أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

أراك ملأ جهات الأرض منعكسًا كأنما هذه الدنيا مراياك

يوسف القدرة

يا صاحبي، كأن العالم قنديل معلّق في قلبك، تضيء وتطفئ به ما تشاء من أحلامك. كأن الأرض، بكل شقوقها وجبالها المنحنية، ليست سوى مرآة تفضح ما في صدرك من خيباتٍ وأملٍ عنيد.

في الحرب، تصبح المرايا أكثر قسوة. ترى نفسك في الركام، في وجوه النازحين الذين هُجِّروا من بيوتهم، كأن الشظايا لا تنفجر في الحجارة فحسب، بل في القلب أيضًا. كل ما حولك يعكس صورتك المتكسرة: هذا أنت في وجه طفل يلتقط بقايا لعبته، وأنت في خطوات امرأة تبحث عن مخرج بين الدمار، وأنت في صدى الطائرات التي تقطع الليل مثل سيفٍ لا يرى سوى العتمة.

الحلاج، في حكمته، كان يرى أن الدنيا مراياك. وفي الحرب، المرايا تنكسر لكن لا تكذب. تعكس الفوضى التي في الداخل، وتعيد إليك وجهك كما لم تره من قبل. أنت لست هنا لتقاوم العدوان فقط، بل لتواجه ما تعكسه الحرب في داخلك. تلك المعركة التي تدور بين شظايا نفسك، بين خوفك وصمودك، بين ضياعك واللحظة التي تعيد فيها ترتيب هويتك.

نعم، العالم كله مراياك… والمرايا لا تتركك تهرب من نفسك. في زمن الحرب، تكتشف أن حدود المعركة تمتد إلى داخلك، وأنك لست إلا جزءًا من مرآة كبرى تعكس الألم والحلم، القوة والهشاشة. كلما نظرت إلى الخارج، وجدت داخلك مشتعلاً، وكلما نظرت إلى الداخل، وجدت الخارج ينهار على صدرك.

التعليقات مغلقة.