أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

اعتداء ضابطي أمن على صحافي بحاجز أمني بسيدي سليمان

متابعة جريدة “أصوات” : محمد حميمداني

 

في موقف لا ينم عن استيعاب عميق للمرحلة السياسية الهامة التي يمر منها المغرب و تجند جميع المغاربة للدفاع عن القضية الوطنية الأولى ، و قضية السلامة الصحية المرتبطة بالوضع الوبائي الوطني و العالمي ، و في ظل الحملات المغرضة التي تستهدف صورة المغرب ، أبت لغة بعض العقليات الخشبية التي تنتسب للأمن ، و لكن لا علاقة لها بمستوى التعاطي الأمني باعتباره سلوكا و ممارسة و دفاعا عن قضايا البلاد بروح وطنية عالية ، و إيمان صادق بصوابية الحقيقة و القضية التي يحملها المرء ،  إلا أن تشد العقال عن قاعدته فتجرم الدستور و المواثيق الدولية من خلال تجريم الممارسة الصحافية و إنزال الذعائر بالمنتسبين لمهنة “صاحبة الجلالة” .

 

إن العلاقة بين الأمن الفردي و الجماعي و الصحافة هي علاقة تحقيق في وقائع قائمة بنفس المستوى من الصدق و المهنية المطلوبتين ، لكن أن يصل الجلف ببعض المنتسبين إلى هاته الأسلاك إلى مستوى التفوه بحماقات في اتجاه “صاحبة الجلالة” قبل أن نقول “السلطة الرابعة” على رأسه أبى أم رفض ، باعتبارها مهنة من أشرف و أنبل مهن الدفاع عن الحق الفردي و الجماعي الذي ينخره سوس هذا النمط من العقليات التي آثر الضابط “ع – خ”  أن يسم المرحلة بسمات التعفن المطلي بلعاب الجهل بالقوانين الوضعية التي أدارها المغرب سلوكا مؤسساتيا ، من خلال سباحته ضد الدستور و حقوق الإنسان بمفهومها الكوني ، ليس من باب فرض الغرامة و التي تحتاج حتى هي لتعميق النقاش ، على اعتبار أن ما يجب على الضابط (ع – خ) الذي كان متواجدا بالحاجز الأمني الموجود بمديرية الأمن بسيدي سليمان ، يوم ثلاثاء ،  من فرض ذعيرة على الصحافة أن تعي بأنها تفرضها على الدستور و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الصكوك المرفقة ، و التي نصت على حق الصحافة في ممارسة مهامها بدون قيد و لا مضايقة ، و هي اللغة التي فهمها الضابط و مارسها ضدا على أصول القانون و هو الدستور .

 

إن الإعلام لغة غليظة على التطويع ، و على المدير العام لإدارة الأمن الوطني “عبد اللطيف الحموشي” ، الذي خبرناه ميدانيا مدافعا عن الحقوق بصفة عامة ، و عن حق الصحافيين في أداء مهامهم في فضاء من الحرية باعتبارهم ممثلين ل “صاحبة الجلالة” 

 

كما أسماها منظرو القانون الدولي ، و رعاها منظرو الفكر الدولي و ضمنهم عينة من الفكر الوطني ، أن هاته العقليات من الضباط هي التي تعيق كل أشكال التطور و تساهم في تصريف بلاغات مغلوطة يستثمرها أعداء الوحدة الترابية ضد الدولة المدنية المغربية  .

 

إن المقاربة الواقعية لإشكالية الحرية في مشروع قانون الصحافة و النشر بالمغرب تقتضي القطع مع تناقضات الاتصال و الانفصال المجسدة بوعي أو بلا وعي من قبل بعض أعوان السلطة ، و ضمنهم هذا الضابط

 

إن المطلوب بدل التضييق على مجال الفعل الإعلامي بشكل عام ، أن يستحضر هذا الضابط أن هناك إعلاميين قضوا في سبيل الدفاع عن القضايا الصحية للمجتمع ، و أنهم أدوا في ذلك ضريبة الأرواح ، لتنوير المجتمع بقضايا السلامة الفردية و الجماعية التي حاول هذا الضابط الصغير تعليمها لأسياد خبروها ميدانا و واقعا  .

 

فكيف يمكن أن نبني مجتمعا ديمقراطيا في غياب حرية الإعلام ، و في ظل هذا النمط من العقليات ؟ هل يمكن تصوُّر ديمقراطية ما ، دون توافر وسائل إعلام حرة تؤدي مهامها في فضاء من الحرية ، و دون عراقيل تقليدية تستهدف تلجيم الحق و إيصال المعلومة لأبناء البلد ؟ هل يوجد إعلام حرٍ دليل ديمقراطية ، أم أنه يؤرق أمثال هاته العقليات المنتسبة لتاريخ الرق و العبودية ؟

 

ربما لا يفهم هذا الضابط طبيعة التغيرات التي شهدها المغرب ، في ظل حكامة عاهل البلاد ، و ليعلم أن الصحافة و حرية التعبير خط أحمر بقوة الدستور و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمده المغرب ، و ليعلم أن لا مجال للحديث عن ديمقراطية ، أو عن مسلسل ديمقراطي ، دون وجود إعلام حر و مستقل ؛ إذ إن حرية الإعلام و استقلالية الإعلاميين ، لازمة ضرورية لأي تطور ديمقراطي ، لا بل إن هذه الحرية إنما تعتبر مقياسا و مؤشرا على مستوى دمقرطة هذا البلد أو ذاك ، و الذي لم يستسغه هذا الضابط الأعمى عن رؤية حكمة عاهل البلاد  .

 

إن حرية التفكير و الرأي و التعبير و ممارسة الحق في التعبير عنه ، و متابعته لا تضمنها منابرك ، و لكن قوة القانون المنظم ، و أن تلك البطاقة التي منحت للصحافيين أشرف من السلوك البهيمي الذي لوته سلوكك و ضربك للدستور هذا و للقانون و للسيد “الحموشي” الحكم على الوقائع و التقييم  .

 

و ليعلم أن الدول المتقدمة التي صنفت حرية التعبير ضمن الحقوق الأساسية “الأصيلة” ، باعتبارها شأنا عاما ، و لن نحتاج إلى دروسه ليعملنا أخلاقيات المهنة ، و لا على أي عضو في السلطة لأن يستصدر قرار منع الإعلام من أداء مهامه الدستورية ، و أن الذعائر و المخالفات لن تثني أفراد “صاحبة الجلالة ” عن أداء واجباتهم الدستورية من خارج سلط تزييف الأمر الواقع  .

 

ومعنى هذا أن قوانين الصحافة التي سنَّها المغرب ؛ ابتداء من قانون عام 1958 و إلى حين تقديم مشروع مدونة الصحافة و النشر الحالي ، مرورًا بقانون عام 2002 ، ألقي بها في سلة المهملات من قبل هذا الضابط التلميذ في مدرسة الحريات ، لأن القانون ينم عن فلسفة و رشد أكدها دستور 2011 الذي أفرد إطارا “متقدما” فيما يخص الدفع بحرية الإعلام ، ليس فقط على مستوى الديباجة و البنود التصديرية المحيلة ، و التي تؤكد على احترام المغرب لحقوق الإنسان ؛ و لكن على مستوى التنصيص على مركزية حرية الإعلام في العمران المؤسساتي الجديد الذي حاول هذا الضابط هدمه بلا وعي منه ربما ، بتطور علاقة الأجهزة و المؤسسات بالحقوق و على السيد “عبد اللطيف الحموشي” تدبر الأمر بما يضمن الأمن الفردي و الجماعي و حق الصحافة في التجول و البحث عن المعلومة في إطار القانون طبعا  ، علما بأن الفصل 28 ينص على أن “حرية الصحافة مضمونة ، و لا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة ، للجميع الحق في التعبير و نشر الأخبار و الأفكار و الآراء ، بكل حرية و من غير قيد ، عدا ما ينص عليه القانون صراحة…” ، كما أن الفصل 25 ينص على أن “حرية الفكر و الرأي و التعبير مكفولة بكل أشكالها” .

التعليقات مغلقة.