أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

صرخة من أجل مدينتي: الفنيدق

الفنيدق/محمد الهيشو

سأكتب اليوم عن مدينتي التي أدين لها بالكثير، والتي حولها الفساد السياسي، اﻷخﻻقي، واﻹجتماعي الي سوق شبه قروية على مدار السنة، وإلى مزبلة نفايات وعشوائيات-على حد تعبير إخواننا المصريين- قل نظيرها في المغرب. مدينة بموقع جغرافي استراتيجي متميز، إمكانيات سياحية هائلة، وإرث تاريخي ﻻ بأس به، تتضاعف مساحاتها العشوائية بين ضحى كل عشية وشروق كل الصباحات الجديدة. النفايات في كل الزوايا والدوائر، وفائض في المجانين والمشردين من مختلف اﻷعمار واﻷجناس. مشاريع كبرى دشنت وأجهضت، وأخرى لم تكتمل، او اكتملت بصيغة مغايرة لما كانت عليه فوق منصات التدشين ( نموذج ملعب حيضرة الجديد ).
مشكلة الفنيدف المدينة اليوم، هي غياب المدنية..غياب اﻹستراتيجيا والتخطيط والرؤية المبنية على الوافاء للحضن والتاريخ، تاريخ “castillejos” الحديث، بما له وما عليه. أن تكون إبنا بارا لها عايش الغابة والغدير، الغرسة والسهل فيها، ثم ترى الخراب والجشع وسوء التدبير يأكلون منها، ستصاب حتما بالغثيان، وسيأخذك الحنين الى ماضيها الجميل الذي لن يعود.
“الكاراكول” تحفة معمارية استعمارية ناذرة بها، تترك لهوى اﻹبتذال، وتحاط من كل جوانبها بضجيج السوقية والنتانة. نفس الشئ يحدث مع شارع محمد الخامس على امتداد أفقه الطويل، ومع ملعب “رأس لوطا” التاريخي، ومنتزه “المنزلة” الجميل. حتى البحر بجماله وزرقته، لم يسلم هو أيضا من بؤس طوية اﻹنسان، حيث كان الى أمد غير بعيد مطرحا للردم الناتج عن اصﻻحات بعض تجار سوق المسيرة الخضراء، وهو السوق الذي يحتل قلب المدينة الموغل في البؤس إلى حد اﻹختناق.
كل من تحملوا مسؤولية تدبير الشأن العام بالمدينة، بمن فيهم اﻷوصياء ( عمال باشوات وقياد)، -حتى ﻻ يظنوا بأنهم معفيون-، لهم نصيبهم فيما آلت إليه اﻷوضاع بها اليوم، ﻻ يشهد التاريخ ﻷحد باﻹستثناء، الكل في نفس الكفة، واﻷغلبية يجب أن تساءل. ﻻ يعقل أن تفرخ القيسريات بمركز المدينة كالفطر، وﻻ تبنى أسواقا للقرب في اﻷحياء الشعبية للتخفيف، ﻻ يعقل أن تظل أحياء كبرى مثل(حومة الواد،والحومة الكحلة، ورأس لوطا الفوقية) بدون مرافق اجتماعية تربوية وﻻ فضاءات للترفيه.ﻻ يعقل..وﻻ يعقل…
لن ننتهي بما ﻻ يعقل، المشكلة استعصت، والسيل وصل الزبى، وشباب المدينة اليوم لم يعد في خبر كان..كما كان، ﻷنه عرف أن الصمت على خراب مدينته ومدنيته فيه شبهة..تواطؤ..حيف، وضرب من الﻻمسؤولية.

التعليقات مغلقة.