أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الحكومة المغربية بين الوعود الوردية و التنزيل على أرض الواقع بعد مرور مائة يوم على تشكيلها

أسبوع يفصل حكومة “عزيز أخنوش” على إطفاء شمعتها المائة، من تاريخ تعيين رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار” على رأس السلطة التنفيدية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفارط، ضمن تحالف ثلاثي ضم أربعة وعشرين”24″ وزيرا، و بطبيعة الحال مضافا إليهم رئيس الحكومة.

 

وكان حزب “الحمامة” قد اكتسح المشهد السياسي المغربي خلال الانتخابات التشريعية، التي جرت في 8 سبتمبر/أيلول الفارط، بحصوله على مائة و اثنتين مقعدا برلمانيا، من أصل ثلاثمئة و خمسة و تسعون مقعدا يتشكل منها مجلس النواب، متبوعا بحزب “الأصالة والمعاصرة” بستة وثمانون مقعدا، فحزب “الاستقلال” ثالثا بواحد و ثمانون مقعدا.

 

و هي الانتخابات التي عرفت اندحارا للحزب الحاكم، حزب العدالة و التنمية، ذا التوجه الإسلامي، خلال ولاتيتين متتاليتين، في أقسى محاكمة يتعرض لها حزب سياسي في تاريخ المغرب الحديث، باحتلاله المركز الثامن بثلاثة عشر “13” مقعدا فقط، أغلبيتها من اللائحة النسائية، فيما كان قد حقق مائة و خمسة و عشرون مقعدا خلال استحقاقات سنة 2016 الانتخابية.

 

بعد مرور مائة يوم من عمر التحالف الحكومي الذي نال ثقة البرلمان في  13 نوفمبر/تشرين الثاني الفارط، ماذا تحقق من الوعود الانتخابية الكثيرة التي أطلقها التحالف و زكاها من خلال ميثاق الشرف الموقع من قبل الأحزاب الثلاث، في ظل انتظارات كبرى يطمح المغاربة أن يروها على أرض الواقع منجزة.

 

الوقائع على الأرض بعد مرور كل هاته المدة لا توحي بحدوث أي تغيير، وهو ما عبر عنه العديد من المختصين في الشأن المغربي، الذين أكدوا أن شعار “التغيير” الذي حمله “عزيز أخنوش”، و الوعود الكبيرة التي أطلقها والتي أغرت الناخبين بالتصويت لفائدة الحزب، لم يتم تنزيلها لحدود الساعة، وكأن الحكومة لم تبدأ ممارسة مهامها لحدود الساعة في موقف وصفه أحد الباحثين بإصابة الحكومة ب “الدهشة”، و هو ما عكسه نوع من الجمود المسجل في حركيتها، والذي يعاكس البرنامج الكبير و الطموح المقدم قبيل الانتخابات التشريعية، فيما يشبه “صدمة حداثة” أوقفت مسار الحكومة على مستوى الرأس كما الأضلع، و هو ما يعكسه الصمت الحكومي خاصة من قبل “أخنوش”، وكل هذا يعكس أزمة في التدبير الحكومي لكون أغلب الوزراء هم من التكنوقراط، و ليست لديهم تجربة سياسية كبيرة في المجال، فلربما الصمت يعني الحذر من الوقوع في الأخطاء، وقد تكون توجيها رسميا لكافة أعضاء الحكومة المغربية، و هو ما يقدم صورة سلبية عن مسارها و آفاق تعاملها مع الملفات الكبرى.

و ما يغدي هذا التصور هو الحديث الذي يدور حول تعديل حكومي مرتقب ستشهده هاته الحكومة، بإضافة حزب “الاتحاد الدستوري” إلى التحالف الثلاثي، و منحه على الأقل حقيبة وزارية واحدة.

 

و ما يعزز هذا الرأي هو البلاغ الذي سبق أن أعلن عنه الديوان الملكي إبان ولادة الحكومة، في أكتوبر/تشرين الأول الفارط، و الذي أكد على  أن الحكومة الجديدة “ستضم كتاباً للدولة في وقت لاحق”، لم يتم الإعلان رسميا عن تاريخه.

 

موقف يتبناه حزب “التجمع الوطني للأحرار” الذي يريد مكافأة حليفه الاستراتيجي في الحكومة السابقة، و لكنه لا يلقى تجاوبا من قبل قطبي التحالف على اعتبار أن الحكومة بشكلها الحالي تمتلك أغلبية مريحة و مطلقة و لا مجال إذن لتوسيع تركيبتها، بما أن هاته الأغلبية الثلاثية تتوفر على مائتين و تسعة و ستون مقعدا برلمانيا من أصل ثلاثمئة و خمسة و تسعون مقعدا التي يتشكل منها مجلس النواب، أي أنها تتوفر على الأغلبية المطلقة.

 

اقتصاديا، عملت الحكومة خلال هاته الفترة على إصدار مجموعة من القوانين بهدف تشجيع الاستثمار من خلال التسريع بعقد لجنة الاستثمار، وعقدها لأربع اجتماعات متتالية، إضافة إلى التوقيع على إحدى و عشرين اتفاقية لحدود الساعة، بقيمة مالية إجمالية وصلت إلى 22.5 مليار درهم، ستمكن من إحداث نحو إحدى عشر ألف منصب شغل مباشر، كخطوة لإنجاز وعد الحكومة بتوفير مائتين و خمسون ألف منصب شغل.

 

وكانت الحكومة قد أعلنت أواخر شهر مايو/أيار الفارط، برنامجها للتنمية الاقتصادية، والذي سيمتد إلى حدود سنة 2035، ينتهل من النموذج التركي للتنمية الاقتصادية، لجعل المغرب قطبا اقتصاديا رائدا في إفريقيا.

 

مع محاولة الحكومة خفض عجز الميزانية من خلال القانون المالي لسنة 2022، إذ تطمح الحكومة إلى بلوغ رقم 5.9 في المئة من الناتج الداخلي الخام، بدلا من 6.2% المسجل خلال سنة 2021، في مسعى لاستعادة التوازن المالي والاقتصادي وتحقيق نسبة نمو قدرتها الحكومة في 3.2%”.

 

كما تهدف الحكومة إلى خلق مائتين و خمسون ألف منصب شغل ما بين سنتي 2022 و2023، من خلال توفير عقود عبر المجتمع المدني و التعاونيات و المقاولات للأشخاص الذين فقدوا عملهم جراء تأثيرا كوفيد-19، دون اعتبارا للمستوى التعليمي، و قد خصص لإنجازه غلاف مالي قدره 2.25 مليار درهم خلال سنة 2022.

 

و كانت المندوبية السامية للتخطيط قد أشارت خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الفارط، إلى تقلص في عدد العاطلين عن العمل، في السوق المحلية بمقدار 35 ألفا، ليبلغ عددهم مليونا و447 ألفا.

و كان “مرصد العمل الحكومي” وهو منظمة غير حكومية، قد سجل ، في تقرير له حول حصيلة عمل الحكومة خلال 100 يوم، “غياب أي مبادرات تواصلية لرئيس الحكومة، حول مختلف التدابير والإجراءات الحكومية، أو تقديم توضيحات فيما يخص مجموعة من القرارات المثيرة للجدل”.

 

وأوضح المرصد أن الحكومة “لم تُقر أي إجراءات أو تدابير للتعاطي مع الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار مجموعة من المواد الأساسية”.

 

وأشار  إلى أن “رئيس الحكومة لم يعقد أي لقاء مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والمهنيين، رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي ميزت انطلاق عمل الحكومة”.

 

في الجهة المقابلة قال المرصد إن “الحكومة عملت على تنفيذ التزاماتها فيما يخص التنزيل السريع لبرامج الحماية الاجتماعية”.

 

وكانت الحكومة قد أطلقت وفي 14 أبريل/نيسان الفارط، مشروعاً لتوسيع برامج الحماية الاجتماعية لتشمل العاملين في القطاعات الاقتصادية غير الرسمية، أعقبه مصادقتها مع بداية سنة 2020 على إحداث سجل اجتماعي موحد، سيصبح “المنطلق الوحيد لولوج أي برنامج اجتماعي”، من خلال “إحداث سجل وطني للسكان، بحيث سيصبح لكل مقيم معرّف رقمي مدني واجتماعي”.

 

إضافة إلى ملفي الصحة و التعليم والتزام “أخنوش” ب “مضاعفة موازنة الصحة العامة على مستوى السنوات الخمس المقبلة، ومراجعة التعويضات الممنوحة للأطباء، وإحداث أربع مراكز استشفائية جامعية جديدة”، أما على مستوى التعليم فقد وعد بـ”رفع أجور المدرسين إلى 5 آلاف و700 درهم كمرتب صاف شهريا عند بداية مسارهم المهني”.

التعليقات مغلقة.