أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

“اليسار المغربي: تراجع وثغرات تؤسس لهيمنة اليمين”

بقلم الأستاذ محمد عيدني

أصوات من الرباط

في ظل تنامي اليمين في المشهد السياسي المغربي، أطلق عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تحذيرات بشأن ضعف أحزاب اليسار، مشيرًا إلى فقدانها للتأثير والقدرة على المنافسة.

 

جاءت تصريحات بنكيران خلال ندوة حول “الأمن الغذائي بين مخططي المغرب الأخضر وأليوتيس”، لتسلط الضوء على أزمة حقيقية تعيشها النخبة السياسية في البلاد.

 

تراجع اليسار المغربي لم يكن نتيجة لعوامل سياسية فحسب، بل أيضًا لهيمنة رؤوس الأموال التي باتت تشوش على توازنات السلطة. كما أشار بنكيران، أصبح اليسار “مخنوقًا بالفلوس”، وبات غير قادراً على أداء دوره التقليدي، ما أدى إلى خلق فراغ سياسي استغله اليمين لتعزيز موقعه.

 

هذا التراجع عن دوره الأساسي أسفر عن تصاعد تأثير رموز المال، حيث تحولت السياسة إلى ميدان استثماري يسيطر فيه الأغنياء على مفاصل القرار. تجربة بنكيران مع مثال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تعكس كيف يمكن للمال أن يغير ملامح السياسة بعيدا عن خدمة المصلحة العامة. ترامب، الذي حصل على ثروته من الرسوم الجمركية، يمثل صورة حالمة للعديد من رجال الأعمال المغاربة، في إشارة واضحة إلى عزيز أخنوش الذي يُعتبر نموذجًا محليًا لرجل الأعمال السياسي.

 

تعززت هذه الانتقادات بوجود ظاهرة تُعرف بـ “الريع”، والتي تُشير إلى استغلال النفوذ السياسي لتحقيق مصالح اقتصادية خاصة، مما يزيد من اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. كما أن بنكيران نبّه إلى أن هيمنة المال على اليسار قد أدى إلى تآكل المبادئ التي تأسس عليها، حيث عانت النخب اليسارية من انزلاق نحو الأوساط الاقتصادية القوية.

 

التحليل الذي يقدمه بنكيران بشأن الفروقات بين اليمين واليسار يفتح باب النقاش حول القدرة على تشكيل سياسات تنموية مستدامة تخدم المجتمع ككل، بدلاً من فرق بين من يسعى نحو الربح السريع على حساب المصلحة العامة. مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة اليسار على النهوض من جديد، واستعادة دوره الفعال في الحياة السياسية.

 

المستقبل السياسي في المغرب يتطلب من اليسار دفعًا جماعيًا ومراجعة شاملة لاستراتيجياته، لتتمكن الأحزاب اليسارية من استعادة ثقة الناخبين ومكانتها في المشهد السياسي. ستبقى الأعين موجهة نحو الانتخابات المقبلة، لنرى هل سيتمكن اليسار من استعادة مكانته، أم ستبقى خيوط السياسة بيد القوى القوية.

 

التعليقات مغلقة.