أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

3 ملاحظات أولية حول مقتطفات مشروع القانون عدد 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البت المفتوح والشبكات المماثلة

بقلم ذ.مروان اغرباوي – محام.
تداول رواد شبكات التواصل الاجتماعي مساء يوم 27/04/2020 بعض مقاطع مشروع القانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البت المفتوح والشبكات المماثلة، لا سيما المقاطع المتعلقة بفصول الأفعال التي يجرمها مشروع القانون المذكور والعقوبات المقررة لها، وهي كالاتي :
ـ الدعوة عمدا إلى مقاطعة بعض المنتوجات أو البضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض علانية على ذلك.
ـ تحميل العموم عمدا أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها.
وعقوبة هذه الأفعال هي الحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 5000 إلى 50.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط. ( المادتين 14 و 15).
ـ نشر أو ترويج عمدا محتوى إلكتروني يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا وخطرا على الصحة العامة والأمن البيئي.
وعقوبة هذه الأفعال هي الحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 2000 إلى 20.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط (المادة 18).
وبطبيعة الحال فهذه المقتضيات التي يتضمنها مشروع القانون هذا، خلقت جذلا واسعا وغضبا كبيرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي على اعتبار أنها تحد بشكل كبير من حق دستوري مضمون وهو الحق في التعبير بكل حرية، فما هي أهم الملاحظات الأولية حول هذا المشروع ؟
الملاحظة 1 :
من الواضح أن المقتضيات الزجرية المشار إليها والتي يتضمنها مشروع القانون 22.20 تتعارض مع الفقرة 2 من الفصل 28 من الدستور المغربي والتي جاء فيها صراحة : ” للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة”.
إذن الدستور يضمن الحق في التعبير بكل حرية وقيد ذلك بالاستثناءات الواردة في القوانين بشكل صريح، وبطبيعة الحال هذه القوانين لا يجب أن تُـفرغ المقتضيات الدستورية من محتواها، بإصدار قوانين مماثلة لما هو مضمن في مشروع القانون المذكور و المتداول في مواقع التواصل الاجتماعي.
الملاحظة 2 :
في حالة ما إذا أحالت الحكومة هذا المشروع على البرلمان و تمت مناقشته والتصويت عليه ونشره في الجريدة الرسمية على حالته، فإن الدستور يمنح آلية قانونية للتصدي إليه وهي الدفع بعدم دستورية هذا القانون كما ينص على ذلك الفصل 133 من الدستور : ” تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، أثير أثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون، الذي سيطبق في النزاع، يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور.
يحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل”.
لكن هذه الآلية تبقى معطلة لحدود الآن نظرا لعدم صدور القانون التنظيمي بعد، وإنما هناك فقط مشروع قانون تنظيمي عدد 15.86 والذي أصدرت بشأنه المحكمة الدستورية قرار عدد 18/70 بتاريخ 6 مارس 2018 صرحت بموجبه بعدم مطابقة مجموعة من مواده للدستور.
لذا وجب على الحكومة التسريع في ملائمة هذا القانون التنظيمي مع الدستور و إحالته على المحكمة الدستورية للتصريح بمطابقته للدستور قبل عرضه على البرلمان للمناقشة والتصويت، بدل الانكباب على وضع قوانين لإرضاء بعض المؤسسات الاقتصادية والمالية على حساب الحقوق الدستورية.
الملاحظة 3 :
بالنسبة لجنحة نشر أو ترويج محتوى إلكتروني يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا وخطرا على الصحة العامة والأمن البيئي، وهي الجنحة المنصوص عليها في الفصل 18 من مشروع القانون المذكور كما تم تداوله عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فإن الملاحظ هو أن واضعي هذا المشروع لم ينتبهوا إلى أن الافعال المُشَكِلَة لهذه الجنحة سبق التنصيص عليها في الفقرة الأولى من المادة 72 من القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر و ذلك بشكل صريح كالآتي : ” يعاقب بغرامة من 20.000 إلى 200.000 درهم كل من قام كل من قام بسوء نية بنشر أو إذاعة أو نقل خبر زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلفة أو مدلس فيها منسوبة للغير إذا أخلت بالنظام العام أو أثارت الفزع بين الناس، بأية وسيلة من الوسائل ولاسيما بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات … وإما بواسطة مختلف وسائل السمعية البصرية أو الالكترونية وأية وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية”.
هذا التداخل بين النصوص القانونية من شأنه المساس بمبدأ الأمن القانوني الذي يفرض إصدار قوانين واضحة وصريحة ومتناسقة ومتكاملة مع بعضها البعض و غير متداخلة فيما بينها.
إذن من خلال الملاحظات الأولية على مقتطفات مشروع القانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البت المفتوح والشبكات المماثلة كما تم تداوله من طرف رواد شبكات التواصل الاجتماعي، نخلص إلى أن واضعي هذا المشروع لم يتوفقوا في تقديم نص قانوني يتلائم مع الدستور من جهة و مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان من جهة ثانية، بل الأكثر من ذلك فالتستر على هكذا مشاريع قوانين وعدم عرضها على النقاش العمومي يطرح أكثر من علامة استفهام لا سيما في الظرفية الصحية الحالية التي يمر منها المغرب و العالم على حد سواء، والتي تفرض الانكباب على وضع خطط واستراتيجيات لما بعد الرفع التدريجي للحجر الصحي و كيفية إنعاش الاقتصاد الوطني و دعم القطاعات الأكثر تضررا، بدل محاولة تمرير نصوص قانونية أقل ما يقال عنها أنها غير دستورية.

التعليقات مغلقة.