أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

دور الإعلام في تربية الأطفال

محمد عيدني

تطورت وسائل الإعلام بصورة  مذهلة في  السنوات الأخيرة –    خصوصا في الجانب المرئي –وتوفرت العديد من الخيارات لدرجة أن نجد بعض الأطفال لايعرف الشارع ولايتفاعل مع المدرسة ولايخالط أسرته وجل مادته المعرفية وثقافته الشخصية مصدرها وسائل الإعلام لذلك يمكن تصنيف وسائل  الإعلام بأنها المؤثر والقوى على الطفل .

إن الإعلام المشاهد والمقروء والمسموع مؤثر هائل في تكوين الأبناء لما يتم عبه من حضور وجاذبية وإتقان والمشكل اليوم إن الأطفال لايتعرضون لتأثير إعلام واحد صادر عن جهة واحدة يمكن التفاهم معها من جل التقريب بين مفردات الرسائل التي يوجهها للأطفال ومفردات الرسائل التي توجهها الأسر والمدارس .إن الوسائل الإعلامية تنتمي إلى أكثر من 130بلادا في العالم وهي تعكس ثقافات وديانات وتطلعات متباينة اشد التباين .وان نسبة غير قليلة  من الناس قد أسلمت أبناءها للفضائيات من غير قيود تذكر  ولهذا فان مايقوله الأبوان بات يفهم لدى هؤلاء الأبناء في ضوء الخلفية الثقافية العميقة والمتماسكة التي بناها الإعلام بشتى صوره ومكوناته وبهذا فعلا مايقوله الأبوان جزءا مرتهنا من أن يكون بعضا منه .

لقد أصبحت المادة  الإعلامية الموجهة للأطفال من اخطر الصناعات الإعلامية في العصر الحالي ومن أكثر  الصناعات التي تشهد إقبالا من طرف المستثمرين وشركات الإنتاج العالمية نظرا لما تدره من أرباح سنوية  تقدر بملايين الملايين  من الدولارات بسبب استهدافها شريحة واسعة تتسع دائرتها باستمرار وهي شريحة الأطفال والشباب واليافعين وبفضل انتشار الصحون الفضائية وتعدد القنوات الإعلامية وظهور شبكة الانترنيت وعولمة الصوت والصورة أصبح إعلام الطفل يشهد تناميا ملحوظا وصار أكثر قربا من الطفل داخل البيت وقد حمل الانتشار السريع معه أساليب جديدة وأكثر تطورا للاستمالة الطفل والسيطرة على عقله وسلوكاياته ودفعه إلى الإدمان على ذلك الصندوق السحري العجيب كما كان يسميه أبائنا وأجدادنا  ولاشك أن   هذا التوسع المذهل في تجارة التسلية الموجهة للأطفال يخفي الكثير من المخاطر والسلبيات فحجل الشركات المنتجة والعاملة في هذا القطاع هي شركات غريبة توجه نشاطها ثقافة غربية وفهم غربي لمعاني بتسلية واللعب والترفيه والتربية   ومتجدرة في ممارسات وعادات المجتمعات الغربية التي تتعامل مع إعلام الطفل بمنطق السوق  والجري وراء الربح والكسب دون اهتمام بالقيم والعادات والأعراف وفي حالة التعارض بين هدفي الكسب وزرع القيم فان الغلبة تكون للأولى على حساب الثانية .

وتشير الدراسات العلمية في  هذا الصدد إلى أن أجهزة الإعلام تلقي بظلالها على الطفل المعاصر إيجابا اوسلبا حتى انه يصعب عليه أن يلفت من إسارها فهي تحيط به إحاطة السوا ر  بالمعصم وتحاصره من مختلف الجهات وبمختلف اللغات ليلا ونهارا وتحاول أن ترسم له طريقا جديدا لحياته وأسلوبا معاصرا لنشاطه وعلاقته ومن ثم فهي قادرة على الإسهام بفاعلية في تثقيفه وتعليمه وتوجيهه والأخد بيده إلى أفاق الحياة الرحبة.وتأتي وسائل الإعلام المعاصرة في مقدمة قنوات الاتصال التي ترفد الطفل بالأفكار والمعلومات والأنباء وتحقق له التسلية والمتعة الوسائل سوف تسعى هي إليه لتقدم له مايدور حوله من أحداث وما أفرزته الأدمغة البشرية من اكتشافات ومعارف لاسيما بعد إن فرضت التقنيات المعاصرة وثورة المعلومات نفسها عليه فأصبح طفل اليوم أسيرا له هذه  الوسائل تحاصره في كل وقت وفي كل زمان فلا يستطيع الفكاك منها أو الحياة بدونها .

التعليقات مغلقة.