أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

رسوم الحوالات المالية في اليمن.. جنون يرهق المواطن وصرافون يقاسمونه أكثر من نصف أمواله.

عارف الواقدي 

يستثمر مالكو محلات وشركات الصرافة في اليمن، البلد التي تشهد حربًا طاحنة من سبع سنوات، حاجة المواطن الماسة لإرسال حوالات مالية مابين مناطق طرفي الحرب بداخل البلد، حيث يفرضون مقابل إرسال مبلغ مالي على أكثر من نصفه تحت مسمى “عمولة إرسال”. 

يظهر ذلك الاستثمار الذي يعانيه مواطني اليمن، جليًا في رفع عمولات التحويل من مناطق سلطات الحكومة، وهي الحكومة التي تحظى باعتراف دولي، إلى عديد مناطق تابعة لسلطات جماعة الحوثيين المسلحة، حيث مؤخرًا وصلت تلك العمولات إلى خصم 57% من إجمالي المبلغ، أو فرض دفع ما يعادله من أجل إرسال، الحوالة كاملةً.

استياء كبير 

إن ذلك الاستغلال الكبير الذي تتعمده شركات الصرافة في اليمن منذُ قرابة العامين، مستغلةً حاجة المواطنين، لاقى استياء واسعا من قبل المواطنين، منهم رشيد أحمد، وهو من أبناء محافظة صنعاء (العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين) ينزح من ست سنوات في محافظة مأرب (خاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية) وتقع شمالي شرق اليمن.

يؤكد رشيد في حديث لـ”جريدة أصوات” أنه اضطر إلى دفع مبلغ 57 ألف ريال يمني (65 دولار أمريكي) مقابل إرسال مبلغ 100 ألف ريال يمني (115 دولار أمريكي) لأسرته في صنعاء.

يذكر رشيد في حديث لـ”جريدة أصوات” أن محلات وشركات الصرافة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، منذ أكثر من عامين، رفعت رسوم التحويل من نطاق تواجدها إلى المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المسلحة، وذلك – بحسب ما يقول، وتذكر مصادر أخرى مطلعة – نتيجة إصدار سلطات الأمر الواقع هناك، أي (الحوثيين) قرارات تمنع تداول فئة العملات الجديدة الصادرة عن الحكومة الشرعية.

عمولة إرسال جنونية 

من مبلغ زهيد لا يزيد عن 800 ريال يمني (واحد دولار أمريكي) قبل قرابة عامين إلى مبلغ 57 ألف ريال يمني (65 دولار أمريكي) ارتفعت عمولة إرسال حوالة مالية لمبلغ 100 ألف ريال يمني (115 دولار أمريكي) من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية إلى مناطق سيطرة جماعة الحوثي المسلحة، وذلك بنسبة زيادة بلغت 57% .

وفي حديث لـ”جريدة أصوات” ترجع العديد من محلات وشركات الصرافة ارتفاع عمولات إرسال الحوالات المالية إلى أوامر، قالت إنها صادرة من البنك المركزي اليمني، في العاصمة المؤقتة عدن، مقر الحكومة الشرعية، في جنوبي اليمن.

تدهور العملة 

مع ذلك، تشهد المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، ارتفاعا كبيرًا في أسعار صرف العملة المحلية مقابل النقد الأجنبي، التي تشهد تدهورًا كبيرًا منذ اندلاع الحرب في سبتمبر 2014.

سجل  الريال السعودي الواحد – وفق آخر التعاملات النقدية في البلد – سعر صرف بالريال اليمني وصل إلى 240 ريال، في حين سجل الدولار الأمريكي الواحد سعر صرف راوح بين 900 إلى 910 ريال يمني، من محافظة إلى أخرى تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية.

هذا الارتفاع الجنوني في أسعار العملات والفوارق في عمليات الصرف هو ما أدى – وفقًا لمراقبون – إلى ارتفاع عمولات إرسال الحوالات المالية ما بين مناطق الحكومة الشرعية، وبين مناطق سيطرة الحوثيين التي يبلغ فيها سعر صرف الريال السعودي بين 157 إلى 158 ريال يمني، ووصل فيها سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد إلى 601 ريال يمني. بحسب صرافون تحدثوا لـ”جريدة أصوات”.

معاناة المواطن 

خليل أحمد، أحد المواطنين في محافظة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، يؤكد في حديث خاص لـ”جريدة أصوات” أنه اضطر لدفع مبلغ 29 ألف ريال يمني، عمولة إرسال مقابل إرسال حوالة مالية لمبلغ 50 ألف ريال، عبر أحد المصارف، وذلك بإرتفاع بنسبة 100% عن عمولة إرسال لحوالة مالية بنفس المبلغ قبل شهرين تقريبًا ودفع عليها حينها 14 ألف ريال عمولة إرسال.

يقول الموظف الحكومي بمحافظة مأرب، عبده عبدالله، إن ارتفاع عمولات إرسال الحوالات تشكل مأساة كبيرة يواجهها المواطنين، لافتًا إلى أنه أرسل حوالة مالية تبلغ 30 ألف ريال يمني، ودفع عليها مبلغ 17 ألف ريال مقابل الإرسال.

وتابع في حديثه “أن عملية استغلال كبيرة يتعرض لها المواطنين من قبل محلات وشركات الصرافة في مختلف مناطق الحكومة الشرعية” مشيرًا إلى أن تلك الشركات “تقوم باستغلالهم على مرأى ومسمع من سلطات الحكومة التي لم تحرك ساكنًا إزاء ما يحدث، لردع وإيقاف ما تقوم به هذه المحلات والشركات من استغلال للمواطنين”. 

ويضيف عبدالله: “نشتغل ونكد طوال اليوم من أجل جمع مصاريف أطفالنا” مردفًا “لكن ما جمعناه في ظل استغلال محلات الصرافة، نرجع نعطي أكثر من نصفها للصرافين مقابل إرسال حوالات ومصاريف أولادنا“.

صرافون 

إسماعيل الطيري، موظف في شركة وقاد للصرافة، يؤكد لـ”جريدة أصوات” أن هذه المبالغ من العمولات، فعلاً هي مرهقة على المواطنين، لكنه، يؤكد أنهم “مضطرين لرفعها نتيجة تفاوت أسعار الصرف ما بين مناطق الحكومة الشرعية والحوثيين، ووجود فارق كبير في سعر الصرف في نطاق سلطة الطرفين”.

ولفت إلى أن هناك فارق في قيمة عمولة إرسال الحوالات لدى عديد من نقاط التحويل، فعلى سبيل المثال إرسال حوالة 50 ألف ريال يمني، عبر مصرف الكريمي الإسلامي تبلغ عمولة الإرسال 28 ألف ريال، فيما إرسال الحوالة ذاتها عبر نقطة النجم، وهي نقطة تحويل، تبلغ قيمة العمولة 29 ألف ريال.

ويوضح العديد من الصيارفة أن ارتفاع رسوم الحوالات المالية، يأتي بسبب ظهور قيمتين للريال اليمني الأولى في مناطق سيطرة الحوثيين، والأخرى في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، مؤكدين أن فئة ألف ريال من فئة العملة القديمة التي تتعامل بها مناطق الحوثيين يعادل 1300 ريال من فئة العملة الجديدة التي تتعامل بها مناطق الشرعية.

ويؤكد الصرافون أن هذا الارتفاع الكبير في عمولة إرسال أو ما تسمى خدمات التحويل نتيجة عدم وجود سيولة من العملة القديمة، مع أن الحوالة سيتم استلامها من فروع شركات الصرافة أو وكلائها بصنعاء، من السيولة التي يتعامل بها الفرع، وهي أوراق نقدية قديمة.

ويضيف الصرافون أن ذلك يأتي إلى جانب “منع جماعة الحوثي مطلع العام الجاري التعامل بالعملة الجديدة في مناطق سيطرتها رغم تداولها بشكلٍ كبير من التجار والمواطنين، وهذا الأمر الذي جعل العملة في تضارب مستمر وتسبب في إرباك جميع الصرافين.

أثار 

بالعودة إلى رشيد أحمد، يقول انه: “أرسل حوالة أخرى بمبلغ 30 ألف ريال، واضطر لدفع رسوم الحوالة مبلغ 17 ألف ريال، موضحًا “كانت في السابق الأجرة لا تتجاوز 350 ريالاً، واليوم بات ما يساوي 57% من المبلغ عمولة إرسال” موضحًا أيضًا “مع العلم: الثلاثون ألف حينما تصل لا تكفي لشيء مع إرتفاع الأسعار“.

ويضيف، رشيد متسائلاً “لكن.. لماذا تبدو مثل هذه القضايا وكأنها لا تستحق أن يلتفت لها الرأي العام؟.. ولا أن يثور لها أو على الأقل يفسبك حولها المفسبكون ليُحدثوا ضغطاً ما” مضيفًا متسائلاً مرة أخرى: “لماذا نعيش منفصلين عن بعضنا؟ وكأن الشيء الذي يخص فئة من الناس أو مدينة ما، لا يهمهم باقي الفئات أو باقي المدن، حتى ٳذا وصلهم الأذى نفسه صاحوا وناحوا؟؟!!”.

 

التعليقات مغلقة.