تزامنا وسياق وطني يتميز بحالة من الاحتقان الغير المسبوق داخل قطاع التربية الوطنية، كشفت نتائج استطلاع حديث نشره المركز المغربي للمواطنة، أن جل المغاربة يُقرون بأهمية مهنة التدريس بالنسبة للمجتمع ويُؤكدون الحيف الذي تعانيه هذه الفئة، خاصة فيما يتعلق بالعدالة الأجرية. ويطالبون بضرورة استجابة الحكومة لمطالبهم المشروعة.
وكشفت بيانات الاستطلاع أن ليس جودة المحتوى التعليمي الذي يُقدمه القطاع الخاص هو العامل الرئيسي الذي يُحدد اختيار المغاربة له، بل الخدمات التي يُقدمها هذا القطاع والتي تلبي بشكل أساسي انتظارات الآباء والأمهات هي من يدفعهم لذلك. ومن بينها التوقيت الملائم للآباء والأمهات، وتوفير وسائل النقل، وتوفير الحماية للتلاميذ من البيئة الخارجية، وحراستهم حتى وصول الآباء، وإدارة فعالة لمشكلة الاكتظاظ، وغيرها من الجوانب.
وفي السياق ذاته، كشفت بيانات الاستطلاع الذي أجري في الفترة ما بين 25 و28 نونبر 2023، وشاركت فيه عينة تقدر ب 12.138 مشاركة ومشارك يمثلون جميع جهات المملكة ومغاربة العالم، أن نساء ورجال التعليم، وعلى غرار باقي المغاربة، يميلون إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة بدلاً من المدارس العمومية. “مما يكرس واقع تزايد فقدان الثقة في التعليم العمومي على حساب الخصوصي، رغم النواقص الكثيرة التي يعاني حتى هذا الاخير”.
ويرى 12.6 % من المشاركات والمشاركين في الاستطلاع أنَّ الجودة هي المحدد الذي يدفع المغاربة لاختيار القطاع الخاص. بحيث أن هناك عوامل أخرى من قبيل: التوقيت المعتمد يناسب انتظارات الأمهات والآباء (41,7 % من المشاركين يرون ذلك) – التوجه العام للمجتمع ( 36 %) – فقدان الثقة في التعليم العمومي (33,8 %) – خدمة النقل ( 31,4 %) – وجودة التعليم الخصوصي تأتي في المرتبة الخامسة (12,6 %).
كما كشف الاستطلاع والذي شارك فيه 9.553 أستاذ وأستاذة، أن 58,2 % من المشاركات والمشاركين يدرس أبنائهم في القطاع العمومي، و19,8 % في القطاع الخاص. في حين أن 20,4 % انتقل أبنائهم الى التعليم العمومي بعد بداية في القطاع الخاص.
ويرى المشاركون أن التحديات التي تواجه الأسر في التعليم الخصوصي تتمثل في: ارتفاع الواجبات الشهرية (83.8 % من المشاركين يرون ذلك) – ارتفاع تكاليف اللوازم والمقررات (77.4 %) – إرهاق التلاميذ بالأعمال المنزلية (56.3 %) – زيادة الواجبات بشكل مستمر بشكل أحادي (55.2 %) – قوانين تنظيمية تحمي أصحاب المؤسسات على حساب الأسر (40.7 % ) – ضعف المراقبة الإدارية للمؤسسات الخاصة من قبل القطاع الوصي (35.1 %) – ضعف تأثير جمعيات الأمهات والآباء ( 30,8 % ).
وعلى صعيد آخر، قال 73,1 % من المشاركات والمشاركين إن أبنائهم لا يستفيدون من دروس الدعم، و16,5 % يستفيد منها عن طريق اللجوء للخواص، في حين أن 3,7 % تقدم لأبنائهم بالمجان.
وقال المركز المغربي للمواطنة ومن خلال خلاصات الاستطلاع أن هناك العديد من الظواهر والممارسات السلبية التي تحد من فعالية ونجاعة التعليم العمومي منها: الاكتظاظ (94,9 % من المشاركين يرون ذلك) – نقص الوسائل الديالكتيكية (90,1 %) – مناهج معتمدة غير فعالة (84,7 %) – فضاءات التدريس غير ملائمة (82,4 %) – الغش وضعف المراقبة (25,7 %) – عدم إيلاء الاهتمام الكافي للتلميذ ( 21 %) – ضعف المستوى التدريسي للأستاذ (12,8 %).
كما يعتبر 80,3 % من المشاركين من خارج نساء ورجال التعليم أن مهنة التعليم هي الأكثر أهمية للمجتمع مقارنة مع المهن الأخرى المقترحة في الاستطلاع (مهن الممرض، والموظف الإداري، وموظف بالضرائب، وإطار بالمكتب الوطني للماء والكهرباء). في حين يرى 97,7 % من المشاركين يرون أن نساء ورجال التعليم يعانون من حيف وتمييز بسبب هزالة الأجور مقارنة مع نظرائهم في الوظيفة العمومية.
و أظهر الاستطلاع أن 94,2 % من المغاربة الغير المنتمون للأسرة التعليمية، يطالبون بضرورة تحسين أجور نساء ورجال التعليم. وبنسبة تصل إلى 88.3 %، يرى المشاركون أن مهنة التدريس صعبة ولا يمكن أن يقوم بها أي فرد، ويشددون على أهمية اختيار الشخص المناسب كخطوة أساسية لنجاح الإصلاح.
فيما يخص اعتماد اللغة الأجنبية الثانية، يفضل 89,6 % من المشاركات والمشاركين اللغة الإنجليزية تم الفرنسية ب 6,2 %.
وأكد 81,5 % من المشاركات والمشاركين أنهم لا يثقون في الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة ومدى قدرتها على تحقيق النتائج المنتظرة فيما يخص إصلاح التعليم. ويرى 96.1 ٪ منهم أن السبب الرئيسي الذي أدى الى الاحتقان الحالي الذي تعرفه الشغيلة التعليمية هو الحيف الذي يعاني منه نساء/رجال التعليم فيما يتعلق يالأجور.
كما يرى 81.3 ٪ منهم أن أسباب ذلك راجع لإخلال الحكومة بالتزامات برنامجها الحكومي، و80 ٪ يعزون ذلك لإدارة غير فعّالة للملف من طرف وزارة التربية الوطنية و74,5 ٪ لتدبير غير فعّال للحوار الاجتماعي من طرف الحكومة، و59.2 ٪ لضعف التواصل الحكومي، و 42.5 ٪ لإقرار الحكومة زيادة في أجور أساتذة التعليم العالي دون نساء/رجال التعليم و10.9 ٪-لاستغلال بعض الهيئات للتنسيقيات لتعزيز حضورها الميداني.
ويرى 96,6 % من المشاركين في الاستطلاع المذكور أن على الحكومة سحب المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي فطاع التربية الوطنية. كما يرى 93,9 % منهم أنه يجب اشراك التنسيقيات في الحوار الاجتماعي القطاعي رغم عدم الاعتراف القانوني بهم كمؤسسات. فيما لا يعتقد 76,6 % من المشاركات والمشاركين بوجود إرادة من طرف الحكومة لإيجاد حل يرضي نساء ورجال التعليم.
وفيما يتعلق بنساء ورجال التعليم المشاركين في الاستطلاع، يرفض 79,3 % منهم العودة الى المدرسة من أجل إعطاء فرصة جديدة للحوار الاجتماعي، في حين أن 57,8 % من باقي المشاركين مع هذا الرأي. و عبر 76,9 % منهم عن عدم ثقتهم بالنقابات التعليمية.
التعليقات مغلقة.