“الفصل 507 من القانون الجنائي المغربي: بين صرامة النص وضرورات العدالة الإنسانية”
بقلم: الأستاذ محمد عيدني
أصوات من الرباط
أثارت الأحكام القضائية في المغرب، خلال السنوات الأخيرة، جدلاً متزايداً، خاصةً تلك التي تستند إلى الفصل 507 من القانون الجنائي. هذا الفصل، الذي يفرض عقوبات قاسية على مرتكبي الاعتداءات بالأسلحة البيضاء حتى في غياب عاهة مستديمة، بات يثير تساؤلات حول مدى ملاءمة تطبيقه مع مبادئ العدالة والإنصاف.
فقد لوحظ تصاعد في إصدار أحكام بالسجن لمدة عشر سنوات أو أكثر، حتى في الحالات التي تستدعي تقييماً دقيقاً للظروف الاجتماعية والإنسانية للمدان. وكما أوضح عدد من المحامين من فاس والرباط وسلا، في لقاءات مع فريق التحقيق لجريدة أصوات، فإن تطبيق الفصل 507 قد يتسم بالجمود في بعض الأحيان، متجاهلاً الظروف المحيطة بالمتهمين. ليس كل من يحمل سكيناً، أو يحرزها، يستحق عقوبة طويلة الأمد، خاصةً إذا لم يسفر ذلك عن إصابات خطيرة أو عاهات دائمة.
إن دمج العقوبات في حالة جروح متبادلة بسيطة، وغياب أي عاهة، يُعدّ إشكالياً، وقد يشكل انتهاكاً لحق الشخص في إعادة الإدماج في المجتمع. فالحرية قيمة أساسية يجب النظر إليها في سياق الظروف الاجتماعية والإنسانية، خاصةً بالنسبة للشباب الذين قد يكونون ضحايا لظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.
تُصبح إعادة النظر في تطبيق القانون ضرورة ملحة، خاصة فيما يتعلق بمفهوم العقاب والعدالة الاجتماعية. فالأحكام القضائية العادلة تتطلب مرونة وتفهماً للوضع الإنساني، وتوفير فرص لإعادة تأهيل المذنبين ودمجهم في المجتمع، بدلاً من العقوبات القاسية التي قد تدفعهم إلى هامش الإنسانية والعدالة.
في الوقت الذي نؤكد فيه على أهمية التصدي للجريمة وحماية أمن المجتمع، يجب أن تكون الأحكام القضائية منصفة وإنسانية، مع مراعاة الظروف الخاصة بكل قضية. هذا الأمر يكتسب أهمية خاصة عندما يتعلق الأمر بالشباب، الذين غالباً ما يكونون ضحايا لضعف الوعي أو الظروف الاجتماعية الصعبة.
يتطلب الإصلاح القضائي مراجعة دقيقة للأحكام الصادرة مؤخراً، وتحقيق توازن بين متطلبات السلطات الأمنية وحقوق الإنسان، لضمان أن تظل العدالة هي المعيار الذي يوجه قرارات المحاكم. لقد عرفت السنوات الأخيرة ارتفاعًا في عدد هذه الأحكام، مما يستدعي وقفة للتفكير والتقييم.
التعليقات مغلقة.