أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

التوتر المستمر في الشرق الأوسط: إسرائيل أداة النيل من الاستقرار الإقليمي

بقلم الاستاد محمد عيدني

يستمر التوتر في منطقة الشرق الأوسط، حيث تلعب إسرائيل دورًا مركزيًا في زعزعة الاستقرار، وتعتبر بمثابة أداة تستخدمها القوى الغربية لتعزيز الاستعمار في المنطقة. فالتاريخ الطويل من التدخلات والاستراتيجيات الاستعمارية الغربية، منذ تأسيس دولة إسرائيل، يبين العلاقة الوثيقة بين الأزمات الراهنة وتجذرها في السياسات الاستعمارية. وقد تبلورت هذه الاستراتيجية بوضوح بعد انتهاء الانتداب البريطاني في فلسطين وتأسيس دولة إسرائيل في 15 مايو 1948، مما أعاد تشكيل الواقع الجغرافي والسياسي في قلب العالم العربي.

بروز الاستعمار الجديد، متجسدًا في المشروع الصهيوني، أتاح للقوى الغربية استخدام إسرائيل كوسيلة لتحقيق مصالحها، خاصة مع استغلال العجز العربي وتنامي الحركة الصهيونية. يعود جذر هذا المشروع إلى المؤتمر الصهيوني الذي عقده تيودور هرتزل عام 1897 في سويسرا، ليكون خطوة واضحة نحو تحقيق المطامع الاستعمارية، إذ لم يكن قيام دولة إسرائيل مجرد نتيجة لقرار الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947.

في الوقت الراهن، يواجه بعض الساسة الإسرائيليين، مثل بنيامين نتنياهو، تحديات كبيرة في خلق سلام دائم في المنطقة. الدعم الأمريكي والأوروبي غير المشروط لسياساتهم يزيد من تعنتهم، مما يؤدي إلى تجاهل المبادرات السلمية. ومن الأمثلة على ذلك المقترح الأمريكي لوقف القتال في غزة، الذي لم يكن سوى نسخة عن المطالب الإسرائيلية، والتي تراجع نتنياهو عنها لاحقًا، مما أسفر عن تفاقم الأزمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

إن التوجه الحالي للدولة الإسرائيلية يُظهر تجاهلًا للضرورات الإنسانية والتفاوضية، حيث تستخدم إسرائيل قوتها العسكرية كعذر لتبرير سياساتها التوسعية. فنتنياهو صرح أمام الكونغرس أن انتصار إسرائيل يعني انتصار الولايات المتحدة، مما يعكس التداخل بين الأمن القومي لكلا الدولتين.

ومع تصاعد التهديدات الإقليمية، خاصة من إيران، وارتفاع تكاليف العمليات العسكرية التي نمت بنسبة 30%، يتعاظم الضغط على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعاني من ارتفاع الدين العام، والذي بلغ 80% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد ساهم هذا الوضع في تآكل ثقة المواطنين في قدرة الحكومة على إدارة الأزمات، مع تسجيل ارتفاع في معدلات الفقر والبطالة.

الأحداث الأخيرة كشفت عن فشل السياسات الإسرائيلية في تحقيق الأمن الحقيقي، إذ زادت الانتهاكات الإنسانية بشكل مضطرد، مما ساهم في زيادة التوتر في الأراضي المحتلة. التصعيد العسكري الإسرائيلي سعى لتغطية إخفاقات الحكومة، في الوقت الذي ترتفع فيه أعداد الضحايا الفلسطينيين بسبب الغارات الجوية، مما يعكس صورة قاتمة عن المستقبل.

من الواضح أن الحلول المجتزأة والفشل في بلورة مبادرة سلام شاملة تنعكس على الوضع الداخلي الإسرائيلي، حيث تسهم هذه الصراعات المستمرة في تعزيز الانقسامات الاجتماعية وتفاقم الأزمات الاقتصادية.

في المحصلة، لا يمكن الاستمرار في نهج سياسي واقتصادي يصر على المواجهة والعنف، حيث أن هذه السياسات لا تهدد فقط وجود الفلسطينيين والدول المجاورة، بل أيضاً تضع مستقبل إسرائيل على المحك. يتطلب الوضع الحالي تدخلًا دوليًا جادًا يهدف إلى تحقيق السلام العادل والمستدام للجميع، بدلاً من تعميق الهوة بين الأطراف والتسبب في تفاقم الأزمات

التعليقات مغلقة.