أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

المطهرات تقضي على فيروس كورونا

إعداد مبارك أجروض

أظهرت الاختبارات التي أُجريت على محاليل التطهير المختلفة، أن المطهرات التي تحتوي على مركبات “الإيثانول” (تركيز 6-71%) أو “بيروكسيد الهيدروجين” (تركيز 0.5%) أو “هيبوكلوريت الصوديوم” (تركيز 0.1%) فعالة ضد فيروسات الكورونا. ووفقاً للدراسة، فإنه إذا جرى تطهير الأسطح والمناطق الملوثة بالعدوى بالتركيزات المناسبة لهذه المطهرات، فإنها تقلل من أعداد فيروسات كورونا المعدية من مليون جسيم مُمْرِض إلى 100 فقط في غضون دقيقة واحدة.

لقد أثار هذا الفيروس حالةً من الرعب والفزع حول العالم، بعد أن اجتاح ما يقرب من 30 بلدًا ومنطقة في قارات مختلفة، وتخطت حالات الإصابة به 45 ألف شخص، مات من بينهم أزيد من 20000 فرد حتى اليوم، معظمهم في الصين، التي اندلع فيها المرض نهاية ديسمبر الماضي. وحتى اللحظة، لا يزال العالم عاجزًا عن التوصل إلى لقاح أو عقار فعّال للوقاية أو العلاج منه، لذا تبقى التوصيات وتدابير التحكم في انتشار العدوى الملاذ الوحيد والآمن حتى الآن لمنع انتشار عدوى فيروس “كوفيد 19”. ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن فيروس “كوفيد 19” هو سلالة جديدة من ‏الفيروس لم يسبق اكتشافها لدى البشر، وتنتمي إلى عائلة فيروسات كورونا، وهي فصيلة واسعة الانتشار، تسبب ‏أمراضًا تتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى الأمراض الأشد حدةً، مثل‏ ‏متلازمة الشرق الأوسط التنفسية التي يطلق عليها “كورونا” الشرق الأوسط، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد السارس.

وصنفت المنظمة المرض باعتباره “طارئة صحية تهدد الصحة العامة”. وكان المدير العام للمنظمة قد قَبِلَ النصيحة المقدمة من لجنة الطوارئ المعنية باللوائح الصحية الدولية لإعلان “فاشية كوفيد 19 طارئة صحية عامة تسبب قلقًا دوليًّا”. ووفق بيان صادر عن المنظمة، تُمثِّل فاشية فيروس كورونا اليوم مشكلة دولية تهدد الصحة العامة، ولا يعود السبب في ذلك إلى ما يحدث في الصين فقط. بل هي مبعث قلق بسبب الخطر الذي تُمثِّله على البلدان الأخرى، لا سيّما البلدان ذات النُّظُم الصحية الضعيفة.

وينتقل “كوفيد 19” عادةً لدى البشر من إنسان إلى آخر، في أثناء فترة حضانة الفيروس التي تبلغ 14 يومًا، عبر الرذاذ الملوث، أو الأيدي الملوثة، أو السطوح الملوثة بالفيروس. لكن ما هو الوقت الذي يستغرقه “كوفيد 19” على الأسطح مثل مقابض الأبواب أو طاولات الأسرة في المستشفيات؟ وما الأساليب الفعّالة التي يمكن استخدامها لتطهير هذه الأسطح، وقتل الفيروس لوقف انتشاره بشكل فعال؟ أسئلة مهمة أجابت عنها دراسة مرجعية، أجراها باحثون بمستشفى جامعة جرايفسفالد وجامعة الرور في ألمانيا، ونشروا نتائجها، في 6 فبراير الجاري بدورية “جورنال أوف هوسبيتل إنفكشن”.

من جانبه، قال البروفيسور جونتر كامبف، من معهد الصحة والطب البيئي في جامعة جرايفسفالد، وقائد فريق البحث: “نظرًا لعدم توافر علاجات محددة لفيروس “كوفيد 19″، سيكون الاحتواء المبكر والوقاية من الانتشار ضروريين لوقف التفشِّي المستمر للمرض، والسيطرة على هذا المرض المعدي”. وعن طرق انتشار الفيروس، أضاف لـ”للعلم” أنه “يمكن أن ينتشر عن طريق الأيدي والأسطح الملوثة بالعدوى، والتي يجري لمسها بشكل متكرر. في المستشفيات، يمكن أن تكون مقابض الأبواب، على سبيل المثال، بالإضافة إلى لوحات مفاتيح الهواتف الثابتة، وطاولات وإطارات الأسرّة وغيرها من الأشياء الموجودة في محيط المرضى، والتي غالبًا ما تكون مصنوعةً من المعدن أو البلاستيك”.

وتابع: “ركزنا في دراستنا المرجعية على دورة حياة الفيروس على الأسطح الملوثّة، وطرق مكافحة العدوى عبر المطهرات التقليدية المختلفة، في محاولة لاحتواء انتشار المرض، الآخذ في الازدياد حول العالم”. “كامبف” أشار إلى أن الدراسات السابقة، ركزت على النسخ المختلفة لفيروس كورونا التي ظهرت بداية من عام 2003، وكانت النتائج متشابهة من حيث الانتشار وطرق مقاومة العدوى على الأسطح الملوثة، لذلك نفترض أن تنطبق هذه التوصيات على النسخة الجديدة من الفيروس؛ لأنه ينتمي إلى العائلة نفسها من “كورونا”. ونوه بأن “انخفاض درجة حرارة الجو، وارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء يزيدان من عمره على الأسطح، وهو ما ينطبق على “سارس” و”كورونا” الشرق الأوسط”.

وللوصول إلى نتائج هذه الدراسة المرجعية، راجع الفريق نتائج آخر 22 دراسة أجريت في هذا الإطار، لتحديد الوقت الفعلي لمكوث عائلة “كورونا” على الأسطح التي لا يتم تطهيرها باستمرار، وكذلك الاستراتيجية الفعالة لمكافحة الفيروس، عبر عوامل الإبادة البيولوجية باستخدام المطهرات الكيميائية التي تقتل الفيروس، خاصةً في مرافق الرعاية الصحية. واكتشف الباحثون أن فيروس “كورونا” المستجد، مثل فيروس (سارس)، ومتلازمة (MERS) يكن أن يظل نشطًا ومُعديًا على الأسطح المعدنية أو الزجاجية أو البلاستيكية الملوثة بالعدوى لمدة تصل إلى 9 أيام في المتوسط في درجة حرارة الغرفة التي تتراوح بين 15 و20 درجة مئوية في المتوسط. لكن في المقابل، إذا انخفضت درجة حرارة الأسطح الملوثة إلى 4 درجات مئوية يمكن أن يظل الفيروس نشطًا حتى 28 يومًا، في حين تنخفض درجة العدوى إذا تراوحت حرارة الأسطح بين 30 و40 درجة مائوية.

أما بالنسبة للمطهرات الفعالة للقضاء على الفيروس، فقد أظهرت الاختبارات التي أُجريت على محاليل التطهير المختلفة، أن المطهرات التي تحتوي على مركبات “الإيثانول” (تركيز 6-71%) أو “بيروكسيد الهيدروجين” (تركيز 0.5 %) أو “هيبوكلوريت الصوديوم” (تركيز 0.1 %) فعالة ضد فيروسات الكورونا. ووفقًا للدراسة، فإنه إذا جرى تطهير الأسطح والمناطق الملوثة بالعدوى بالتركيزات المناسبة لهذه المطهرات، فإنها تقلل من أعداد فيروسات كورونا المعدية من مليون جسيم مُمْرِض إلى 100 فقط في غضون دقيقة واحدة. في المقابل، أظهرت الاختبارات أن هناك محاليل تطهير أخرى أثبتت أنها أقل فاعليةً في مكافحة عدوى “كورونا”، وهي مركبات “كلوريد البنزالكونيوم” (تركيز 0.05-0.2%) ومركبات “كلورهيكسيدين دي جلوكونات” (تركيز 0.02%).

من جانبه، قال سامي قاسم، أستاذ الفيروسات المساعد بكلية الطب البيطري بجامعة كفر الشيخ، واستشاري الفيروسات بوزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة العربية السعودية، ومسؤول ملف “كورونا” الشرق الأوسط في الإبل بالمملكة: إن كورونا المستجد من عائلة الفيروسات التي لها غشاء دهني وتتأثر بشدة بالمطهرات، لذلك من السهل جدًّا القضاء عليها بالمطهرات، مثل المياه والصابون والكحول والإيثانول ومياه الأكسجين وغيرها من المطهرات، إذ إن المطهرات أيًّا كان نوعها تؤثر على هذا الفيروس وتقلل من تركيزه على الأسطح، لكن يفضل أن تكون بتركيزات مناسبة؛ حتى تقضي تمامًا على الفيروس. وأضاف في حديث لـ”للعلم”، أنه من واقع التجربة، فإن معدلات انتقال “ميرس” كورونا أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، انحسرت في السعودية بشكل كبير، بفضل عاملين مهمين: أولهما الجانب التوعوي بالمرض، وثانيهما السيطرة على العدوى في المستشفيات عبر اتخاذ التدابير اللازمة من قِبَل الطواقم الطبية التي تتعامل مع الحالات المصابة بالمرض.

وعن تاريخ المرض، أوضح أن عائلة “كورونا” كانت من الفيروسات “المسالمة” التي تصيب الحيوانات فقط، وإذا أصابت الإنسان فإنها تُحدث أعراضًا تنفسية بسيطة، أشبه بدور برد خفيف، وذلك حتى عام 2003، الذي شهد أول انحراف وتحوُّر لعائلة “كورونا” في العالم، ليظهر في نوع جديد يسمى “سارس”، ثم ظهر بعده “ميرس” كورونا بالسعودية عام 2012، ثم مؤخرًا كورونا المستجد في الصين. وعقد “قاسم” مقارنةً بين نسب الإصابة والوفيات بالأنواع الثلاثة المميتة لفيروس كورونا بعد تحوُّره، مشيرًا إلى أن “سارس” الذي بدأ في فبراير 2003 بالصين وانتقل منها إلى 27 دولة حول العالم، أصاب 8098 حالة، وتوفي بسببه 774 إنسانًا، واستمر تقريبًا عامًا ونصف، وكانت نسبة الوفاة إلى الإصابة 9.8% تقريبًا، وهذا معدل عالٍ جدًّا لعائلة فيروسات كانت “مسالمة” تحورت لتصبح “قاتلة”.

وأضاف أن النسخة الثانية من فيروسات كورونا المتحورة -أو ما عُرف بـ “ميرس” كورونا-ظهرت أول حالة إصابة بها في مدينة جدة السعودية عام 2012، ووصل عدد الحالات المصابة، حتى الآن، 2994 شخصًا، في حين بلغت الوفيات بسبب المرض 858 شخصًا، وبذلك يصل معدل الوفيات إلى الإصابات 34%، وهو معدل مرتفع للغاية. أما كورونا المستجد فقد أصيب به حتى الآن 45.171 شخصًا، ومات بسببه 1.115 شخصًا، وبذلك يبلغ معدل الوفيات إلى الإصابات (حتى نشر التقرير) حوالي 2.46%، وهو معدل وفيات منخفض نسبيًّا، لكن يظل معدل الانتشار مرتفعًا للغاية، مقارنة بالنسختين السابقتين للفيروس.

وعن سبب الانتشار الكبير لكورونا المستجد، مقارنةً بالنسختين السابقتين، قال “قاسم”: إن الفيروس حديث نسبيًّا، ولم تتوصل الأبحاث التي أجريت عليه حتى الآن إلى معرفة السبب وراء سرعة انتشاره، لكن المعلومات المتوافرة عنه حتى اللحظة تفيد أن 76% من الحمض النووي للفيروس الجديد يتشابه مع فيروس “سارس”، كما أن 99% من جينوم الفيروس يتطابق مع الخفافيش، كما حددوا أن بؤرة الفيروس، في مدينة ووهان الصينية، كانت سوقًا للحيوانات الحية، بما فيها الخفافيش وآكل النمل وغيرها، إذ ظهرت 31 عينة إيجابية للفيروس الجديد من مجموع 33 عينة أُخذت من السوق.

التعليقات مغلقة.