أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

إسبانيا تلغي احتفالات “إنزال الحسيمة” المئوية تجنباً

جريدة أصوات

مدريد، اسبانيا– في خطوة تعكس حرص إسبانيا على تعزيز علاقاتها مع المملكة المغربية، أعلنت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغاريتا روبليس، إلغاء جميع الفعاليات التي كانت مُخططاً لإقامتها بمناسبة الذكرى المئوية لـ “إنزال الحسيمة”، المقرر في 8 سبتمبر 2025. يأتي هذا القرار، الذي كشفت عنه صحيفة “ذا أوبجيكتيف” نقلاً عن مصادر من هيئة أركان الدفاع الإسباني، بهدف “تجنب أي خطوة قد تثير استياء المغرب”.

خلفيات القرار: توازن دبلوماسي دقيق
كان الجيش الإسباني قد اقترح في وقت سابق إدراج هذه الذكرى ضمن احتفالات عام 2025، وخصص لها ميزانية للاحتفاء بما اعتبر “أول عملية إنزال برمائي مشتركة ناجحة في التاريخ العسكري”، والتي وقعت خلال حرب الريف (1920-1927). وأشارت الصحيفة إلى أن هيئة أركان الدفاع كانت تستعد لقيادة هذه الاحتفالات نظراً لأهمية العملية في تاريخ الجيش الإسباني.

إلا أن الاقتراح تم توقيفه فور وصوله إلى مكتب وزيرة الدفاع روبليس، التي شددت، وفقاً للصحيفة، على ضرورة تفادي أي توتر مع المغرب، خاصة في ظل العلاقات الحساسة بين البلدين. ويأتي قرار إلغاء الاحتفالات في سياق حرص إسبانيا على الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع المملكة، لا سيما في ظل التطورات الإقليمية الراهنة.

تُعدّ هذه الخطوة مؤشراً واضحاً على تزايد تحسن العلاقات الثنائية بين مدريد والرباط، خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا التاريخية المرتبطة بـ “تصفية الاستعمار”، حيث تسعى الدولتان إلى تجاوز خلافات الماضي وبناء مستقبل من التعاون والتفاهم.

“إنزال الحسيمة”: نقطة تحول تاريخية
وقعت عملية إنزال الحسيمة في 8 سبتمبر 1925، وشاركت فيها قوات من الجيش الإسباني والبحرية بمساندة القوات الجوية الفرنسية. كانت هذه العملية تهدف إلى إنهاء ثورة قبائل الريف التي قادها القائد المغربي العظيم محمد عبد الكريم الخطابي.

رغم الدفاع “الاستشهادي” للقوات المغربية في الريف بقيادة الخطابي، تمكنت القوات الإسبانية من تحقيق تقدم ملحوظ بفضل “إنزال الحسيمة”، الذي شارك فيه أكثر من 8000 جندي إسباني، بالإضافة إلى دعم بحري وجوي مكثف من إسبانيا وفرنسا. اعتُبرت هذه العملية نقطة تحول حاسمة في مسار حرب الريف، إذ أدت إلى هزيمة المقاومة العسكرية الريفية لاحقاً، وذلك بعد أن كان محمد عبد الكريم الخطابي قد ألحق هزائم عديدة بالإسبان، أبرزها في معركة أنوال عام 1921.

مستقبل العلاقات المغربية الإسبانية
يعكس قرار إسبانيا إلغاء هذه الاحتفالات إدراكاً عميقاً لحساسية القضايا التاريخية وأهمية العلاقات الثنائية. ففي ظل تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، بات التعاون والتنسيق بين المغرب وإسبانيا أمراً ضرورياً لمواجهة التحديات المشتركة في مجالات مثل الهجرة، الأمن، والتنمية الاقتصادية. إن هذه البادرة الإسبانية قد تفتح آفاقاً جديدة لتعزيز الثقة المتبادلة وبناء شراكة استراتيجية أكثر متانة بين الجارتين.

التعليقات مغلقة.