أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

حينما تصبح السلطة وسيلة لقهر الحقوق بالقنيطرة

محمد حميمداني

 طالب ساكنة دوار المخازنية ، بعمالة إقليم القنيطرة ، بتجاوز سياسة التهديد و الوعيد و الاستفزازات المتكررة التي يتعرضون لها من جهات عدة ، من خارج السياق القانوني و الانكباب على إيجاد حل يضمن حقهم في التعويض عن محل سكنى خدام الدولة من أفراد القوات المساعدة ، في سكن لائق ضمانا لحق طبيعي من حقوق المواطنة و الإنسان ، ألا و هو حق الحصول على سكن لائق و في شروط إنسانية صحية ، و اعتماد سياسة الإنصات كلغة بدل سياسة الهروب و لوي الذراع بمسوغات غير قانونية ، و إيجاد مخرج و حل لهاته القضية التي تعيش فصول معاناتها الدرامية 21 أسرة ، محكوم عليها بقوة السلطة ، أن تعيش التشرد و الطرد و المعاناة .

تقول السيدة “ش – ف” ، البالغة من العمر أزيد من 70 سنة ، نستأنف الحكم الابتدائي الصادر ، في مواجهة من ؟ تقولها و الحزن يحيط بملامح وجهها المكابر على الصبر و الصمود في وجه محن فرضت قسرا ، خاصة و أن عاملا سابقا لإقليم القنيطرة كان قد وعدهم بتمكينهم من سكن لائق . 

أين هو هذا السكن اللائق ؟ خدام الدولة ، الذين أفنوا شبابهم في خدمة الدولة المغربية ضمانا لأمنها و استقرارها قبلوا على مضض الحال القائم و تعويض المحل الذي يعيشون في أحضانه بالبديل المقترح بأولاد اوجيه ، قرب مسجد “أحد” و بمحاذاة سوق “أولاد أوجيه” ، مقدمين حلا لمشكل ابتدأت فصوله مند سنة 2004 و لم تنته ، و لكن مطلبهم بسيط ، و هو إتمام أشغال البناء المقترح ، فما معنى تمكينهم من أربعة أسوار فقط بلا سقف و لا أدراج ؟ كيف يمكن لإنسان أن يعيش في كنف هذا الوضع ؟ هل سنعود لإحياء أحياء الصفيح بأن يضع المشردون قسرا حواجز من “الميكة” لتحميهم من الحر و نزلات البرد و تساقط المطر ؟ ألا يخجل المسؤولون من إعادة إحياء أحياء الصفيح و إجبار هؤلاء على هذا الوضع ؟ علما أن المديرية الجهوية للإسكان و التعمير بالقنيطرة كانت قد أصدرت قرارا تحت عدد 273/ م إ ع أشارت فيه ، إلى أن هذا الترحيل يدخل في إطار البرنامج الوطني التضامني للقضاء على السكن غير اللائق ، و أن اتخاذ قرار الترحيل كان مشروطا ببناء مساكن تأويهم و تتوفر على شروط السكن اللائق و بثمن رمزي لا يثقل كاهلهم و تصميما للطابق العلوي مصادقا عليه . 

أين هؤلاء المهددون بالتشرد من هذا السكن اللائق ؟ و أين هي الشروط اللائقة للسكن التي تم اختيارها ، و المراعية لمختلف شروط المرافق الاجتماعية و الاقتصادية من الناحية المعمارية التي تشكل القطب التنموي و العمراني للمدينة ، كما ورد في نفس جواب المديرية الجهوية للإسكان و التعمير بالقنيطرة المشار إليه أعلاه . 

الوقائع على الأرض و المتعلقة بالرسم العقاري رقم 22968/ ر ، تكذب التصورات النظرية ، فالبديل الذي لا يرفضه المهددون بالتشرد ، و الذي جاء في إطار مبادرة كويتية ليبية ، ضمن “مجمع الخير” و الذي أعد أصلا لإيواء الأرامل ، لا يتوفر على مواصفات السكن اللائق كما أشرنا إلى ذلك أعلاه ، و لم يكلف الدولة المغربية و لو ستنيما واحدا على اعتبار انه كان معدا سلفا من قبل “مولاي فوزان الكويتي” لإيواء الأرامل .

الدولة المغربية في شخص وزير الداخلية و بدل إنزال مقتضيات الالتزام الذي تم الوعد به بمقتضى محضر اجتماع رسمي بحضور السلطات المحلية و الذي عززته مراسلة مجموعة “العمران” عدد 527 التي نصت على أن “تتكلف الولاية و مؤسسة العمران بإنجاز أشغال بناء الدور السكنية التي تتراوح مساحتها ما بين 81 و 94 متر مربع مشيدة على قطعتين ، إحداهما بجوار مسجد “أحد” بالمغرب العربي (ب 2) ، و الآخر بالقرب من سوق “أولاد اوجيه” مجموعة “ج” ” ، من جهة إعداد التصاميم للطابقين السفلي و العلوي و بناء الطابق السفلي لكل مسكن ، مع إنجاز الربط بشبكتي الكهرباء و الماء الصالح للشرب ، و كذا إنجاز أشغال تهيئة الجوانب و الممرات الداخلية .             

فأين هاته الالتزامات و تنزيلها على أرض الواقع ؟ فنحن أمام أربعة أسوار فقط ، فتجهيز المسكن غير مكتمل ، فلا سقف له و لا أدراج و لا هم يحزنون ، فأين الوفاء بالالتزام من قبل الجهات المختصة قبل مطالبة المعنيين بالملف بالإفراغ تحت ذرائع غير منطقية و لا مقبولة .

كان من الأجدى على وزارة الداخلية أن تجد حلا عمليا بالوفاء بالتزاماتها لفائدة المساكن المذكورة و تجهيزها بالمطلوب قبل مطالبة تلك العائلات بالرحيل و سلوك مسطرة التهديد التي صدرت من جهات عدة ، و ضمنها أحد العناصر غير المعنية بالملف أصلا ، من خلال تهديد أحد الضحايا بأن يتم هدم المنازل فوق رؤوس أصحابها .

إن المطلوب من وزارة الداخلية هو إيجاد حلول مرضية و منطقية و مقبولة تراعي شروط السكن اللائق ، و المواثيق الوطنية و الدولية لحقوق الإنسان ، و تضمن بالتالي السلم الاجتماعي ، بدل اتباع مسطرة الزجر و الترهيب لخدام أفنوا عمرهم في الدفاع عن الوطن و حوزته و ضمان أمنه و سلامته .

أن تفكر المصالح ذات الصلة بأي وضع جديد للمكان موضع النزاع ، فذاك من حقوقها ، و لكن أن تصرف خطاب المساحة الخضراء و توسيع المسجد كذريعة للتمكن من مساحة تسيل لعاب أباطرة العقار ، و يتم تحويلها بقوة الأمر المقضي به إلى عمارات من ثمان و ست و أربعة طوابق ، فذاك هو المعنى الحقيقي لهيجان هذا التسلسل من التهديد و الوعيد .

و المعنيون بالأمر كما صرحوا للجريدة ، ليسوا ضد التحول إلى المكان المقترح ، لكن بتوفير سكن يأويهم مع عائلاتهم لا “زريبة” ، كما في الحالة القائمة ، و العمل على إعمال القانون ، بدل التحجج بحجج واهية من قبيل أن المساكن آيلة للسقوط و الذي دحضه تقرير الخبير المنجز (مرجع عدد 35/2017/S و الذي تضمن أن تلك المساكن على الرغم من قدمها فإنها لا تزال متماسكة و صلبة و صالحة أكثر من غيرها للسكن ، أو مبرر إخلاء سكن وظيفي ، لنتساءل ، أين كانت تلك السلطات لحظة إحالة هؤلاء على التقاعد ؟ ، خاصة و أن هناك من عمر أكثر من ستين سنة بذلك الموقع ، بل أن الأسلوب المنتج هو أسلوب الكيل بمكيالين كما حصل بالنسبة للرسم العقاري رقم 22968/ ر المتواجد على نفس البقعة الأرضية و الذي سلم لأحد ضباط القوات المساعدة المتقاعدين (ع- ك) ، و نفس الأمر بالنسبة للرسم 2402/ه .

و الساكنة إذ تعرض هاته المعطيات فمن باب تنوير الرأي العام و الجهات المسؤولة لوضعيتهم هاته ، آملة الانكباب على إيجاد مخرج لها عن طريق إكمال إنجاز المساكن المعروضة كبديل ، و إتمام بناء الأسقف و الأدراج لتتمكن من السكن بأمان ، لا أن ترحل و تترك للإهمال و العراء ، و تلتمس كذلك إعفاءها من الأداء على اعتبار انه سبق لها أن أدت للجهات المسؤولة بالقوات المساعدة مبلغ 20.000 درهم ، دون احتساب مبلغ 130.000 درهم التي أدتها من جوعها و كسوة أبناءها و تعليمهم لفائدة إنجاز الربط بشبكة الماء الصالح للشرب . 

كما تطالب الساكنة كل الضمائر الحية و منظمات حقوق الإنسان الوقوف إلى جانبها في محنتها هاته ضمانا لحق بسيط من حقوق المواطنة و الإنسان ، ألا و هو الحق في السكن اللائق و في ظروف صحية ملائمة .     

التعليقات مغلقة.