نجيب أولحاج
كشفت مصادر رسمية، معطيات خطيرة حول لجوء شركة كوباغ لاسيتراد الحليب المجفف من أجل تغطية حاجيات السوق بعد تراجع مبيعات سنطرال المستهدفة من طرف المقاطعة الشعبية منذ سبعة أسابيع، فحسب دراسة لمكتب الدراسات كانطار، فإن سنطرال فقدت 18,3 نقطة مائوية من حصتها في السوق بينما ربحت كوباغ التي تنتج العلامة “جودة ” حوالي 8,9 نقطة مائوية ووصلت حصتها في السوق في بعض الأحيان إلى 38,4 % مقابل 24,1 % قبل المقاطعة.
ما يحير المتتبعين هو أن شيئا ما خطيرا يحصل دون أن تعيره لا وزارة الفلاحة ولا الحكومة أي اهتمام، على خلفية جمع شركات الحليب عادة لمليار وأربعمائة مليون ليتر من الحليب من الفلاحين وهو نصف ما ينتجه الفلاحون المغارية من حليب. تقتني منه سنطرال دانون 650 مليون ليتر من الفلاحين بينما تقتني كوباغ 200 مليون ليتر ، ما يعني أن اقتناء كوباغ لحليب الفلاحين يجب أن يوازي ارتفاع مبيعاتها في السوق. لكن مشترياتها من حليب الفلاحين لم ترتفع .. لرفضها تعويض سنطرال دانون في عملية جمع حليب الفلاحين المتضرين من جراء المقاطعة ، فهل يعود الأمر لأسباب لوجستيكية ؟، وفق مهنيي الحليب. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه والذي يتم التغاضى عنه من طرف الحكومة هو: لماذا لا تعرف السوق خصاصا في الوقت الذي تخلت فيه سنطرال دانون عن ثلاثين في المائة كانت تقتنيها من حليب الفلاحين ، والذي لم يتم اقتناؤه من طرف شركات الحليب الأخرى؟ وما هي مصادر الحليب الذي تطرحه كوباغ مثلا في السوق ، ما ساهم بقدرة قادر في ارتفاع حصتها و تتبوأ مركز القيادة من حيث تصنيع وتوزيع وبيع الحليب الطري؟
الجواب واضح ومفاده حسب المهنيين: استعمال كوباغ حليب “الغبرة” وطرحه في السوق على أنه حليب طري. فالحليب المعروف شعبيا بحليب “الغبرة” حليب يتم تجفيفه من الماء وتحويله إلى مسحوق وتخزينه لاستعماله في صناعة الحلويات والبسكوتة والمثلجات واليوغورت والمشروبات الحليبية. وبالتالي يمنع استعمال مسحوق الحليب في صناعة الحليب الطري حسب المرسوم رقم 425-00-2 ل7 دجنبر 2000 حول مراقبة إنتاح وتسويق الحليب ، والذي يقول صراحة في مادته التاسعة “أن تصنيع الحليب المبستر المجدد كاملا والمجفف كليا أو جزئيا ممنوع” وهو ما يعني بلغة بسيطة أن استعمال حليب الغبرة لتصنيع حليب المائدة الذي يباع عند البقال أو في الأسواق الممتازة ممنوع.
عبد الله مكاوي رئيس جمعية مربي الماشية بتادلة ، أكد من جانبه لجوء شركة معينة (ويقصد بها كوباغ التي تنتج جودة) لاستعمال حليب “الغبرة” إلى درجة أن كمية الاستيراد وصلت إلى عشرين ألف طن مع العلم أن كيلو واحد من الحليب المسحوق قادر على إنتاج عشر ليترات من الحليب ، مكاوي أردف أن استعمال الحليب المجفف يمنح للشركات ثلاثين سنتيما من الربح الإضافي عن كل لتر.
وحسب معطيات إدارة الجمارك فقد عرفت واردات الحليب المجفف قفزة كمية قاربت آلاف الأطنان خلال الأشهر الماضية وحتى قبل حملة المقاطعة. فهل كان البعض على علم بحملة المقاطعة؟ معطيات مكتب الصرف لا زالت لم تحين بعد فيما يخص استعمال العملة الصعبة من طرف شركات الحليب من أجل استيراد الحليب المجفف؟
كل هذه أسئلة تحير المستهلك والرأي العام ، وتلقي بالكرة في ملعب الحكومة التي ما فتئت تتلكا في فتح تحقيق سريع للتأكد من صحة هذه المعلومات اعتمادا على معطيات الجمارك ومكتب الصرف والدراسات العلمية التي من الفترض أن يقوم بها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية؟ كما يتطلع الملاحظون لما ستقوم به الحكومة لمعاقبة مخالفي القانون والمتلاعبين بالسلامة الصحية للمواطنين؟
ما يلاحظه الرأي العام الوطني لحد الآن هو صمت مريب من طرف الجهات المعنية رغم وجود مؤشرات على تلاعبات خطيرة جدا.
نشطاء مغاربة يكرسون مقاطعة منتوجات شركة الحليب جودة بسبب “الغبرة”
يواصل المغاربة حملات المقاطعة، فبعد أكثر من شهرين من مقاطعة ثلاث علامات تجارية كبرى والضغط عليها لتخفض أسعارها، أعلنوا مساء يوم السبت 09 يونيو الجاري، مقاطعة شركة “كوباك” المنتجة لمادة حليب “جودة” ومشتقاته.
ويرجع دخول شركة “كوباك” المنتجة لحليب “جودة” لقائمة الشركات التي تطالها حملة المقاطعة، بعد الكشف عن معطيات رسمية تؤكد أن الشركة تبيع حليب “الغبرة” للمغاربة على أنه حليب طبيعي، وهو ما أثبتته وثائق رسمية نشرتها إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، تُفيد أن حجم واردات شركة “كوباك” من الحليب المجفف “الغبرة” تضاعف خمس مرات خلال شهرين، حيث انتقلت من 200 ألف كيلوغرام خلال شهر مارس إلى 800 ألف كيلوغرام، ثم مليون كليلوغرام في شهر ماي، وهو الحليب الذي لا يُسمح قانونياً بتوزيعه للإستهلاك المباشر، بل فقط لصناعة المنتوجات الحليبية مثل الياغورت وغيره،
وبفضل الحليب المجفف “الغبرة” استطاعت شركة “كوباك” المنتجة لحليب “جودة” ومشتقاته الحليبية، خلال فترة المقاطعة تلبية حاجيات السوق والطلب الجد مرتفع، دون أن تزيد من حجم كميات الحليب الذي تشتريه من الفلاحين، مما يُفيد أن الشركة لجأت إلى تصنيع الحليب المستورد لصناعة المثلجات والمشتقات الحليبية، وبيعه على أنه حليب مُبستر، وذلك في خرق سافر لكل القوانين المقنٌنة لقطاع إنتاج الحليب.
وتمكنت الشركة التي يُديرها محمد لولتيتي، موازة مع حملة المقاطعة، من نقل حصتها من 23 في المائة قبل المقاطعة إلى 33 في المائة بعد شهر ونصف من المقاطعة، بينما تراجعت حصة منافسها شركة سنطرال دانون، من 46.7 في المائة إلى 18.3 في المائة.
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع إعلان مقاطعة منتوجات شركة “جودة” التي شرعت في بسط سيطرتها على سوق إنتاج مادة الحليب ومشتقاته بالمغرب، حيث أظهرت تعليقاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي مساندة قوية لهذه الحملة التي اعتبروها خطوة تصون كرامة الشعب.
ويطالب المقاطعون بخفض أسعار السلع التي تقدمها تلك الشركات إلى مستويات “عادلة” تتناسب والقدرة الشرائية للمواطنين، مع دعوة المسؤولين الحكوميين إلى تعيين هيئة تحقيق نزيهة ومستقلة، للبحث في المخالفات الجمركية والغش في الإنتاج المحظور قانونا، والذي نسبه ناشطون وإعلاميون ومهنييون لشركة جودة، مع إعلان النتائج والعقوبات إن وجدت على الملأ.
التعليقات مغلقة.