شعيب جلال الدين
استقراء التاريخ والنبش في بدايات الأب عبد القادر يحيلنا الى هذه المرجعيات ..
ففي وقت كان فيه أجدادنا يحاربون المستعمر الفرنسي مقدمين ، دون مقابل ، تضحيات كبيرة وصلت درجة الاستشهاد في سبيل تحرير الوطن .. كان قدر والد مريم بن صالح هو المشاركة بقلمه ( فقط ) بتوقيع بسيط على عريضة الاستقلال في 11 يناير 1944 ليحصل في سنة 1962 على نصيبه من كعكعة الوطن ، حيث مكنه الملك الراحل الحسن الثاني من 700 هكتار من الأراضي السقوية المسترجعة من المعمرين …
ما لا يعلمه الكثيرون أن الأب كان في فترة الستينات مجرد مساهم عادي رفقة عدد من أصدقائه في شركة ( أوربونور ) الناشطة في الحبوب والنسيج ..لكن نقطة التحول في حياة الرجل التي سينتقل بسببها الى نادي الأثرياء كان هو إكتشاف منبع ( سيدكم علي ) في مطلع السبعينات بأعالي جبال الأطلس ، هذا المقطع بالذات هو ما شكل نقطة غموض أو بمعنى أصح حلقة النشاز الفارغة …
صحيح أن الملك الراحل منح الأب حق إمتياز إستغلال منبع ” سيدي علي ” مدى الحياة مقابل أداء ضريبة سنوية للدولة ، إلى ذلك تبقى بعض التفاصيل غامضة في هذه الصفقة !!!
الذاكرة لايمكن أن تستوعب مرور هذه ( الهمزة ) مرور الكرام على الجنرال مولاي حفيظ مدير القصور والتشريفات الملكية ، الرجل القوي في القصر آنذاك ، الذي كان يلقب بالمرعب لصرامته ، نظارته هي الأخرى كانت مخيفة ، والذي منحه الملك الراحل الضوء الأخضر للتصرف في شؤون القصر الداخلية وبالتالي صلاحية اتخاذ قرارات انفرادية دون الرجوع إليه ، فقد كان الوسيط الوحيد بين الحسن الثاني ووزراء حكوماته من جهة ،وبين رجال الدولة ورجال المال والأعمال من جهة ثانية ، الويل ثم الويل لأي شخصية تتجاوزه مهما كانت مكانتها في محاولة للتواصل مع الملك مباشرة دون المرور عليه …
هناك أسئلة مشروعة يسائلنا طرحها ..فهل لعب الأب عبد القادر بن صالح دورا بالوكالة ؟ وهل كان هناك شركاء لعائلة آل بن صالح فضلوا البقاء في الظل ؟ وهل يتضمن عقد الاستغلال ، الذي يبقى مجهولا لحد الأن ، شروطا معينة ؟ ولماذا لم يتم لحد الآن ، منذ وفاة الأب في منتصف التسعينات تقسيم التركة بين الإخوة كما يجري العمل بذلك في العادة؟؟.
يبدو أن السيدة مريم بن صالح أصبحت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى ، بأن تكشف للرأي العام عن مضمون عقد الاحتكار الذي تستغل بموجبه عائلتها مياه طبيعية مدى الحياة !!! من حق الشعب المغربي أن يعرف محتوى بنوده ؟ مادمت هذه المياه ثروة وطنية في ملك الشعب ، وأن يعرف على أي أساس تم منح العائلة حق الاستفادة منه لمدى الحياة ، فبسبب أرباحه الخيالية ( 450 مليون دولار سنويا ) تأتى تأسيس عدة شركات منها شركة ( تأمينات أطلنطا و سند ) التي تشرف على تسييرها البنت الشقيقة فاطمة الزهراء ، وشركة ( كونتوار متالرجيك ) التي توجد على رأسها الأخت الأخرى كنزة ، فيما تتكلف مريم وشقيقها حسن بشركة ( أولماس للمياه المعدنية ) العمود الفقري لهولدينغ ( هولماركوم ) .. تفاصيل نسيج أخطبوط علاقاتها مع كبار الشخصيات موثق في مقال بأرشيف صفحة ( العائلات الأكثر نفوذ اقتصادي وسياسي في المملكة ) …
مفاد التدوينات والتعاليق المتداولة يستكثر أن تستفيد أسرة تتكون من عشرة أفراد لوحدها من ثروات البلد وأن تستأثر بها في حين يعيش 20% من الشعب تحت خط الفقر و 17% من شباب المغرب يواجهون شبح البطالة ولسان حالها يقول لايعقل.. ويبدو أنه حان الوقت ليعرف جميع أثرياء البلد الذين يسيطرون على ثروات الوطن الطبيعية ، أنه عندما كان آبائهم يكدسون الثروة كان هذا الشعب العظيم يقاوم الإستعمار ، وعندما كان أبناؤهم يدرسون في أفضل الجامعات في أمريكا وكندا وفرنسا كان هذا الشعب يشارك في المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء من المحتل الإسباني سنة 1975 ، وعندما مات الملك الحسن الثاني رحمه الله في صيف 1999 كانت فئة البرجوازيين تتابع مراسيم الجنازة من خلف الشاشة مرتاحة في الصالونات الفاخرة المكيفة ، فيما خرج هذا الشعب العظيم بشكل تلقائي تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات طويلة لتوديع ملكه الى مثواه الأخير ، فمن هم الخونة يا ترى بلغة دانون؟؟ …
التعليقات مغلقة.