أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الحيادية الصحفية والتهجين السياسي

صلاح الطاهري

يظل الدور والهدف الاول والرئيسي للعمل الإعلامي ومهنة الصحافة هو نقل الحقيقة كما هي!
دون تبرير مُفتعل أو مدفوع الأجر لتلميع حاكم أو نظام أو سلطة أو حزب سياسي أو فصيل أو طرف من أطراف الصراع سواءً كان ذلكم الصراع سياسي أو نزاع مسلح محلي أو دولي. طائفي أو ديني وهذا مايمكن أن نطلق عليه بالإعلام والصحافة المُستقلة الحيادية والمُحايدة فقط للحقيقة وبما يحمي حق ويناهض ظلم أو إنتهاك ويحقق وعي ويُمكن حرية ويمنع مصادرتها ويكشف فساد ويعزز من مبداء النزاهة والشفافية في كافة مؤسسات الدولة ويسهم في تحقيق العدالة والمواطنة المتساوية ناهيك عن دوره في الدفاع عن الحقوق والحريات ومناصرة كل ما من شأنه يحقق حياة كريمة وأستقرار وسلام للشعوب ويكون في الصفوف الاولي للدفاع عن القضايا العادلة للأمة.

وبلاشك أن الإعلام والصحافة الرسمية لا يمكن إجبارها علي الحيادية والإستقلالية الإعلامية والصحفية فهي وبكل تأكيد جند من جنود الحكومات والأنظمة الحالية الحاكمة سواءً في وطننا العربي أو علي مستوي دول العالم حيثما تريد يكون الإعلام والصحافة الرسمية معها وفي صفها سلباً أو إيجاباً وهو كذلك بالنسبة لوسائل إعلام القوي والأحزاب السياسية وصحافتها سواءً للحزب الحاكم أو الأحزاب السياسية المعارضة
ومع ذلك لم تكتفي الرأسمالية السياسية والحزبية المتسلطة بالإعلام والصحافة الرسمية ولا بالإعلام والصحافة الحزبية التي تمثلها ويُعد صوتها والناطق بأسمها بل إقتحمت الفضاء الواسع من الإعلام المستقل والحر في محاولة منها لتهجين الحيادية والإستقلالية والنزاهة والشفافية للإعلام المستقل والمُحايد لتبرز ظاهرة الإعلام والصحافة التابع أو الممول بمسمي محايد ومستقل وحر وهو في حقيقة الأمر يخدم أجندتها السلطوية والسياسية والحزبية في ظل إمتلاكها للدعم والموارد التي تمكنها من إنشاء وأفتتاح أعداد ضخمة من الوكالات الأخبارية والقنوات الفضائية والصحف والمواقع الأخبارية والإذاعات ووسائل ومنصات التواصل الممولة والتابعة لها
وكل ذلك أدي وبلاشك ألي تهجين الحيادية والإستقلالية والنزاهة والشفافية في العمل الإعلامي والصحفي وأصبح الجمهور و الشعوب ضحية ذلكم الاعلام والصحافة المهجنة ذات الاخبار والقضايا والأفكار المُعلبة التي ينتجها الاعلام التابع والممول لتلكم الكيانات والاطراف والقوي السلطوية والسياسية والحزبية فهم من يرتكبون الاحداث وهم من ينتقدها ويبررها كما يحبون وهم من يقف بمسؤولية السلطة وصوت السلطة والقرار الحكومي والسياسي ومن جهة اخري هم يحتلون دور ومسار وعمل السلطة الرابعة المتمثلة بالاعلام والصحافة ولو كان ذلك بطريقة غير مباشرة تحت مسميات الاعلام والصحافة المحايدة او المستقلة وبكل تأكيد فإن عملية التهجين تلك أفضت الي تراجع الاعلام المستقل وضعف إمكانياته وموارده بل أن العاملين من الاعلاميين والصحفيين المستقلين تعرضوا لاهمال وإقصاء ممنهج من القوي الحاكمة والمعارضة بنفس الوقت وكانوا الاكثر عرضة للانتهاكات والاعتقالات وتقييد حرياتهم خاصة في الدول النامية والتي مازال فيها صراع الارث السياسي والطائفي كاليمن وليبيا والسودان وسوريا والعراق
ولعلي قضايا حقوق الانسان هي الضحية الاولي والتي تأثرت سلباً بمسارها وعلي مضمونها ودور الاعلام في تبني قضايا حقوق الانسان ومناهضة الانتهاكات والعنف في ظل إعلام وصحافة تروج للحاكم وتبرر للفاسد وإعلام وصحافة معارضة للحاكم لكنها لاتؤمن بالواقعية والمصداقية الاعلامية والصحفية ونقل الحقيقة كل دورها النيل من الحزب الحاكم وكيف تحتل السلطة ولو كان ثمن ذلك إنتهاك ومصادرة حقوق وحريات شعب ومصير أمة بحد ذاتها فهي تنشر عبر وسائلها الإعلامية مايناسب توجهها وبمعايير تتناسب مع مشروع النيل من خصومها الساسيين لا اكثر
وعليه فإن الإعلام والصحافة التابع أو الممول قد أثر سلبًا على تبني قضايا المجتمعات، خاصة القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان.
وذلك من خلال التركيز على أجندات الإعلام السياسي الذي يخدم الوجة السياسي للسلطات أو القوى الحزبية والسياسية التي تمولها، بدلاً من التركيز على القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان.
كذلك من خلال التحيز في التغطية الإخبارية فالإعلام والصحافة التابع يظهر تحيزًا في التغطية الإخبارية، حيث يمكن أن يركز على القضايا التي تخدم أجندات السلطات أو القوى الحزبية والسياسية، بدلاً من التغطية الموضوعية للقضايا الإنسانية وحقوق الإنسان.
وبلاشك أن ذلك عمل علي التهييج والتحريض ضد القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان وارتفاع معدلات إنتهاكات حقوق الانسان خلال السنوات الاخيرة خاصة إذا كانت هذه القضايا تتعارض مع أجندات السلطات أو القوى الحزبية والسياسية.
اضف الي ذلك التهديدات أن الإعلام والصحافة التابع أو الممول عزز من تهديد وانتهاكات الصحفيين المستقلين الذين يغطون القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان بكل حيادية ومصداقية خاصة إذا كانت هذه القضايا تتعارض مع اليهمنة السلطوية والسياسية
ولذا فإن من ابرز مايجب أن تقوم به المنظمات الدولية في مجال الحريات والحقوق وحريات الصحافة والحصول علي المعلومة هو أن تتبني مشاريع تموليه لدعم وسائل اعلام وصحافة مستقلة وتعزز من دورها في دعم ومناصرة وتبني قضايا الاعلاميين والصحفيين المستقلين بل أن توجه تلكم المنظمات الدولية حيال دعم وتمويل الاعلام والصحافة المستقل سيخفف عبئ كبير عن المنظمات ذاتها العاملة في مجال الحقوق والحريات ومناصرة قضايا حقوق الانسان من خلال الحصول على المعلومات والرصد الحقوقي والانساني الدقيق والصحيح وذلك من خلال الصحافة والإعلام المستقل الذي لا تموله سلطة ولا يتبع طرف أو حزب سياسي ولعلي من أبرز المشاكل التي تواجه الرصد الحقوقي والإنساني وتبني قضايا حقوق الانسان من قبل المنظمات الدولية هو الحصول علي المعلومات والبيانات الدقيقة والصحيحة في عملية رصد وتوثيق ومرجعيات انتهاكات حقوق

التعليقات مغلقة.