أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الحب الذي أنقذ ستيفن هوكينغ

بمجرّد النظر إلى ستيفن هوكينغ تدرك أنّه تجاوز العبقرية. صحيح أن لعنة الضعف البدني حلّت عليه، لكنه في المقابل تميّز بنعمة الذكاء الخارق. وعلى الرغم من كونه سجين الكرسي المتحرك، فقد جاب الكون بعقله.

باعتباره من خلفاء إسحاق نيوتن كأستاذ لكرسي للرياضيات في جامعة كامبريدج، لم يسعَ هوكينغ إلى التقدّم في المعرفة العلمية فحسب، بل إلى إيجاد “نظرية كل شيء” التي من شأنها أن تسمح للبشرية بمعرفة “عقل الله”. وربما من السذاجة بعد ذلك أن نتوقع أن تكون الحياة الشخصية لمثل هذا الرجل سهلة أو عادية. فهي لم تكن كذلك مطلقًا.

حياة هوكينغ وقصص حبّه شملت جمالًا وحنانًا ملهمًا، وفي الوقت نفسه ألمًا عاطفيًا يتناغم مع المعاناة الجسدية الناجمة عن التصلب الجانبي الضموري الذي جعل الأطباء يتوقّعون له ألّا يعيش أكثر من عامين آخرين – في عام 1963.

كحول وخيال علمي

يمكن القول إنه ربما وجد الإرادة لتجاوز توقعات الأطباء، بفضل الحب الذي جاءه عندما كان على وشك الاستسلام، قبل أن يتمكن من تحقيق أي من اكتشافاته العلمية. فبعد توقّعات الأطباء المأساوية في عام 1963، قيل إن هوكينغ أُخذ إلى غرفته في كامبريدج، حيث استمع إلى فاغنر، وقرأ قصص الخيال العلمي، وشرب الكحول، وقام بالقليل من البحوث.

بحلول عام 1964، أفاد شخص كان يراقبه، بأنّ شخصيّته طغت عليها كآبة عميقة… وسخرية سوداء قاسية، مدعومة ومؤجّجة بساعات طويلة من أوبرا فاغنرية بأعلى صوتها، وأضاف إنّه عندما كان يقود سيارته، كان يفعل ذلك بجنون، من دون أن ينظر إلى الطريق، وكأنه لا يهتم لخطر فقدان حياته.

هذا المراقب كان طالبة جامعية تدعى جين وايلد، تعرّفت إليه في عام 1962، في حفل أقيم في مدينة سانت ألبانز مسقط رأسيهما. ضحكا معًا في حفلة ما بعد التخرّج، حيث كان عليه أن يعتذر لأنه لم يستطع الرقص.

في عام 1964، وفي خضم اكتئابه، عرض عليها تعليمها لعب الكروكيت في حديقة كلية كامبريدج، ترينيتي هول، حيث هزمها شرّ هزيمة. تذكرت قائلة: “بالكاد كلّف نفسه عناء حجب عدوانيته وإحباطه، كما لو كان يحاول عمدًا أن يردعني عن الترابط معه أكثر”.

لكن في ذلك الوقت، كما كتبت جين في سيرتها الذاتية “السفر إلى اللانهاية”: “كان قد فات الأوان … فقد وقعت تحت تأثيره بالكامل، مسحورة بعينيه الزرقاوين الرماديين وابتسامته العريضة.”
كان زواجهما مباركًا في كنيسة ترينيتي هول في يوليو 1965. كان عمره 23 عامًا، وعروسه 21. ربما ما أضاف الوضع رومانسية أن والديه – الباحث الطبي المتقاعد فرانك وخرّيجة أوكسفورد إيزوبيل – لم يبدوا موافقين.

سبب يعيش من أجله

أخبرت جين لاحقًا أحد المحاورين كيف قالت لها حماتها مرّة: “نحن لا نحبك لأنك لا تلائمين عائلتنا”، ونصحها حموها بإنجاب أطفال بسرعة، لأنّ حياة ستيفن ستكون قصيرة.

لكنّ جين كتبت: “لم أر من المفيد أن أسمح بتدمير أي تفاؤل طبيعي أملكه بسبب سلسلة من النبوءات المأساوية. فأجبت بأنني أحب ستيفن لدرجة أن لا شيء قد يردعني عن الرغبة في الزواج منه”.

اعترف هوكينغ في وقت لاحق بأنّ الزواج أعطاه “سببًا يعيش من أجله”. كما منحه عائلة يعيلها، وحاجة إلى وظيفة. فبدأ من جديد يأخذ عمل الدكتوراه على محمل الجد.

أنجبا روبرت ولوسي بسرعة كبيرة في عامي 1967 و1970. أما تيموثي الذي ولد في عام 1979، أي بعد 14 عامًا من الزواج، أثبت أن نصيحة جده عن الحاجة إلى التكاثر بسرعة لم تكن في مكانها.

وتذكرت جين أنّها في يوم زفافها، بتفكيرها البريء في سنّ 21، كانت على ثقة بأن ستيفن سيحبّها ويحترمها ويشجعها على تحقيق مصالحها الخاصة. لكن بالطبع، الحياة لا تشبه الأفلام دومًا.

بعد سنوات، عندما أتت لمناقشة “نظرية كل شيء”، وهو الفيلم الذي كان يدور حول حياة هوكينغ، كان على جين أن تعترف بأن صانعي الفيلم “اضطروا إلى التقليل من الضغوطات والنضالات، لأنه في حياتنا الحقيقية كانت الصعوبات في التعامل مع مرض ستيفن أكبر كثيرًا مما ظهر في الفيلم”.

 

التعليقات مغلقة.