كشفت مصادر مطلعة أن لجنة مركزية تابعة لـوزارة الصحة والحماية الاجتماعية حلت، خلال الأيام الماضية، بمدينة العرائش، وذلك في أعقاب تسجيل حالات متزايدة للإصابة بداء الحصبة، المعروف محلياً بـ”بوحمرون”، وسط مخاوف من تفشيه في صفوف الأطفال غير الملقحين، وتزايد الضغط على المصالح الصحية المحلية، خاصة بالمناطق القروية والمراكز شبه الحضرية.
ووفق المصادر، فقد جاء هذا التحرك الوزاري بهدف استنفار الفرق الطبية وتمكينها من أدوات التتبع والتدخل السريع، في محاولة لاحتواء الوضع الصحي، بعد تسجيل عدة حالات مؤكدة، وما رافقها من نقص في الأدوية المرتبطة بعلاج أعراض المرض، خصوصاً المكمل الغذائي “فيتامين A”، الذي اختفى من رفوف عدد من المراكز الصحية، بسبب الإقبال المتزايد عليه من طرف المرضى.
وأفادت المصادر ذاتها بأن الأطر الطبية بالعرائش باشرت عمليات حصر وتتبع للمصابين، تفادياً لأي انتشار أوسع للفيروس داخل الأوساط السكنية، سيما في ظل مخاوف من تكرار سيناريو التفشي الذي عرفته مدينة طنجة في وقت سابق، والتي سجلت فيها حالات موازية، في وقت تعاني فيه أصلاً من أعباء متواصلة بفعل انتشار أمراض مزمنة أخرى، مثل داء السل.
للإشارة، فقد كان فريق برلماني قد طالب بتوضيحات من المصالح الوزارية المختصة، ناهيك عن الكشف عن أسباب “التكتم” الذي يلف هذا الملف، والإجراءات الاستعجالية التي تعتزم الوزارة اتخاذها للحد من انتشار المرض، بعدما تفشى في وقت سابق بمدينة طنجة، وبدأ ينتقل تدريجياً صوب المدن الجهوية. وأشار الفريق إلى أن إقليم شفشاون بدوره شهد خلال الشهور الماضية موجة تفش واسعة للمرض نفسه، كان من بين ضحاياها طفلة صغيرة بجماعة تمروت، مما خلف حالة من الذعر لدى السكان المحليين، خصوصاً بالعالم القروي والمناطق المعزولة التي تفتقر لأدنى مقومات التدخل الصحي السريع.
وأكد الفريق البرلماني أن داء الحصبة، باعتباره من الأمراض شديدة العدوى، يشكل تهديداً حقيقياً للصحة الجماعية، ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق عدالة صحية، داعياً إلى تدخل مستعجل وعميق من أجل دعم حملات التلقيح، وتوفير الأطر والأدوية الضرورية، وضمان وصول الخدمات إلى الفئات الهشة والمحرومة. وقالت مصادر إن استمرار غياب استراتيجيات استباقية في مواجهة الأمراض المعدية، خاصة في صفوف الأطفال، من شأنه أن يفتح الباب أمام موجات وبائية يصعب التحكم فيها، ما لم يتم تدارك الخصاص المسجل في التلقيح والتجهيزات الطبية والموارد البشرية، وهو الأمر الذي تعكف عليه اللجنة الوزارية بغرض تقييم الوضع ومعرفة مكامن الخلل، ناهيك عن ضرورة تدارك تلقيح الأطفال.
التعليقات مغلقة.