أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الحال

محمد لغويبي

و هذا المساء أغنية تشهر المغيب في وجه الذبيحة،ليلها كنهارها،زاغ عنها العارف و الناسك فانطفأت وردة في القلب و اشتعلت نار في الهشيم.

كحال الدنيا المقلوبة يدور في حقله اليابس،جفت العيون و اندفنت الآبار في الغياب،شاخ الشجر و ارتحل المطر يبحث عن سلالة نقية،بقية باقية يهواها الماء و تهواه،تذوب عشقا في التراب.

جمع حفنة من تراب الأرض، يتطهر من الوحشة المسائية التي تصاحبه هذا اليوم من المشرق إلى المغرب،أ يحملها أم تحمله؟ و قد وجدت طريقها إلى الروح برا و بحرا و جوا!أ يخاصمها أم يصالحها؟ تلك الساكنة المتورط فيها في دوامه المسائي هذا.

عانقها بقوة أو هكذا تخيل نفسه فعل،ضمها إلى صدره و شهق شهقة سمعتها السماء و الأرض، و لا أثر للأباعد و الأقارب، و ألفى نفسه الذبيحة و المخلص،في حقل ملغم ينفجر تحت قدميه عيون ماء و دم.تأخذ الدهشة النهى أخذا، و في غمرة التجربة يرتمي، كان الشاهد و المشهود في لمح البصر و قد ارتفع أذان الفجر في ليل ينجلي و صبح ينفلق.

يعود إليه الرشد،يسبح بحمد الله و يستغفر من كل ذنب عظيم،من كل ذنوب العالم أجمع، صار إلى الحقل يبحث عن الجيران الأحياء و الأموات، اجتمع بالزوجة و الأولاد و الأحفاد، بعد غياب سنين يرجع إلى الدنيا،يحكي الرحلة و المشاق غير مبال بانشغال الصغار و ضجر الكبار ،يكرر الحكاية عن الحقل اليابس ،عن الدم و الماء….عن العيون و الآبار.

تفرق الخلق و انفضوا من حوله، تركوه لوحشته يسألها عن الحلم الذي رأى، عن حقيقة ما يرى كل يوم،كل مساء،حتى مطلع الفجر،و عندما يشهق شهقة تسمعها السماء و الأرض فيغيب لآخر مرة تاركا الحقل وراء ظهره،يصرخ فيه الكبار و يلهو فيه الصغار غير مبالين بالألغام في مساء أغنية تشهر المغيب في وجه الذبيحة.

/ من مجموعة الملكوت القصصية

 

التعليقات مغلقة.