا” و”بني يزناسن”. وكذا “بني وراين” وناحية “فكًيكً”. وقد تضمن خطاباً سامياً تم فيه إعلان انضمام جيش التحرير للقوات المسلحة الملكية.

تبقى مذكرات ”سيرة ومسار مقاوم ومضاءات مضيئة من تاريخ قبيلة اكًزناية”، ل”عبد الله الزكريتي”. ذات أهمية معبرة لِما أبرزته من نقاط تخص ملحمة الكفاح المسلح من أجل الاستقلال بقبيلة “اكًزناية”. وكذا من معاقل قتال حيث خاض جيش التحرير معاركه ب”مثلث الموت” الشهير. فضلاً عما جاء فيها من أزمنة ثلاث تخص وعي “عبد الله الزكريتي” الوطني. حيث الشاب الهادئ ثم الراشد الواعد ثم المكتمل المفتخر بما كان عليه. وما كانت عليه قبيلته “كزناية” تجاه الوطن. مذكرات بمائتي وخمسين صفحة جاءت معززة بوثائق جمعت بي صور ورسائل وجداول وغيرها. وكذا بتقديم للأستاذ “ميمون مارسي” أورد فيه: أنه إذا كان التاريخ بأثر على أخلاق الأمم لِما يحتويه من بطولات واسهامات رمزية وأثر. فإن أعمال من كانوا بفضل في استقلال المغرب وتحريره من الاستعمار. تعد درساً في الوطنية والمواطنة لفائدة من هو مدعو لحمل المشعل من الناشئة.

 

 

مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث

التعليقات مغلقة.