أزمة الكهرباء تدفع المغرب لتزويد أوروبا وتبرز دوره كشريك إقليمي في أمن الطاقة

أصوات من الرباط

في خطوة غير مسبوقة، اضطرت إسبانيا والبرتغال مؤخرًا إلى الاعتماد على المغرب كمصدر رئيسي لتزويدهما بالكهرباء، وذلك في ظل أزمة حادة في تأمين الطاقة ناجمة عن انقطاعات متكررة، والتي كانت تهدد بخسائر اقتصادية وبشرية واسعة في عدة قطاعات حيوية.

هذا التحول المفاجئ في تدفق الكهرباء من الجنوب إلى الشمال يثير تساؤلات حول مدى عمق التعاون الطاقي بين المغرب والدول الأوروبية، والتكلفة المحتملة لهذا الدعم على المملكة، خاصة في ظل تزايد الطلب الداخلي على الطاقة.

وأكد خبراء اقتصاديون أن هذا الحدث يعكس وجود بنية تحتية متطورة تربط المغرب بأوروبا عبر أسلاك كهربائية تمر من أعماق البحار، تتيح تبادل الطاقة بشكل مرن في كلا الاتجاهين، إذ يمكن للمغرب استيراد الكهرباء من أوروبا عند الحاجة، والعكس صحيح، مما يعزز من مرونة وأمان الشبكة.

رأى هؤلاء أن نموذج التعاون هذا يشكل مظلة أمان لكل من الطرفين، ويؤكد رغبة المغرب في بناء علاقات تكافلية رابحة مع جيرانه الأوروبيين، خاصة إسبانيا، مع إمكانية توسيع مجالات التعاون، وربما تسوية بعض الملفات العالقة مثل وضع سبتة ومليلية.

كما أشاروا إلى أن المغرب يظل دائمًا مستعدًا للتعاون مع محيطه، حتى مع الدول التي قد لا تربطها بها علاقات مستقرة، مؤكدين أن منطق الجوار يقتضي التنسيق والتقارب لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة، خاصة في سياق المنافسة الدولية اليوم.

وجددوا التأكيد على أن العلاقات بين المغرب وأوروبا كانت دائمًا إيجابية، وأن المملكة تدرك أهمية التعاون التجاري والإنساني مع الشركاء الأوروبيين وشمال إفريقيا، باعتباره خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه، خاصة مع التحديات والأزمات المستجدة عالمياً التي تفرض تكوين تكتلات إقليمية ذات أولوية مع الجوار المباشر حضاريًا وجغرافيًا.

وفيما يخص الكلفة المالية لتزويد إسبانيا والبرتغال بالكهرباء، أوضح الخبراء أن المدة كانت قصيرة، ولم تُحدث عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على المغرب، الذي لم يطلب مقابلًا ماليًا، معتمدًا على تقاليده في التضامن، خاصة وأن هذه المبادرة ساعدت في تفادي خسائر كبيرة في قطاعات حيوية، بينها القطاع الصحي.

وفي الختام، تؤكد هذه المبادرة على المكانة المتزايدة للمغرب كشريك موثوق في مجال الطاقة، وفاعله كشريان حيوي للربط الكهربائي العابر للحدود، مما يعزز مركزه كشريك إقليمي أساسي في تأمين أمن الطاقة في المنطقة.