أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

قطاع الإدارة العمومية في المغرب و ذهنية “شهادة الضعف”

على إثر التقرير الأسود الذي رفعته مؤسسة الوسيط حول عمل الإدارات العمومية إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إرتأينا أن نفصل في مكامن الخلل وتجلياته في الإدارة المغربية من خلال نظم التسيير، وثقافة المجتمع ورؤيته للإدارة، سواء من طرف الموظف أو المرتفق.
لعل التقرير الذي قدمته مؤسسة الوسيط لم يأتي بالجديد.
فأغلب المغاربة يستشعرون تلك الدونية التي تتعامل بها الإدارة المغربية مع مواطنيها كيف ما كانت القطاعات، لا نعمم بالطبع لكن الغالبية إن لم تكن لها الرقابة الذاتية فهي لا تستحضر الرقابة الإدارية. لا ندري هل لأن هذه الأخيرة لا تقوم بعملها في المحاسبة أم لأن ثقافة التعنت التي أصبحت مرتبطة بالسلطة الإدارية في ذهنية المغاربة، تجعل من موظفيها يستدمجون هذه الممارسات، التي يتقبلها المواطن -حتى ولو بلغ من الثقافة عتياّ- كما لو أنها أمر طبيعي.
حيث الخدمات المقدمة مشمولة بمقاربة إحسانية يتكرم الموظف بإعطائك إياها، وإن لم يكن فليس لك كمرتفق سوى ” دهن السير يسير ” أو تستغيث بأحد المعارف. وإن كنت من المتعنتين وكنت مصرا على مواجهة الموظف فستجد نفسك محل انتقاد من المرتفقين أنفسهم، لأنك عطلت سير العمل ولأنك لا تعرف كيف تتعامل مع الموظف.
إذن هي ممارسات يشترك في ترسيخها المواطن أيضا، لكن لا يمكن أن يتحمل مسؤوليتها وحده، فهو لن يستطيع أن يغير منظومة بأكملها.
فالعشوائية التي تسير بها بعض الإدارات و عقلية السلطة التي رسخت في أذهان المغاربة حيث الكل يلعب الدور الذي استدمجه، فالموظف يجب أن يكون في وضعية و رتبة أعلى من المرتفق، وهذا الأخير يتصور نفسه متوموقعا أسفل السلم في هذه العلاقة. لتبقى ذهنية شهادة الإحتياج حاضرة ضمنيا وبقوة.
و لتجعل عددا من المساعي و المحاولات الإصلاحية، تبوء بالفشل.
فيكفي أن نذكر حاملي بطاقة الرميد على سبيل المثال و إن كانوا يستفيدون من الخدمات الصحية بشكل أو بآخر، إلا أنهم يعاملون على أساس مواطنين من الدرجة الثانية، انطلاقا مما يعيشونه من ممارسات علما أن تلك الخدمات هي حق للمواطن وواجب على العاملين.
وكل ما سلف ذكره لا ينفي أن هناك مجموعة من الإجراءات التي تم اتخاذها، من أجل تحسين أداء الإدارات العمومية.
وأيضا جهود من أجل توعية المواطنين بما لهم من واجبات وما عليهم من حقوق.
والدليل على ذلك هو ما جاء به التقرير الذي قدمته مؤسسة الوسيط إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
حيث ارتفاع عدد شكايات المواطنين ضد مخالفات الإدارة العمومية، يعبر بشكل رمزي عن ارتفاع الوعي لدى المرتفقين، وأيضا هو نوع من استرجاع الثقة، وبداية للتخلص من تلك الصورة النمطية للإدارة كجهاز فوق المحاسبة.
بقلم سلوى داوود

التعليقات مغلقة.