أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

في ندوة فكرية بآسفي..أساتذة وباجثون يطارحون سؤال القيم في الوسط المدرسي

 متابعة: مصطفى كركازة

بمبادرة من لفيف جمعوي، وبمشاركة باحثين وفاعلين تربويين، وبتنسيق مع الفرع الإقليمي للمركز الجهوي لمهن التربية و التكوين بأسفي، وتحت إشراف المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، نظمت ندوة فكرية، احتضنتها قاعة الاجتماعات بملحقة جهة مراكش أسفي، يومه السبت الخامس من ماي الجاري تحت عنوان ” الإدارة التربوية و جمعيات الآباء معا من أجل ترسيخ القيم بالوسط المدرسي “.

الندوة حظيت بمشاركة فعالة للأطر الإدارية المتدربة بمسلك الإدارة التربوية، فرع أسفي ،وبمتابعة كمية و نوعية من قبل مهتمين و فاعلين في حقلي التربية و المجتمع المدني، و العديد من الأطر الإدارية و التربوية . و تأتي هذه المبادرة، بحسب كلمة الأستاذ عثمان سحمود، مسير فعاليات هذه الندوة، في سياق التفاعل الإيجابي و الواعي لدى اللفيف الجمعوي المنظم لهذه الندوة الفكرية مع المستجدات الإصلاحية التي تنهض بها الرؤية الاستراتيجية للتربية و التكوين في شأن التدبير الإداري و التربوي في بعده الهادف إلى ترسيخ و توطين الثقافة التشاركية مع جل المتدخلين المباشرين و الغير المباشرين في الحقل التربوي كفعل و ممارسة و سلوك داخل فضاء المؤسسات التعليمية العمومية . مما يؤكد معه ذ.عثمان سحمود جدوى و جدية طرح شعار هذه اللقاء الفكري، و أيضا، ما يجعل من سؤال القيم موضوعا للمطارحة و البحث و التداول، كون حتمية بناء نظام القيم في الناشئة و صيانة هذه القيم في المجتمع مرهون و مكفول للمدرسة لقدرتها على فعل الغرس و الترسيخ من منطلق تربوي تعليمي، باعتبار ان القيم تكتسي أهمية خاصة توازي بل تفوق أهمية المعرفة التعليمية المدرسية، حسب قوله. و بدوره انطلق الدكتور عبد الإله أبومارية ، باحث و أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية و التكوين بأسفي، في مداخلة مقتضبة؛ من سؤال كيف تتدخل جمعيات الآباء في تفعيل السياق القيمي داخل المدرسة ، ليؤكد على منزع الانضباطية قبل منزع المردودية لدى الإدارة، حيث كشف عن أولوية اهتمام المدير باستراتيجية الانضباط قبل استراتيجية الاستحقاق و تحقيق المردودية و النتائج الدراسية ،موضحا في ذلك اختلاف هذه الاستراتيجة من حيث الأولوية مع نظيرتها لدى الأستاذ؛ الذي يهمه تحقيق النتائج في المقام الأول ، الأمر الذي اعتبره الدكتور أبومارية مدخلا لدور جمعية الآباء كشريك مع الإدارة للعمل وفق أنشطتها على تفعيل وازع المواطنة و التعايش من خلال القيم داخل فضاء المؤسسة .

من جانبه تناول الدكتور محمد المباشري ، الباحث في علم النفس الاجتماعي و علوم التربية ، و أستاذ بالمركز الجهوي ، في عرض عنونه بإشكالية التربية على القيم بين الأسرة و المؤسسة المدرسية و المجتمع المدني، و وفق مقاربة نفسية اجتماعية موضوع وسؤال القيم، منطلقا من تحديد و ضبط و تعريف مفهوم القيم ؛ باعتبارها مثلا معيارية توجه و تنظم سلوك الناس و تصرفاتهم تجاه الآخرين ممن يربطون معهم علاقات نفسية اجتماعية ..مركزا على مطارحتين ؛ الأولى نظرية ترجع لها وزارة التربية الوطنية ، و الثانية واقعية من خلال المجتمع المغربي ، كاشفا من هذا المنطلق على علاقة التربية بالمربي و المربى، و مستدلا بأمثلة تؤكد الفصل بين أحكام القيمة و أحكام الواقع، منبها إلى واقع القيم من خلال المدرسة نظريا واقع يعيد إنتاج تخلفه القيمي . كما قارب ذات الموضوع عبر استقراء لأثر أدبي من جنس الرسائل الأدبية ذات النزعة التربوية من خلال تناوله بالتحليل و التفكيك لعناصرها؛ لأجل إبانة البعد القيمي و الحس و الوعي بأثر ترسيخ القيم و غرسها عبر مدخل تربوي تعليمي. فيما جاءت مداخلة الأستاذ عبد الجليل لقريتي؛ مفتش تربوي بالمديرية الإقليمية بأسفي، وفق مقاربة تربوية ، لتسلط الضوء على أن سؤال القيم باعتباره سؤال و قضية مجتمع ، يتوجب معه برفع منسوب الوعي بأهمية وضرورة مشاركة الجميع؛ كل حسب مسؤوليته و دوره، من أجل العمل على جعل القيم مدخلا و منطلقا للفعل التعليمي التربوي، منبها إلى أن دور المدرسة التعليمة بكل مكوناتها يزيد من فاعلية دورها الطلائعي في ترسيخ القيم مشاركة جمعيات الآباء ،على الخصوص، و الأسرة على العموم .مشددا على إدماج أنشطة الحياة المدرسية ضمن الزمن المدرسي، و العمل بمنطق التعاقد الفكري و ليس بمنطق الإملاءات في تدبير و تفعيل الحياة المدرسية، مسترسلا في ذات السياق على ضرورة تخصيص أستاذ للحياة المدرسية ؛ حتى يتسنى، بحسب تأكيده، على أجرأة مقترح حصص للدعم النفسي الاجتماعي بالموازاة مع الدعم المعرفي التعليمي . أما الدكتور البشير القنديلي ، الباحث في العلوم الشرعية ، و الذي قارب موضوع الندوة من خلال مقاربة دينية ، فقد ركز على ضرورة توحيد مرجعية و معيار القيم قبل العمل على ترسيخها ، حيث اعتبر أن القيم مدخل و أساس ترسيخها يتم من خلال تصريف سلوكات و أخلاقيات تنهل من مرجعية مشترك العقيدة الإسلامية وهوية المجتمع المغربي ، مبرزا أن طفل الغد هو نتيجة إما لتربية إيجابية أو تربية سلبية .

التعليقات مغلقة.