المحامي والناشط السياسي “عبد الإله تاشفين” يوضح أسباب توقف المحامين الشامل ويستعرض مطالب فرسان العدالة
متابعة رضا سكحال
صعد المحامون من حدة نضالهم، بعد عدة أشكال احتجاجية سابقة، تخللتها وقفات بساحات المحاكم، ومقاطعات إنذاريه للجلسات، لكن صرخة التحذير التي أطلقها المحامون اصطدمت بصخرة اللامبالاة، وعلى غرار “مجبر أخوك لا بطل”، قرر المحامون خوض خطوة تصعيدية، تتمثل في التوقف الشامل عن أداء مهمة الدفاع بكافة المحاكم والمصالح الإدارية، والتي انطلقت -أي الخطوة- منذ الفاتح من شهر نونبر الجاري، وذلك بعدما رفض حراس العدالة وحماتها خلع كرامتهم أو المس بحقوقهم كهئية دفاع، فخاضوا معركتهم نيابة عن المواطنين دفاعا عن عدالة نزيهة ومستقلة.
وفي هذا الإطار، قدم الأستاذ عبد الإله تاشفين، المحامي بهيئة مراكش، والناشط السياسي، لجريدة “أصوات”، لمحة عن السياق العام لهذا التوقف الشامل، وعن مطالب المحامين، حيث قال، أنه قد “سبق لجمعية هيئات المحامين بالمغرب أن أقرت منذ شهر يوليوز الماضي، مجموعة من الخطوات النضالية، والأشكال الاحتجاجية، منها تنظيم عدة وقفات بالمحاكم، ومقاطعة إنذاريه لمدة أسبوعين تعلقت بمقاطعة جلسات الجنايات، ومقاطعة صناديق المحاكم، وتنظيم وقفة وطنية أمام البرلمان، علاوة على عقد لقاء وطني بمسرح محمد الخامس، لإثارة انتباه الجهات المسؤولة”، مضيفا، أن “الهدف من كل هذا طبعا هو حماية حقوق المواطنات والمواطنين في الولوج إلى العدالة بما يضمن الحق في الأمن القضائي كحق كوني من حقوق الإنسان”.
واستطرد المحامي “تاشفين”، “ونظرا لعدم استجابة الجهات الرسمية، خاصة الحكومة في شخص وزارة العدل الوصية على القطاع، اضطرت الجمعية اتخاذ خطوة نضالية تصعيدية أخرى، تجلت في التوقف الشامل عن أداء مهام الدفاع، ابتداءً من فاتح نونبر 2024 إلى إشعار آخر، ستليها خطوات أخرى وفق ما تراه الجمعية وأجهزتها التقريرية مناسبا”.
وأبرز ذات المحامي والناشط السياسي، أن قرار “التوقف الشامل عن أداء مهام الدفاع، قد فرض على جمعية هيئة المحامين بالمغرب، وتدرك خطورته على المس بالسير العادي للمحاكم، وتدرك أكثر من غيرها تأثيره على المتقاضين والبطء في الفصل في الملفات وتراكمها، وسعت الجمعية إلى الحوار دون جدوى مما يؤكد غياب إرادة حقيقية لدى السلطات الحكومية في حوار حقيقي جاد ومسؤول لتجاوز الاختناق الذي تعيشه مهنة المحاماة”.
وبخصوص مطالب المحاميات والمحامين، أكد “تاشفين”، “أن الأمر لا يتعلق بمصالح المحامين فحسب، بل هو في جوهره دفاع عن المجتمع، وعن حقوق كل مواطن في الوصول إلى عدالة متكافئة ومستقرة”. مشيرا إلى تصريح سابق لرئيس الجمعية، النقيب الحسين الزياني، المتعلق بالمطالب التي ترفعها هيئات المحامين، والتي “ترمي في عمومها إلى حماية حقوق المتقاضين في التقاضي وفي ولوج العدالة، إذ هناك أزمة حقيقية على مستوى التشريع، سواء على مستوى قوانين الشكل، أو على مستوى القانون المنظم لمهنة المحاماة، إذ لابد من ضمان ممارسة مهنية سليمة وقانون سليم ومتطور وحداثي لمهنة المحاماة، يواكب تطورات البلاد”. مشددا على ضرورة “حماية الوضع الاعتباري للمحامين، وأنظمة التأمين والإصلاح الجبائي العادل يراعي خصوصية المهنة كرسالة نبيلة”.
وبخصوص الخطورة التي حملها مشروع المسطرة المدنية، قال “تاشفين”، أنه “من بين تجليات الخطورة، على سبيل الذكر لا الحصر، نجد أن مشروع القانون منح النيابة العامة حق الطعن في أي قرار قضائي دون ربط هذا الحق بأي أجل، و ألزم المواطنين بآجال قصيرة للطعن، مما خلق انعداما للتوازن وتهديدا لاستقرار المعاملات، وضربا مباشرا للأمن القانوني”.
وزاد المحامي والناشط السياسي نفسه، أن المشروع “قد نزع من المواطنين حق الطعن بالاستئناف ضد الأحكام في القضايا التي تقل قيمتها عن 30,000 درهم، وهو ما يعد حرمانا من حق كوني هو حق التقاضي على درجتين، كما حد من حق الطعن بالنقض في القضايا التي تقل قيمتها عن 80,000 درهم”. مضيفا أن”هذا كله يعزز الفوارق بين الطبقات الاجتماعية ويضر بالفئات الأكثر هشاشة، الذين لا تقل قضاياهم أهمية عن قضايا ذوي الإمكانيات، ومن هذا المنطلق اعتبرناه مشروعا طبقيا”.
وصرح “تاشفين” في إطار حديثه لـ”أصوات”، أن “المشروع الطبقي ألزم المواطنين بأداء غرامات قد تصل إلى 50,000 درهم في حالات معينة، إذ أعطى الحق للمحكمة أن تحكم تلقائيا أو بناء على طلب من النيابة العامة أو من أحد الأطراف على كل من تبث لها أنه يتقاضى بسوء نية بغرامة لفائدة الخزينة العامة، بصرف النظر عن التعويض الذي يمكن أن يطالب به المتضرر، علاوة على غرامات في حالة رفض قبول طلبات التجريح أو المخاصمة ضد القضاة، و هو ضرب في العمق لمبدأ مجانية التقاضي، والأكثر غرابة في المشروع، هو تمكينه للدولة من تنفيذ الأحكام فور صدورها في مرحلة الاستئناف، وحرمان المواطنين من ذلك”.
التعليقات مغلقة.