أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ما وقع في فاس للبرلماني “اللبار” يعكس انحطاطا في المستوى التدبيري وتخلفا عن مواكبة التوجيهات الملكية السامية في باب الاستثمار  

لكي لا تتكر مأساة ما حصل في فاس من قبل مسؤولها الجهوي

أصوات                                   

ما تعرض له البرلماني ورئيس لجنة الاستثمار بجماعة فاس، ونائب العمدة بها، والمستثمر ورجل الأعمال، عبد العزيز اللبار، من منع من حضور اجتماع استثماري لهو من الخطورة بما كان لاعتبارات عدة، أهمها ما هو دستوري وقانوني، لأنه يضرب في العمق دور المؤسسات الدستورية، البرلمان والمجالس المحلية والجهوية في المشاركة في تدبير الشأن الاستثماري، ونقل هاجس المواطنين والشعب في قضية تعتبر من جوهر اختصاصات هاته المؤسسات وقطب عملها الأساسي بناء لمغرب الغد المتجدد المنفتح على المشاركة من قبل جميع مؤسساته وأبنائه، والديمقراطي الفاتح أذرعه لكل الأقطاب المرتبطة بالملف، وفق الرؤية المولوية السديدة التي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يحث عليها، وهو ما تم ضربه عرض الحائط من قبل والي جهة فاس مكناس في تجمع استثماري، وهو ما يطرح ألف سؤال حول سبب عقد هذا الاجتماع إن كان المعنيون بالموضوع مغيبون بقوة المنع اللامسؤول واللادستوري.

 

أن ينعقد اجتماع استثماري بمدينة فاس، شيء جميل في ظل واقع الهشاشة والفقر والبطالة وانتشار الجريمة الذي تعيش تحت وطأته المدينة والإقليم، ومواكبة للتوجيهات الملكية السامية، لكن أن يتم تغييب المنتخبين بقوة الإرادة الفردية المعطلة للتنمية، فهذا هو السخف بعينه، وأن يتم التضييق على حضور المستثمرين لهو الكارثة بعينها، فالاجتماع انعقد للتداول في قضايا التنمية وليس من أجل أخد الصور والتبجيل لثقافة “قولو العام زين” ويكفي “المومنين شر القتال”.

 

إن ما حدث يعكس انحطاطا في المستوى التدبيري وتخلفا عن مواكبة التوجيهات الملكية السامية في باب الاستثمار، وضربا لكل القيم الدستورية القانونية التي تشجع على الاستثمار، ناهيك عن تسويق صور قبيحة عن المغرب ومؤسساته، والديمقراطية التشاركية التي ما انفك عاهل البلاد يحث على اعتمادها أسلوبا للتدبير.

 

إن صراخ النائب البرلماني وانهياره العصبي من أجل فاس والتنمية والدستور والمؤسسات لهو التعبير الدامي عن سقوط بعض العقليات التدبيرية التي لم تستوعب بعد أهمية المرحلة والرهان والطموح المغربي لضرب كل أعداء الوطن وضمان الاستقرار السياسي عبر ضمان الأمن الاقتصادي والاجتماعي.

 

إن بعض العقليات لا زالت تتغدى من المقاربة الأمنية، والتي مارستها في فاس حتى ضد برلماني ورئيس لجنة الاستثمار بجماعة فاس، إن البناء الوطني يكون بمقاربة شمولية بوابتها تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي كمدخل لتحقيق الأمن السياسي.

 

إن صرخات البرلماني “اللبار” ستبقى وصمة عار في جبين مدبري السلطة في فاس، ومحاكمة دستورية تقتضي من المجلس الجماعي لفاس وكافة المجالس المنتخبة الشجب والإدانة، ومن البرلمان التصدي والإدانة، ومن المؤسسات المركزية فتح تحقيق في الموضوع.

 

إن ما قدم والذي كشف عنه البرلماني “اللبار” يعكس سقوطا في المواكبة والارتقاء إلى مستويات أعلى، فالإعلام بوابة المؤسسات نحو المجتمع وشريك في بناء رأي عام وطني واع وقادر على البناء والدود عن المؤسسات والحدود ضد الأعداء، وهو ما عبر عنه بشراسة في التصدي للبرلمان الأوروبي وإحباط المؤامرة التي قادتها فرنسا عبر بوابة البرلمان الأوروبي من خلال محاولة الركوب على الحرية الإعلامية من أجل تمرير مؤامرة تستهدف المغرب ومؤسساته، وهو ما وعته كافة المؤسسات الإعلامية والنقابات الإعلامية الوطنية، فتصدت له بقوة، لكن أن يمرر في فاس خطاب أن منع “اللبار” من حضور فعاليات اللقاء الاستثماري لمنع وصول المعلومة للإعلام لهو القبح بعينه والتخلف الذي يقتضي من الإطارات المجتمعية التصدي له بقوة.

 

إن المغرب راهن دائما على الاستثمار المنتج بوصفه رافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد وهو ما عكسه الميثاق الوطني الجديد للاستثمار الذي اعتبر مدخلا لتحقيق الإقلاع الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والأمن الاقتصادي قبل الأمن السياسي، باعتبار تداخلهما، بما يعطي جاذبية للمغرب وللاستثمارات الخاصة، الوطنية منها والأجنبية. وهو ما تم ضربه في فاس من خلال تسويق سياسة القمع والمنع للمستثمرين والبرلمانيين وممثلي المجتمع من المساهمة في القرار التدبيري.

 

من هذا المنبر نرفع القبعة لابن فاس الأبي، ونتمنى له الشفاء العاجل، ونحمل السلطات بفاس تبعات ما حصل ويحصل للنائب البرلماني “اللبار” ونشاركه صدعة الحق التي دونها بمرارة في تاريخ المغرب ضد كل المعطلة للاستثمار وللتنمية وللاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

 

إن جلالة الملك محمد السادس، ما فتئ يؤكد على ضرورة التنزيل الفعلي لميثاق اللاتمركز الإداري، ومساهمة كافة مكونات المجتمع في الدفع بهذا التحدي نحو الأمام في إطار الديمقراطية التشاركية كمبدأ دستوري، وهو ما صدع به البرلماني “اللبار” من قلب العاصمة العلمية ضد كل أيادي التعطيل.

 

وغير خاف على هؤلاء المسؤولين أن الخطب الملكية، تعتبر من بين آليات صناعة وتوجيه القرار السياسي في المغرب، بالنظر إلى المكانة الدستورية التي تحتلها، إذ للملك وطبقا للفصل 52 من دستور المملكة لسنة 2011، أن يخاطب الأمة والبرلمان، ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش.

ودور البرلمان والبرلمانيين عكسه صاحب الجلالة المعظم في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، طبقا للفصل 52 من الدستور حيث قال جلالته “لا يخفى عليكم دور المؤسسة البرلمانية، في مجالات التشريع والتقييم والمراقبة، في الدفع قدما بإشكاليات الماء والاستثمار، وبمختلف القضايا والانشغالات، التي تهم الوطن والمواطنين”.

 

وهو التوجه الذي تم ضربه عرض الحائط من قبل مصالح ولاية جهة فاس مكناس من خلال الاعتداء على حق البرلماني “اللبار” في الحضور والمشاركة والمراقبة والمساهمة، من موقعه كممثل للأمة بمجلس النواب، ومن موقع مسؤوليته التدبيرية كنائب لعمدة فاس، ورئيس لجنة الاستثمار بجماعة فاس، ومن موقعه المهني كأحد أكبر المستثمرين الذين يضخون أموالا في خرينة الدولة، ويمتصون جحافل البطالة، أم أن مصالح الولاية تدفع بهذا الوطني لجمع أمواله والذهاب للاستثمار في دولة أخرى تقدر قيمة حضوره في ضمان تقدمها وامتصاص البطالة فيها، فما جدوى أن نعقد اجتماعات لجدب الاستثمار إن كنا سنفرط في المستثمرين الفاعلين في تنمية البلد، أم أن الاجتماع مفروض فيه أن يكون من أجل الاجتماع والخطب والصور وينفض الجمع بسلام.

 

 

إن ما يجب أن يعلمه مسؤولو ولاية فاس أن دستور2011، ولا سيما الفصل 70 منه، ينص على أن البرلمان يمارس السلطة التشريعية، ويصوت على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية، فضلا عن دوره في التصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة (الفصل 71)، في الميادين الاقتصادية (قانون الإطار المتعلق بميثاق الاستثمار نموذجا) والاجتماعية والبيئية والثقافية.

 

إن المشرع أكد من خلال (قانون 55.19)، على ضرورة الانكباب على ”طلبات المرتفقين” المتعلقة بالحصول على القرارات الإدارية لإنجاز مشاريع الاستثمار، من جهة، مع سن تشريعات تُلزم المؤسسات والهيئات المعنية بتوفير “بنك المعلومات الرقمية” رهن إشارة عموم المواطنين والفاعلين الاقتصاديين على وجه الخصوص (قانون 31.13)، وهو ما تم ضربه في اجتماع فاس بمنع أحد المستثمرين الأساسيين من الحضور، بل والأغرب من ذلك أن “عبد العزيز اللبار” هو ممثل لفاس بمجلس النواب وعضو أساسي في جماعتها الترابية، وهو ما يطرح ألف سؤال حول الأسباب الكامنة في هذا القرار اللادستوري واللاقانوني، وهو الأمر  الذي حمل النائب البرلماني “عبد العزيز اللبار” إلى الإنعاش لتبقى صرخاته وصمة عار على جبين مصالح ولاية فاس، ونحيي عاليا الوطنية الصادقة للسيد النائب المحترم والتي تعكس عشقه لفاس المدينة التاريخ والتراث، وللمغرب النسمة التي يتغدى بينبوعها بقوة الانتماء والمحبة للوطن وللعرش العلوي المجيد.

 

فهل ستتدخل المصالح المركزية لرد الاعتبار لفاس ورجالاتها ولعمق الدستور والقانون والتوجيهات الملكية السامية التي تبقى فلسفة للعمل، أم أننا سنعيش مسلسلات من ضياع الفرص التي تعرقل النمو والتقدم وتضرب كل عملية تحولية بإرادة سلبية تعرقل الأفق.

  

 

إن المشرع سعى إلى توسيع دور الجماعات المحلية في تفعيل وتطوير الاستثمار المحلي وذلك من خلال دراسة كل الجوانب القانونية والتنظيمية ومختلف الميكانيزمات التي تخول وتمكن المجالس المحلية المنتخبة من تحقيق واقع محلي افضل وذلك عبر دفع عجلة الاستثمارات على المستوى المحلي لتحقيق تنمية على مستوى الاقاليم، حيث تعتبر المجالس المنتخبة الاطار العام لمشاركة السكان المحليين في تسيير شؤونهم عن طريق المجالس المنتخبة المحلية، وهو الدور الذي تم ضربه عبر الحائط في فاس من خلال منع مسؤولي عن الاستثمار بمجلس فاس من الحضور في اجتماع استثماري.

 

إن هذا المنطق من السلوك تناسى الأسس القانونية والدستورية والتي تعتبر أن المجتمع المحلي كتركيبة اجتماعية من المجتمع الكلي وما يحمله من سياقات مختلفة، والآخر متعلق بالتنمية كفعل متوازن يعبر عن مجموعة الأنشطة التنموية، وآلياتها الموجهة لفائدة المجتمع المحلي.

 

المجلس الاقتصادي والاجتماعي لهيئة الأمم المتحدة كان قد حث سنة 1955، من خلال إعلان صادر عنه على ضرورة تبني استراتيجيات مشروع التنمية المحلية وفقا لمقاربات متنوعة، وعلى ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية كآلية تدفع بهذه المقومات نحو الفعل الجماعي التشاركي الباني للمستقبل.

 

إن هاته الورقة تحمل فعلين الأول تضامني مع من صرخ من أجل فاس والوطن وعاهل البلاد والدستور والقانون، فدخل المستشفى من الإحساس بالغبن أمام العجز عن الحضور في اجتماع، فما بالك في الترافع من أجل فاس والتمية المحلية والوطنية وهو المسؤول المحاسب من قبل الوطن وعاهل البلاد والناخبين، والثاني فكر تعطيلي للمستقبل مقبر لكل إمكانية لخلق إقلاع وبسمة، وهي دعوة لإعادة النظر في شكل حضور المسؤولين وتنزيل التوجيهات السامية التي عكسها جلالة الملك بصرخته الحاثة على العمل لصالح الوطن والمواطن أو الانسحاب، وهي دعوة للمؤسسات المنتخبة والبرلمان لإدانة ما وقع ردا لاعتبار البرلماني ونائب عمدة فاس ورئيس لجنة الاستثمار بمجلس فاس، ولقدسية وهيبة المؤسسات والدستور والقانون ضمانا للمستقبل الجميل كما يرتئيه جلالة الملك المفدى.

التعليقات مغلقة.