أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الهند: مدينة كالكوتا، عندما تنافس كرة القدم رياضة الكريكيت

جريدة أصوات

كالكوتا – مع بزوغ أولى أشعة الشمس التي تبدد ضباب الصباح الباكر بكالكوتا، وعلى مساحة شاسعة من منطقة مايدان، الرئة الخضراء لهذه المدينة العملاقة في شرق الهند، يستمتع الشباب بلعب كرة القدم.

يلعب البعض حفاة الأقدام، ويغطي آخرون أرجلهم بقطعة قماش، ولكنهم جميعا يظهرون نفس الحماس والشغف.

قد يكون هذا المشهد مفاجئا في أماكن أخرى في الهند، في بلد يعرف هيمنة مطلقة لرياضة الكريكيت، ولكن ليس في كالكوتا، حيث لا يعد شغف كرة القدم أمرا جديدا. وإذا كان هناك فريق يجسد هذا الشغف المتجذر في تاريخ يمتد لأكثر من قرن من الزمان، فهو نادي موهون باجان.

نادي راسخ في الذاكرة الجماعية

تأسس نادي موهون باجان سنة 1889 وما زال مقره الرئيسي، الذي يقع على مسافة قصيرة من نهر هوجلي، يعكس انجازات الماضي.

ومن بين القائمين على هذا الإرث، ينظر أمين مال النادي، موكول سينها، بتأثر للخزانة المليئة بالكؤوس التي تم احرازها على مدى عقود من الزمن. وانضم لنادي موهون باجان منذ سنة 1971، وكان عمره 14 آنذاط سنة فقط عندما وطأت قدمه أبواب النادي لأول مرة.

ويتوقف سينها عند صورة فوتوغرافية بالأبيض والأسود تخلد ذكرى فريق سنة 1911، المنتصر على فوج شرق يوركشاير، وهو فريق بريطاني قوي.

في ذلك اليوم، وفي نهائي درع الاتحاد الهندي لكرة القدم (البطولة الكروية الأكثر شهرة في البلاد في ذلك الوقت)، حقق لاعبو موهون باغان إنجازا غير مسبوق بعد أن أصبحوا أول فريق هندي ينتصر على منافس بريطاني.

وقال سينها في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء “تخيلوا أحد عشر لاعبا هنديا، أغلبهم حفاة الأقدام، يهزمون الفريق البريطاني… عندما أفكر في ذلك اليوم، لا أزال أشعر بالقشعريرة”.

حماس المباراة النهائية، التي أقيمت في 29 يوليوز 1911، كان غير مسبوق. يقول الخبير في العلوم السياسية رونجوي سين في كتابه “الأمة تلعب: تاريخ الرياضة في الهند” إن ” التذاكر، التي كان سعرها في البداية يتراوح بين روبية واحدة واثنتين، كانت تباع بما يصل إلى 15 روبية، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت”.

الحضور الجماهري في تلك المباراة كان غير مسبوق على مستوى كرة القدم الهندية، وتراوح ما بين 80 ألفا و100 متفرج بالملعب الذي كان صغيرا جدا لاستيعاب هذا العدد من الجماهير.

وأضاف السيد سين “بالنسبة لأولئك الذين ظلوا خارج الملعب، سمح لهم نظام مبتكر بمتابعة تقدم المباراة، حيث كان المتطوعون يطلقون طائرة ورقية بألوان النادي في كل مرة يتم فيها تسجيل هدف”.

وفي ظروف جوية مواتية مكنت اللاعبين الهنود من اجراء المباراة من دون أحذية رياضية، ودون لاعبين احتياطيين، وبعد خمسين دقيقة من مباراة قوية توقفت لاستراحة قصيرة لمدة خمس دقائق، تمكن “البحارة”، كما يلقبون، من الفوز أخيرا بنتيجة 2-1.

وإلى غاية اليوم لم يتراجع بريق هذا النصر. تكريما لـ “أمور إيكادوش” (الأحد عشر خالدا)، ينتصب تمثال عند مدخل ملعب التدريب الخاص بالنادي، يلهم الشباب الذين يحلمون بتحقيق المجد.

يؤكد موكول سينها أن إرث موهون باغان لم ينته في 1911. فقد واجه الأسطورة البرازيلة بيليه النادي في ملعب إيدن جاردنز في 25 شتنبر 1977 عندما كان يلعب لفريق نيويورك كوزموس. وبعد ثلاثة عقود، في دجنبر 2008، زار أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا مقر موهون باغان، وتقاسم لحظات خاصة مع مواهب الأكاديمية.

ديربي كالكوتا، منافسة تاريخية

في الذي الوقت يعتبر فيه نادي موهون باجان جزءا أساسيا من ذاكرة كرة القدم في كالكوتا، فإنه لا يمكن الحديث عنه دون ذكر منافسه التاريخي، نادي إيست بنغال، الذي تأسس في 1920.

ويشكل “ديربي كالكوتا”، الذي أقيم أول مرة سنة 1925، حدثا بحد ذاته، حيث يعرف حضور جمهور غفير. وخلال دور نصف نهاية نهاية كأس الاتحاد سنة 1997، احتشد أكثر من 130 ألف متفرج في ملعب سولت ليك، وهو “رقم قياسي غير رسمي” لمباراة كرة قدم بالهند.

وانتهى مؤخرا موسم بطولة كرة القدم الهندية بتفوق “البحارة” الذين فازوا بمباراتي الديربي، وبـ 56 نقطة، وهو رقم قياسي في موسم واحد، ليحققوا درع الدوري، ويصبحوا أول فريق هندي يدافع بنجاح عن لقبه.

وتتجه أنظارهم حاليا نحو بطولة كأس الدوري الهندي الممتاز، وهي بطولة خروج المغلوب التي فشلوا في التأهل إليها في الموسم الماضي ضد فريق مومباي آيلاندرز.

التعليقات مغلقة.