أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الCovid-19 يهاجم القلب…‎

اعداد مبارك أجروض

في الوقت الذي يتسابق فيه العلماء لتطوير لقاحات وعلاجات لCovid-19، يعمل آخرون على دراسة الآثار التي يُحدثها الفيروس في أجهزة الجسم المختلفة، والتي تُسهم في تدهور الحالة الصحية للمرضى، بصورة قد تُفقِدهم الحياة. ويُعد مرض Covid-19 أحد الأمراض التنفسية، إذ تظهر أكبر تداعياته على الرئتين، ويمكن أن تتطور إلى التهاب رئوي حاد ثم إلى فشل رئوي، ومن ثم تحدث الوفاة. لكن دراسة حديثة رصدت أن خطر هذا المرض لا يقف عند حدود الرئة، بل يمكن أن يشمل القلب.

وأوضح الباحثون بمركز العلوم الصحية بجامعة تكساس ومعهد تكساس لأمراض القلب بالولايات المتحدة، أن Covid-19 يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على صحة القلب، حتى بين الأشخاص الذين لم يعانوا في السابق من أمراض القلب والأوعية الدموية. وكشف الباحثون في دراستهم المرجعية التي نُشرت في دورية الجمعية الطبية الأمريكية أن عدوى Covid-19 يمكن أن تسبب التهاب الأوعية الدموية وعضلة القلب، وعدم انتظام ضربات القلب، إن نتائج الدراسة تقدم دليلًا على أن Covid-19 يُحدث ضررًا بصحة القلب، مضيفًا أن هذا الضرر يمثل عبأً إضافيًّا على المرضى، ويزيد من أعداد الوفيات بينهم، وبخاصة في حالات الإصابة الشديدة بالفيروس. وأضاف الباحثون أنه حتى إذا لم يكن مرضى Covid-19 لديهم تاريخ سابق من الإصابة بأمراض القلب، فإن Covid-19 يمكن أن يؤثر على عضلة القلب لديهم، لكن هذا التأثير يكون أكبر بطبيعة الحال لدى مَن يعانون بالفعل من مشكلات في القلب.

إنه من الأهمية بمكان أن يكون مقدمو الخدمة الطبية لمرضى Covid-19 على دراية كاملة بتداعيات المرض، خاصةً حينما يتعاملون مع حالات مصابة بأمراض مزمنة كأمراض القلب، ما يُسهم في توفير رعاية طبية شاملة لهم؛ حتى يتسنى لنا تقليل أعداد الوفيات بسبب المرض. وعن خطوات الفريق المستقبلية، نوه بأنهم يحتاجون إلى تحديد المرضى المعرضين أكثر لخطر الإصابة بأمراض قلبية نتيجة Covid-19، والتعرف على أفضل الطرق لعلاج هذه الإصابات القلبية.

وهكذا نرى أن تأثيرات Covid-19 ما تزال محل بحث ودراسة لمعرفة طرق عمل هذا الفيرس وتأثيره على أجهزة الجسم المختلفة، ومما بات معروفا لدى الأطباء أن Covid-19 يصيب القلب بطرق عدة:

ـ قد يصيب عضلة القلب إصابة مباشرة فيسبب التهاب عضلة القلب الفيروسي.

ـ قد يصيب الغشاء المحيط بالقلب فيسبب التهاب التامور الفيروسي وتجمع سائل حول القلب.

ـ قد يسبب تفاعلاً مناعياً شديداً يؤذي عضلة القلب ويسبب فيها التهاباً حاداً وضعفاً شديداً.

ـ لوحظ وجود ضرر وضعف في عضلة القلب يستمر أحياناً حتى بعد الشفاء من الإصابة بCovid-19.

أظهر تسجيل الحالات في عديد من الدول أثناء جائحة مرض Covid-19 أن إصابة القلب تترافق بارتفاع نسبة الوفاة في هذا المرض؛ وفي دراسة حديثة أجريت في نيويورك وميلانو تم فيها فحص 305 من المرضى المصابين ب Covid-19 تسببت إصاباتهم في الدخول إلى المستشفى.. درست إصابة القلب لديهم بالإيكو القلبي وتخطيط القلب وقياس انزيم تروبونين القلبي في الدم. وأظهرت الدراسة أن 62% من هؤلاء المرضى كان لديهم ارتفاع في التروبونين، مما يدل على إصابتهم بالتهاب عضلة القلب. ووجد أن المرضى الذين لديهم ارتفاع التروبونين كان فحص الإيكو القلبي لدهم غير طبيعي بنسبة 63%، بينما كان الإيكو القلبي غير طبيعي بنسبة 22% فقط لدى المرضى الذين كان فحص التروبونين لديهم طبيعي.

نسبة الوفاة بمرض Covid-19 بحسب تغيرات الإيكو القلبي

أظهرت الدراسة أن نسبة الوفاة عند المرضى الذين كان فحص التروبونين في الدم والإيكو القلبي عندهم طبيعيا لم تتجاوز 5%، بينما ارتفعت إلى 20% إذا كان التروبونين مرتفعاً، وبلغت 31% إذا كان التروبونين مرتفعاً والإيكو القلبي غير طبيعي أيضاً، كان متوسط عمر المرضى 63 سنة، ومعظمهم من الرجال (66%). ورصدت الدراسة ارتفاع احتمال إصابة القلب مع التقدم في العمر وعند المصابين سابقاً بارتفاع ضغط الدم أو بالفشل الكلوي أو زيادة الوزن.

كما أظهرت دراسات عديدة لمرضى Covid-19 أن السمنة تترافق مع زيادة نسبة الوفيات وإصابة القلب والرئتين والكلية وطول فترة البقاء في المستشفى، تبين هذه النتائج ضرورة قياس انزيم التروبونين في الدم لدى المرضى المصابين بCovid-19، وأن يتبع ذلك فحص الإيكو القلبي إذا لوحظ ارتفاع مستوى التروبونين في الدم، لأن ذلك قد يترافق باحتمال أكبر لإصابة القلب واحتمال الحاجة إلى العناية المشددة والمتابعة القلبية المكثفة.

من المعتبر أن الدراسة رصدت معلومات في غاية الأهمية عن تأثير Covid-19 المباشر على القلب، وخاصةً عضلة القلب؛ إذ يُحدث آثارًا تدميرية لخلايا القلب في صورة التهاب لعضلة القلب، مشابه لما يحدث عند الإصابة بقصور الشرايين التاجية أو جلطة القلب، وبالتالي فإنه يضعف العضلة القلبية، ويفاقم أوجاع مرضى القلب ويهدد حياتهم، وهذا التأثير المباشر تم رصده بعد زيادة مستويات بروتين “تروبونين I” (Troponin I) لدى مَن أُجريت عليهم الدراسة من مصابي Covid-19، وهو بروتين يُوجَد عادةً بتركيزات منخفضة في الدم، لكن مستوياته ترتفع بعد التعرُّض لنوبات قلبية، كما أنه يعطي مؤشرًا على تعرُّض القلب للضرر، وخاصةً عضلة القلب، وهو ما رصده فريق البحث في حالات أصيبت بـCovid-19.

إن هناك تأثيرًا غير مباشر لCovid-19 على صحة القلب، وهو ناجم عن تأثيره الأساسي على الرئتين والجهاز التنفسي نتيجة الالتهاب الرئوي الذي يسببه الفيروس، وهو ما يسبب عِبأً على القلب، هذا التأثير ناجم عن الالتهاب الرئوي الذي يُحدث إجهادًا للقلب تنجم عنه زيادة في ضربات القلب نتيجة صعوبة التنفس وارتفاع درجة الحرارة؛ لأنه يؤثر على الدورة الدموية الصغرى التي تتم بين الرئتين والقلب، وهي وظيفة الجزء الأيمن من القلب (عكس الجزء الأيسر المسؤول عن الدورة الدموية الكبرى التي تضخ الدم لباقي أعضاء الجسم).

إن الالتهاب الرئوي التقليدي لا ينتقل إلى القلب عادةً، لكن الالتهاب الناجم عن الفيروسات التاجية القاتلة مثل Covid-19 وفيروسات الإنفلونزا الشرسة يمكن أن يسبب ما يسمى بالالتهاب الفيروسي لعضلة القلب، ويؤثر على عضلة القلب، وبخاصة ما يُعرف بالنظام الكهربائي، ما يقلل قدرة القلب على ضخ الدم، ويتسبب في حدوث اضطراب في نُظم القلب، ويمكن أن تتكون الجلطات، ما يؤدي إلى حدوث سكتة دماغية أو نوبة قلبية. وللحد من انتشار Covid-19، نصح الخبراء بأن الحل الوحيد والأفضل والأسهل هو البقاء في المنزل، حفاظًا على الأرواح، لتجنُّب اكتساب العدوى بالفيروس، خاصةً لكبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة، على رأسها أمراض القلب.

التعليقات مغلقة.