عبد السلام انويكًة
يحتفل المغرب خلال شهر ماي من كل سنة باليوم الوطني للموسيقى، مناسبة للمهتمين والفاعلين والباحثين في المجال لقراءةما هو كائن من وضع وما تحقق هنا وهناك من اسهامات عبر مؤسسات وأفراد ومكونات شريكة وغيرها، مع ما يقتضيه الأمر من تطلعات ورهانات ضمن أوراش استشرافيةواعدة ورافعة. فضلاً عما لهذا الموعد الاحتفائيالربيعي أيضاً من أهمية في بلورة سبل ارتقاء بأحوال الموسيقي والموسيقيين وانتظاراتهم من خلال ثقافة وفعل ثقافي بوقع وموقع أكثر التفاتا وانصاتا من قبل جهات وصية وشركاء معنيين.
وبهذه المناسبة كثيرا ما تكون المعاهد الموسيقية على موعد مع جملة انشطة وتفاعلات وعياًبأهميته هذه المحطة على أكثر من مستوى، فضلاً عما يمكن ان يسهم به المجتمع المدني منبادراتتستحضررمزية وأبعاد اليوم الوطني للموسيقى من خلال برنامج احتفاء بالوعي الموسيقي الوطنيكمكون حيوي في الخريطة الثقافية للبلاد. ولعل اليوم الوطني للموسيقى تقليد نبيل يعود لأواسط تسعينيات القرن الماضي في علاقة بمناظرة وطنية عُقدت بالرباط في ماي1994 ، كذا برسالة ملكية بهذه المناسبة العلمية التواصلية تمحورت حول حقل الموسيقى والتعليم الموسيقي والمعاهد الموسيقية بالمغرب، وسبل تطوير وتحديث المجال وتجويد هذه المؤسسات التي كانت بفضل كبير في اغناء الساحة الفنية الوطنية على أكثر من صعيد. مناظرة بادر اليها باحثون وموسيقيون اكاديميون عن المعاهد الموسيقية المغربية، كانت بوقع قوي معبر لاحق في مجال التكوين والحياة الموسيقية المغربية عموماً آنذاك، وانتهت بجملة توصيات بقيمة مضافة منها تخصيص يوم وطني للاحتفال بالموسيقي اختير له سابع ماي من ربيع كل سنة وهو اليوم الأخير من أشغال مناظرة تاريخية بحق قبل حوالي ربع قرن.
تفاعلا مع هذه المناسبة أورد عبد اللطيف المزوري خبير في المجال لعقود من الزمن وأستاذ مادة الصولفيج والكمان الكلاسيكي بجهة الرباط،أن الاحتفاء اليوم الوطني للموسيقى مناسبة للسؤال الثقافة والابداع والموسيقى ..، وتناول قضايا ذات صلة في تجلياتها وتلاقحاتهاوذاكرتها، من قبيل أهمية التنوع الموسيقي المغربي وقيمة أشكال التعبيروالغنى الفني التراثي، كذا ما يخص الموسيقى المغربية باعتبارها جزء لا يتجزأ من حضارة البلاد وتاريخها وتراكماتها وتلاقحها الثقافي وهويتها. اضافة لجميع ما يتعلقبهذا المجال من لحن وطرب وعزف وكلمات وتعبير وبلاغة وذوق رفيع. مضيفاً أن اليوم الوطني للموسيقى موعد للسؤال حول واقع الأغنية المغربيةوالتراث من آلة أندلسية وملحون وتعبير فني تراثي جبلي وأطلسي وصحراوي … في زمن تطبعه عولمة ورقمنة وتقنيات وثقافة استهلاك، مع ما لكل هذا وذاك من تأثير في حقل ثقافة وفنونباتتبحاجة لبرامج عمل وسبلمن شأنهاحماية التراث وتجويد المجال وموارده لبلوغ ما هوفني متكامللفائدةالمتلقي.
وبما أن الاحتفال باليوم الوطني للموسيقى مناسبة لقراءة واقع بنيات المجال، أشار الأستاذ عبد اللطيف المزوري الىأن المعاهد الموسيقية الوطنية تبقى وجهة وواجهة رافعة للقطاع، من شأنها كموارد بشرية وأطر وبرامج ومناهج وأبحاث ودراسات وتراكمات تطوير وتحديث وتجويد الموسيقى المغربية،مع ما ينبغي من شروط داعمة من قبيل ما هو تخطيط وتدبير وتقويم في أفق تكوين هادف واستشرافي.
ويعتقد كثير من المهتمين الموسيقيين والباحثين في المجال أن قطاع الموسيقى والأغنية المغربيةباتت بتدرجتراجعي خلال العقدين الأخيرين لعوامل عدة ومتداخلة،بقدر ما تجمع بين رداءة وابتذال كلمة وأداء ولحن بقدر ما تجعل من الأغنية المغربية في وضع لا تحسد عليه. ولتجاوز ما بات يطبع الحقل الموسيقي بالمغرب من بؤس فرجوي بتعبير الباحث سعيد المغربي، يرى عدد من المهتمين أن الأمر بحاجة لورش موسيقيتشاركي ولنهضة حقيقيةعبر مقومات رافعة بعيداً عماهو استلاب وانسياق مع ما يعصف من موجات من حين لآخر٬ مع أهمية الحفاظ على هوية البلاد الفنية والثقافية المتنوعة وحمايةالغنى التراثيالفني الرمزي وما طبع المغرب والمغاربة عبر الزمن من ذوق فني جمالي رفيع ومتميز.
التعليقات مغلقة.