أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

لماذا يعاني “المتعافون” من Covid-19 من أعراض مرضية طويلة الأمد ؟

إعداد مبارك أجروض

هناك نسبة 10% من المتعافين من Covid-19 تستمر معهم او تعود لديهم أعراض مثل السعال وشعور بالحمى وتعب عام، وهي اعراض لاحقة لا تشكل امتداداً لفترة العدوى او اصابة جديدة حتى لو استمر او عاد فحص PCR ايجابي بعد سبعة أشهر من بدء انتشار Covid-19، فلا يزال الأطباء يواجهون تحديات علمية كبيرة، من بينها المدة التي تظل فيها الأعراض المرضية ظاهرة لدى بعض المرضى بعد تعافيهم؛ حالة من التعب وصعوبة في التنفس بعد عدة أسابيع من إصابتهم بالمرض. ضيق في التنفس عندما تصعد درجا واحدا من السلم. اضطرابات في المشاعر، وضعف الذاكرة… ولاستيعاب وفهم ما يعاني منه “المتعافون” من أعراض مرضية طويلة الأمد جراء إصابتهم بCovid-19 إسمحوا لي أن أنقل لكم بتصرف ما نشره موقع BBC news بتاريخ 4 يوليوز 2020.

بعد أربعة أشهر من بدء انتشار Covid-19، لا يزال الأطباء يواجهون تحديات علمية كبيرة، من بينها المدة التي تظل فيها الأعراض المرضية ظاهرة لدى بعض المرضى بعد تعافيهم. تحدث جون رايت، طبيب بمستشفى برادفورد الملكي البريطاني إلى سيدتين تعانيان حتى الآن من حالة تعب وصعوبة في التنفس بعد عدة أسابيع من إصابتهما بالمرض. تشعر أميرة فالي، طبيبة من مستشفى مجاور، بضيق في التنفس عندما تصعد درجا واحدا من السلم.

وكانت مولي ويليامز، طبيبة في مستشفى برادفورد الملكي، رياضية تتمتع بلياقة عالية، لكنها تقول “أصبحت صعوبة التنفس شيئا مألوفا بالنسبة لي”، كما تعاني، علاوة على ذلك، من اضطرابات في المشاعر، وضعف الذاكرة. مرت ثلاثة أشهر على إصابتهما بالمرض أول مرة.

* ما هو Covid-19 “طويل الأمد” ولماذا لا يتعافى بعض المصابين سريعا ؟

في مارس الماضي، لم يكن الأطباء والخبراء يعرفون سوى القليل عن هذا الفيروس، وكانوا يفترضون أنه مجرد مرض يصيب الجهاز التنفسي، إلى أن اكتشفوا أنه يؤثر على جميع أعضاء الجسم تقريبا، وافترضوا أنهم سيعتمدون على أجهزة التنفس الصناعي ووحدات العناية المركزة فقط، فاكتشفوا أن تزويد المريض بالدعم التنفسي المبكر عن طريق الأكسجين في أجنحة العلاج في المستشفيات كان أكثر فعالية، واعتقدوا عندما كانوا يصفقون لمرضاهم، بعد تعافيهم من الإصابة الحادة بCovid-19 ومغادرتهم أجنحة العلاج، أنها المرة الأخيرة التي سيرونهم فيها.

لقد أصبح هذا العدو الجديد، بعد أربعة أشهر، عدوا قديما، بل يبدو أحيانا العدو الوحيد، وأصبح الأطباء والخبراء على دراية كبيرة بالإرث طويل المدى الذي يخلفه لدى المرضى، ليس أولئك الذين دخلوا المستشفى فحسب، بل أولئك الذين عالجوا أنفسهم في المنزل وتعافوا من إصابتهم الحادة، لتبدأ معاناة جديدة من الانتكاسات والأعراض المرضية المستمرة.

Covid-19.. هذا العدو الماكر

لا يزال المرضى الذين أصيبوا ب Covid-19قبل شهور يكافحون من أجل استئنافهم لحياتهم الطبيعية، والأطباء والخبراء يعلمون من خلال دراسة المرضى الذين أصيبوا بمرض SARS، وهو من عائلة الفيروسات التاجية، في وباء عام 2003، أن ما يقرب من نصف عدد المتعافين أصيبوا بإرهاق مزمن، أو أعراض مرضية أخرى طويلة المدى، لذا لا ينبغي أن نندهش من أن يكون هذا السليل الماكر لهذه العائلة الفيروسية، SARS-Cov-2، له الإرث نفسه.

يتلقى الأطباء والخبراء كما كبيرا من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل اليائسة من المرضى والأطباء المزاولين للمهنة الذين يطلبون المساعدة، إذ لا يزال البعض يعاني من أعراض المرض الأصلية المتمثلة في آلام الصدر وضيق التنفس، كما يعاني البعض الآخر من أعراض مرضية جديدة، مثل الصداع وفقدان الذاكرة ومشاكل الإبصار، ويعاني كثيرون من الاكتئاب والقلق، ويعاني معظمهم من تعب مزمن مستمر، وجميعهم يرغبون في استعادة حياتهم السابقة، بعد أن احتفلوا في عُجالة بنجاتهم المبدئية من الإصابة بCovid-19، فبعضهم الآن يتملكه الشك المزعج واليأس الشديد.

كانت الأعراض المرضية التي عانت منها أميرة فالي، في الأسبوع الأول، خفيفة للغاية، تمثلت في صداع، والتهاب في الحلق، وربما ارتفاع طفيف في درجة الحرارة، وبحلول نهاية الأسبوع، اعتقدت أنها ستتعافى من هذه الأعراض، لكنها بدأت تشعر في الأسبوع التالي بضيق في التنفس، وظلت تعاني منه، وتقول: “أعاني عادة من أشياء مثل صعود درج السلم، إذ يقفز معدل ضربات قلبي إلى 140 بعد تسلق الدرج. كان الأسبوع الماضي سيئا للغاية، أحسست أنني لا أستطيع النوم، لأنني كنت أعاني من ضيق التنفس، ومن الواضح من وجهة النظر هذه، أنني كنت متعبة للغاية”، كما تقول أميرة إنها بدأت تشعر بالقلق، فالأشعة التي أجرتها على صدرها جاءت طبيعية، كما أن تنفس الصدر طبيعي، لكن هناك شيئا ما غير سليم وسيسعى الأطباء إلى معرفة ما هو.

* ضعف الذاكرة

تطوعت خبيرة العلاج الطبيعي، مولي ويليامز، للعمل في أجنحة المصابين بCovid-19، ومثل أميرة، أصيبت مولي بالفيروس بشكل شبه مؤكد أثناء العمل داخل المستشفى. لقد كانت مولي لاعبة جمباز متميزة في سن المراهقة، ثم بدأت تمارس رياضة “كروس فت”، في سن 34، وأصبحت واحدة من أفضل 20 رياضيا في رياضة “كروس فت” في بريطانيا، لكنها أيضا تعاني من ضيق التنفس، وتقول: “معدل ضربات قلبي أثناء فترة الراحة يسجل 50، والآن يسجل حوالي 90، حتى عندما أتكلم أشعر بضيق في التنفس، أشعر بإرهاق عضلي كبير في ساقي ومعدل ضربات القلب يزداد إلى 133 فأكثر أثناء المشي”.

وتقول مولي إنها أصبحت تبكي بطريقة خارج نطاق السيطرة و”تنزعج بشكل كبير من أشياء”، وتعاني من ضعف الذاكرة. وتضيف: “أنسى أشياء، وأكرر عمل أشياء عدة مرات، لا أحتفظ بمعلومات. إذا حاولت تذكر كلمة لا أستطيع، ويجب أن أكتب الأشياء طوال الوقت لأتذكرها”. وتقول: “ليس لدى سجل مرضي سابق، وإصابتي بهذه الطريقة صعبة للغاية”، ولا نفهم حتى الآن لماذا يعاني هؤلاء المرضى من مثل هذه المشكلات طويلة المدى.

من الممكن أن يبقى الفيروس كامنا ويسبب أعراضا مستمرة، كما رأينا في حالة المتعافين من فيروس إيبولا، وبعض مرضانا تأكدت إصابتهم الإيجابية بالفيروس بعد أسابيع من إصابتهم بالعدوى أول مرة، ولكن ربما يرجع ذلك إلى اختبار الجسيمات المضادة التي تلتقط الأجزاء المتبقية مما يعرف بالحمض النووي الريبي، وإذا كان الأمر كذلك، فإن بقايا ذلك الحمض النووي يمكن أن تؤدي إلى استجابة مناعية طويلة قد تفسر استمرار ظهور الأعراض.

إن التحدي الذي يواجهنا كأطباء وباحثين هو معرفة المزيد عن أسباب هذه الآثار طويلة المدى، ثم تطوير علاجات تساعد هؤلاء المرضى، وغيرهم ممن يعانون من الشعور بالتعب المزمن بعد الإصابة بالفيروس، إنها منطقة مهملة البحث، نظرا لصعوبة التوصل إلى إجابة، بيد أن Covid-19 كان حافزا كبيرا لمجالات العلم والاكتشاف، وقد يساعد تسليط الضوء على هؤلاء المتعافين لفترة طويلة على تعزيز مفاهيمنا.

* توفير الدعم

لقد استجاب الطبيب بول وايتاكر، لطلب المرضى، وأنشأ أول عيادة للمتعافين من Covid-19. تمثلت الخطة في البداية في متابعة المرضى طوال 12 أسبوعا من مغادرتهم المستشفى، ولكن أصبح من الواضح أن بعض المرضى الذين كانوا يحتاجون إلى العلاج في المستشفى عادوا بالفعل إلى حياتهم الطبيعية، بينما بعض أولئك الذين لم يكونوا في حاجة إلى ذلك، مثل أميرة ومولي، استمرت معاناتهم من مشاكل صحية، لذا يجري حاليا قبول إحالات مرضية من أطباء مزاولين للمهنة، وعندما يصل المرضى إلى العيادة، تُجرى لهم أشعة على الصدر، واختبارات وظائف الرئة واختبار المشي، كما يُطلب منهم ملء سلسلة من الاستبيانات، وإذا كانت لديهم أعراض مرضية سيئة، تجرى لهم على الأرجح اختبارات نبض القلب، وفحص مقطعي، واختبار وظائف الرئة بالكامل.

ويقول بول وايتاكر: “أعتقد أنه يمكن أن يكون ثمة جبل جليدي كبير من الأشخاص الذين عانوا من الإصابة بCovid-19، ولم يعودوا إلى طبيعتهم. أتلقى أسبوعيا ثلاثة أو أربعة اتصالات هاتفية من أطباء مزاولين للمهنة يقولون أنهم يتابعون حالة مريض أصيب بCovid-19 منذ شهرين، ولا يزال يعاني من أعراض”. وأضاف: “لدينا، في العيادة التي نديرها، أخصائي تغذية، وأخصائي علاج طبيعي، بالإضافة إلى كثير من خبراء الطب النفسي، لأن المرضى يصابون بمضاعفات أمراض القلب التنفسية، ويعانون أيضا من إجهاد ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب، وتظهر عليهم أعراض عصبية وأعراض تشبه التعب المزمن”.

وأضاف: “لذا من المهم حقا تقديم دعم لهم، مع وضع وتفعيل برامج علاجية محددة، سواء برامج نفسية أو برامج إعادة تأهيل. ونحن بحاجة إلى أدلة جيدة بشأن البرامج العلاجية التي تثبت فعاليتها”. ويقول روب وايتاكر، استشاري علم النفس الإكلينيكي، إن نوبات بكاء المتعافين من الإصابة بCovid-19 شائعة جدا، وثمة أنماط جديدة تتعلق بوجود صعوبات معرفية، مثل مشكلات الذاكرة التي تعاني منها مولي. ويضيف: “لكن من الصعب حقا التفرقة، في الوقت الراهن، بين ما يجب عمله بالنسبة للتعب والمشاعر، أو ما قد يكون إصابة عضوية، وهذا شيء من السابق لأوانه البت فيه”.

التعليقات مغلقة.