أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

هزيمة البيجيدي من خلال عيون صديقة

محمد حميمداني

 كما كان منتظرا بعد الخسارة التي مني بها الذراع النقابي لحزب “المصباح” في الانتخابات المهنية ، خرجت أصوات من الحزب لتقييم الهزيمة ، حيث اعتبرت “ماء العينين” ، النائبة البرلمانية عن الحزب ، أن هزيمة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم ، التابعة للاتحاد الوطني للشغل ، في هاته الانتخابات ، تحمل إشارة قوية لحزب “العدالة و التنمية”

 و في هذا الباب ، قالت “ماء العينين” إن على الحزب “التقاط و قراءة النتائج قراءة رزينة ، لأن الإشارة القوية قد تم إرسالها من داخل فئة تشكل العصب القوي لقاعدة الحزب النضالية و الانتخابية” ، موقف يعكس قوة الضربة التي تلقاها الحزب في إحدى القلاع الأساسية التي كان يعتبرها الحزب خزانا انتخابيا سواء على مستوى الانتخابات المهنية أو الجماعية أو البرلمانية .

 و في مضمار تقييمها لهاته الخسارة الانتخابية ، اعتبرت عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم ، التابعة للاتحاد الوطني للشغل ، أن أسباب هذا التراجع متعددة و مركبة حيث أرجعتها إلى “عوامل تتوزع بين الخارجي و بين الذاتي الداخلي” ، حيث قالت إن “مراجعة التقطيع الترابي و الفئوي بطريقة مفاجئة و متسرعة بدا واضحا من خلالها التحكم القبلي في النتائج و ضبطها و توجيهها ، و قد كان واضحا أن نتائج النقابة ستتراجع بسبب ذلك” .

و هو تقييم لا يعكس حقيقة الوضع العام الذي يعيشه الحزب و مسلسل الانتكاسات التي حصدها في تدبير الشأن العام و السياسات التذميرية للقوت اليومي للمواطنين التي مررها ، مستهدفا ما تبقى من مقدرات وجودهم و استمراريتهم ، إضافة إلى رهن البلاد للدين الخارجي الذي وصل إلى نسب جد عالية ، فضلا عن المواقف التي عصفت حتى باستقراره الداخلي سواء مع تمرير مشروع “الفرنسة” أو التطبيع مع الكيان الصهيوني … و هي كلها عوامل حطمت ما تبقى من حبل المودة بين الحزب و المواطنين و حتى القواعد .

  و ذهبت “ماء العينين” في مضمار تبريرها لهاته الهزيمة إلى أن “العمل السياسي و النقابي يتطلب النفس الطويل و الأعصاب الحديدية و الكثير من الثبات و القدرة على تحليل آليات الاستهداف الخارجي دون إغفال الاعتراف بالأخطاء الذاتية ، كما أن التنظيمات تحتاج إلى لحظات للفرز و معرفة معادن الرجال و النساء من المناضلات و المناضلين” .

و هو تحليل لا يرقى بالمطلق إلى الوقوف على مكامن الخلل الداخلي في علاقته بتطلعات المنتسبين ، خاصة و أن مواقف الذراع النقابي للحزب لم تكن في مستوى التعبير عن آمال المنتسبين إليه ، بل كان جزءا لا يتجزأ من التدبير الحزبي ، حيث ساهم و لو بالصمت في تمرير أخطر القرارات التي استهدفت الشعب المغربي ، و هو بالتالي من وضع أسفين نهايته و حتمية حتفه السياسي ، و ما تقدمه “ماء العينين” لا يخرج عن الشطحات السياسية البعيدة كل البعد عن التحليل الملموس للواقع الملموس في هروب “دانكيشوطي” من الأزمة و مسبباتها و نتائجها القريبة و البعيدة .

 و لبث روح أمل مفقود داخل النقابة ، و الأهم داخل الحزب ، اعتبرت برلمانية البيجيدي ما حصل بأنه “ليس إلا محطة من المحطات لا تُنهي رهانات النضال الذي يجب أن يستمر بمناضلين يقرؤون عِبَر التاريخ و يصمدون حين تشتد الرياح و يتطاير المتطايرون و يغادر المتلهفون لغير النضال الحر الشريف”

و هكذا يحضر الجانب الدعوي في التعاطي مع “النكسة” التي تعرض لها الحزب داخليا ، من خلال الاستقالات العديدة التي هزت أركانه ، و الرحيل الجماعي لمناضليه إلى منابر سياسية أخرى ، و خارجيا في أول امتحان جماهيري يتعرض له الحزب في محاكمة لمسار حكومتين لم تحملا سوى الخطب و الأماني بالغد الجميل ، و لكن في الواقع كرستا وضعا قاضما لظهر أفراد المجتمع بعد أن تحدث الحزب في أولى خرجاته عن القطع مع الفساد ، ليصبح مع توالي سنوات الحكم جزءا مكملا لفسيفسائه  بل أن الضريبة على الثروة التي طرحت للإلهاء لم تعد إلا دفاعا عن الثروة و تحميلا للمواطن البسيط كل تبعات أي وزر يعيق المسار الدولتي الذي يديره البيجيدي ، ليرتسم الطلاق البائن بينه و بين عموم الجماهير الشعبية و التي عكستها هاته الاستحقاقات ، و بالتالي فإن الأفق السياسي للحزب قد وصل إلى الطريق المسدود و لن تفيده زيارة المناضل الفلسطيني “إسماعيل هنية” في لململة ما تبقى من شعارات طنانة ، مرغت في تراب الممارسة خدمة لبراغماتية نفعية ليس إلا .   

التعليقات مغلقة.