أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

تقرير.. هذه نواميس “الترحال الرعوي” المصادق عليها

  دراسة مشروع مرسوم يتعلق بشروط وأشكال وكيفيات منح ترخيص الترحال الرعوي كان ضمن جدول أشغال المجلس الحكومي الأخير ، من زاوية تهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية ، ما تترتب عنه مخالفات ومعاينات وتحرير المحاضربناء على بطاقة مهنية منصوص عل مواصفاتها ، و”منح السلطة الحكومية المكلفة بالفلاحة صلاحية اتخاذ قرار المصالحة” ، وتحديد مدة صلاحية الترخيص في اثني عشر (12 شهرا)، مع تحديد الفترات التي يمكن خلالها استعماله، والتنصيص على مسك سجل بالتراخيص المسلمة من طرف قطاع الفلاحة.

، مجلس الحكومة صادق على المشروع المذكور بالتزامن مع مع نازلة الرحل المحاصرين بالثلوج بإقليم ميدلت، والذين تفيد المصدر أنهم “لا زالوا على قيد الحياة، وأن الثلوج لا زالت تحاصرهم ، ما يستدعي ضرورة تكثيف الجهود لإنقاذهم”.

وكان سعيد الطاهري رئيس المجلس الإقليمي بميدلت أكد في تصريح له أن “الأشغال لا زالت متواصلة لإزاحة الثلوج، كما أن عملية البحث عن الرحل المحاصرين لا زالت متواصلة وأنه يتعذر التواصل معهم، مشيرا إلى أن “مؤونتهم نفذت وفي حال لم يتم لإنقاذهم فإن حياتهم معرضة للخطر “.

الأرقام تتضارب حول عدد الرحل المحاصرين، الذين يقدر عددهم بما يتراوح بـين 60 و 15شخصا حسب تصريحات أقاربهم ، والذين كانوا يرعون الغنم بين “دائرتي إملشيل وأسول قبل أن تحاصرهم الثلوج “.

نمط معيشة الرحل داخل الخيام وخارجها

 

شكل الترحال في ذاكرة الإنسان بالصحراء، ثقافة امتلكت ذاته فكرا وممارسةً، يتجلى ذلك في قوله وأمثاله وأشعاره، فكان بمثابة مرآة للمجتمع الذي انبعث من مخيلته، غياب ألماشية وقساوة الطبيعة صعب أحيانا الاستقرار في مكان واحد ..

رحل المغرب عموما وامحاميد الغزلان على الخصوص بدورهم يعيشون وضعا اقتصاديا مختلفا عن مختلف مناطق المغرب، ما جعلها عامل جذب للسياحة العالمية، الأمر الذي فرض تعلم اللغات على أبناء المنطقة للتواصل مع زوار المنطقة الأجانب ، ناهيك عن محدودية العرض الذي تتيحه المنطقة.

وقديما جسدت المدارس المتنقلة أو ما يعرف محليا بـ”المحضرة” التي تزايد الاعتماد عليها ، رغم تقاطعها في أحيان كثيرة مع الانقطاع عن الدراسة بدافع مواجهة تحديات الحياة وتقلباتها.

التعليم و الرحل بالمغرب

طبيعة هذا المجتمع غير المرتبط بالأرض بقدر لارتباطه بالزمان، والذي يشكل تجمعا بشريا يفوق 50 خيمة أفرز خصائص ثقافية تتعلق بحياة الترحال داخل هذا الوسط، تلبية لكل احتياجاته، في ظل اهتماماته الدينية والعلمية، لذلك كان عليه ابتكار وسيلة لتعليم أبنائه ونقل المعرفة لعقولهم ، عبر وسيلة تلائم طبيعته المتنقلة والمتمثلة في المحضرة ذلك الجهاز المرن الذي يرافق أهل الصحراء في الحل والارتحال ، ما أدى الى ظهورها كمدرسة تحت الخيام تلبي رغبات الرحل المعرفية وتروي عطشهم العلمي، حيث يعد المحضر من أهم الأمور التي تميز حياة الرحل في الجنوب بما يعبر عنه من انعدام الأمن، والغالب فيه أنه يحصل في فترات الخصب ووفرة كلأ الماشية، الشيء الذي يغنيهم عن الترحال الدائم والتفرقة ما بين أعضاء العرش الواحد، لذا يمكن القول إن الجفاف يؤدي إلى تشتيت القبيلة وأعضاء العرش الواحد في اتجاه ترحال عائلي، وأن “التجمع في شكل محضر وحلة يحدث إبان مناسبات مؤقتة أي في فترة الحركة، في “زمن الخوف” الذي يحتم تجمع القبيلة لتفادي الهجمات وتنظيم الدفاع” .

 

ـ دينامية القبيلة الصحراوية.

تحتوي منطقة امحاميد  على إعدادية واحدة وثانوية واحدة ، عدد التلاميذ بالمؤسستين، لا يعدو أن يكون قليلا لتوجه أبناء المنطقة إلى التكوين في مهنة الإرشاد السياحي و ولوج غمارها ، لعدم التوفر على الإمكانيات الكافية للدراسة. تناقض آخر صارخ تعكسه فئة غنية لا تهتم بتدريس أبنائها وفئة فقيرة لا تتوفر على إمكانات مناسبة تؤهلها لتدريس أبنائها، وهو الأمر الذي يعيق تمدرس الأبناء، ناهيك عن غياب الوعي بأهمية التمدرس,

أمام فشل المدارس الجماعاتية تقوم البدائل الحقيقة على إيلاء أهمية للتعليم وتقديم مساعدات عينية للعائلات ضمانا لحق العائلات في التعليم، أو على الأقل بديل يستهدف أبناء الرحل وساكنة المجال الرعوي، انقاذا لهذه الفئة من الهدر المدرسي و إشكالاته.

القبائل الرحلية شهدت منذ مطلع الاستقلال وبناء الدولة الوطنية في المغرب، تحولات في نسقها التنظيمي والعلائقي بفعل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة والسريعة والمفاجئة التي فرضت ذاتها على المجتمع والقبيلة و أنتجت أساليب عيش وتنوعاً في الحاجيات وزيادة في التطلعات، فإذا كان”التطور من البداوة إلى الحضارة ومن التخلف إلى الترف حتميا، فإن هناك عوامل عديدة سرعت من وتيرة تهاوي مجتمعات الرحل، “ لتوافر قوى اجتماعية أو طبيعية”  .

إن توالي سنوات الجفاف وزحف الرمال وانتشار الأوبئة منذ نهاية الخمسينات من القرن الماضي، وظروف التوتر السياسي والعسكري بالجنوب المغربي، كلها عوامل ساهمت في انهيار مجتمعات الرحل ونزوح معظم القبائل الطاعنة في الترحال للاستقرار في المدن والمداشر.

هناك معطيات تقول أن عدد الرحل بلغ حوالي 63 بالمائة مقارنة بإحصاء 2004، و أن عدد الرحل بلغ في 2014 حوالي 25 274 موزعة على 4044 أسرة معيشية ما تزال تمارس الترحال وبذلك انهار مجتمع الرحل وأصبحنا نتحدث عن عائلات ترتحل مع قطعانها بعدما كنا نتحدث عن قبائل متحركة بقوتها المادية والرمزية، كما أصبحت مجالات الترحال غير مفتوحة ، بل محصورة في ظل حدود الدولة الوطنية، وبالتالي أضحت مناطق الانتجاع معروفة تقريباً، فقد سجلت إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط والإحصاء التراجع الذي يعرفه نمط عيش الترحال، إذ سجلت في إحصاء 2014 تراجع نسبتها ، ما نتج عنه تدبدب مستمر في تعاطي أبناء الرحل مع التعليم.

التعليقات مغلقة.