أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

كورونا و اعتقال الروحانيات

محمد حميمداني

 بعضلات مفتولة ، و سن يروم إلى الأربعينيات ، و شارب ممتد على أفق التحدي للقائم من الزمن الحالي الموبوء صحيا و نفسيا و عاطفيا ، و المفتوح على إغلاق امتد و طال فأصاب الاستقرار الروحي الذي كان يجد فيه مفرا للهروب من كل الأثقال و الحمولات السلبية التي تعتري سحنة وجهه المثخن بالجراح و الآلام رغم قوة العضلات .

 يطل من دوار “احمر” التابع لجماعة لوداية ضاحية مراكش الغربية ، و هو في يوم التعبد و التقرب إلى الله ، يوم الجمعة العظيمة و المملوءة بطاقات الجماعة المعطلة ، يقترب من الجامع الذي طالما غذاه روحيا و أوقد فيه شعلة أمل روحي بغد جميل آت لا محالة ، رغم سواد الراهن و الماضي .

 حلم كان يعيشه لحظة بلحظة و يعتصر كل تفاصيله ، لكنه عطل بفعل فيروس متطفل أسموه كورونا ، تسلل إلى كدمات الجراح فأصاب الجموع بالهلع و المقتل ، و حول كل التوازنات الممكنة إلى انهيارات متتالية طالت حتى السلوك الديني الذي أصبح يحصى عددا ، و يمنع حتى في أيام عز و قوة التوحد الجماعي بالتودد و الدعاء الى الله بأن يحمل الداء و الوباء و البلاء .

 لكن كل تلك الأحلام الوردية تعطلت مع اتساع دائرة القرارات – المنع الملتصق بالوباء ، لم يتقبل واقع المرارة النفسية و الضيق الروحي المفروض ، فقام ينادي مهللا حيوا على الصلاة يا عباد الله ، في تقديره هو آذان لصلاة الجماعة و الجمعة و عودة الاستقرار النفسي و الروحي المفقود ، و في نظر القانون خرق لقواعد القانون المنظم للطوارئ الصحية .

 و بين الفهمين تاه و ظل الوجهة التي لم تسعفه في التوجه إلى القبلة بل صوب

مقر الدرك الملكي بلوداية ، ليخضع للتحقيق حول الخرق بالقوة للتقرب إلى الرب خالق الكون و التوسل له بالدعاء من أجل الخلاص من هذا الداء – الوباء في عز المنع و الفيروس الذي أزهق الأرواح قبل الأبدان ، و قطع حبل التواصل الروحي بين الذوات الخائرة و الضعيفة .

 فهل الأمر مرتبط بمرض عقلي كما صرح أحد أقارب الموقوف للدركيين ؟ أم أن سلطة العقل في ظل الفراغ تعني الانطواء و التمرد على كافة سلط الفراغ الذي أشعلته كورونا و تبعاتها ، و هل بمستطاع الطبيب النفسي بالفعل فهم الوضع و تشخيص الحالة التي لا تعدو أن تكون تشخيصا لحالة ضياع عام و حطام نفسي جماعي قبل الحطام المادي المنذر بالتفجر .

 إن الحالة التي يعيشها الجميع اليوم ، و ليست هاته الحالة استثناء ، هي نوع من الضغط السلبي و التّوتّر و القلق المصاحبة لحالة الفراغ النفسي و العاطفي و التي ازدادت استفحالا مع حالة الفراغ الإيماني الضابط للتوازن النفسي ، و الذي يمكن الإنسان من أدوات مجابهة الإجهاد و الضغوط الشخصية التي تعكر المزاج الفردي و تحيله إلى مجرد أداة تتحرك بلا معنى ، مع صعوبة الفرد على التأقلم مع الوضع و الوقوع تحت طائلة الأحداث المجهدة خلال فترة قصيرة من الزمن نتيجة سوء الأحوال ، و ظهور نوع من التوثر الذي هو تعبير طبيعي عن حالة القلق التي يعيشها الإنسان و التي تدفعه إلى المجابهة أو الهروب في غياب أدوات الضبط السلوكي العام و الفردي .

التعليقات مغلقة.