أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الحق في المعلومة و طبيعة المعلومات القضائية المسموح بنشرها

تداولت العديد من الصحف والمواقع الالكترونية مؤخرا اطوار محاكمة  مسؤول كبير في جهاز الوقاية المدنية برتبة كولونيل، كان يشغل منصب مدير مركزي بالقيادة العليا بالرباط كلف بتدبير الشؤون الإدارية والدعم واللوجيستيك.

وكما كان متوقعا، وعلى خلاف كل جلسات الاستماع المطولة التي خضع لها حوالي 60 متهما منذ أشهر بالغرفة ذاتها، لم تخلف حلقة الكولونيل موعدها بتفجير أسرار وفضائح في غاية الإثارة، بعدما واجهت المحكمة المسؤول الكبير المتابع في حالة اعتقال رفقة زميل له ومسؤولين آخرين برتب مختلفة، بمجموعة من الأسئلة الحارقة المرتبطة باتهامات خطيرة تلف عنقه، اعتمادا على مواجهات مباشرة مع رؤساء أقسام كانوا يشتغلون تحت إمرته ونقباء، الذين تحولوا حسب مجريات البحث في الواقعة إلى سماسرة لاستقطاب مئات الضحايا من أجل الولوج إلى الوظيفة بشهادات مزورة مقابل دفع الملايين.

لا احد يمكنه ان يجادل في ان الصحافة تقوم بوظيفتها في خدمة المجتمع بنشر اخبار الجرائم والمحاكمات القضائية باعتبارها من الاحداث العامة التي يهتم بها المجتمع، الا ان هدا النوع من النشر قد يؤدي الى الاساءة والمساس باعتبار بعض الاشخاص لاسيما ادا تعلق الامر بمؤسسة عسكرية تخضع لضوابط معينة.

ان حرية الرأي والتعبير والصحافة لا تعنيالتشهير  وانما تتوخى سلامة القصد وقضايا الوطن والمواطن وتلتزم الموضوعية وتكشف السلبيات وتطرح البدائل والحلول وتنشر الوعي بحركة المجتمع وتساهم في دفعها الى الأمام.

لقد كان الاجدر بغرفة الجنايات ان تحافظ عللى سرية جلسات محاكمة الكولونيل ودلك باعتباران المؤسسة العسكرية مرتبطة بمجال الملك الخاص فحسب, باعتباره القائد الأعلى, وان من شان دلك ان يخدم اعداء وحدتنا الترابية .

إذا كان الحق في المعلومة كما هو منصوص عليه في المادة 27 من الدستور للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام فإن لهذا الحق في ارتباطه بالدعاوى القضائية يطرح عدة تساؤلات حول حدود نطاق المعلومات التي يمكن نشرها أو تمكين الإعلام منها لإطلاع الجمهور عليها؟ وكيف يمكن الحصول على الموازنة بين الحق في الحصول على المعلومة وحماية الخصوصية عند تغطية القضايا المرتبطة بمرفق العدالة؟

للجواب على هذا السؤال نلاحظ أن بعض التشريعات المقارنة وضعت معيار للمعلومات القضائية التي يمكن أن تكون محل أعلام للجمهور ويتمثل هذا المعيار في المصلحة العامة التي تقتضي بألا يتم إعطاء تصريحات للإعلام أو تقديم معلومات بشأن قضية معينة للصحافة إلا إذا كانت المصلحة العامة تقتضي ذلك بسبب وجود قضية معينة تشغل الرأي العام أو تصحيح بعض المعلومات المغلوطة لديه حول قضية معينة.

ولقد أدت حساسية هذا الموضوع في بعض الدول كبلجيكا إلى توجيه دورية مشتركة بين وزير العدل و هيئة الوكلاء العامين مؤرخة في 09 ماي 1999 إلى كافة النيابات العامة تحدد فيها المعلومات التي يمكن للسلطات القضائية والشرطة تقديمها للصحافة، كما حددت هذه الدورية الضوابط التي تحكم علاقة القضاء بالصحافة ونطاق المعلومات التي يمكن إبلاغها للصحافة والجهة المخول لها التواصل معها (وكيل الملك أو النائب المعين من قبله كناطق رسمي باسم النيابة العامة أو رئيس جهاز الشرطة).

محمد عيدني

التعليقات مغلقة.