أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

طقوس عاشوراء في المجتمعات العربية: احتفالات هنا ونواح هناك.

بقلم: سلوى داوود
محرم أحد الأشهر الهجريّة التي حُرِّم القتال فيها، والتي شهدت عددا من الأحداث الكبرى، من قبيل أنهاليوم الذي نجّى الله سبحانه وتعالى موسى عليه السّلام وقومه بني إسرائيل من بطش فرعون،
حيث حدثت معجزة انفلاق البحر إلى شقين، فتمكَّن موسى عليه السّلام وقومه من اجتياز هذا البحر بالمسير على اليابسة التي تكوّنت بفعل هذا الانفلاق ، وحينما حاول فرعون وجنوده اللحاق بموسى في البحر هو وقومه إذا بالبحر يعود كما كان فيغرق فرعون و من معه.
ومنذ ذلك الحين وبنو إسرائيل واليهود من بعدهم يعتبرون هذا اليوم مباركاً ويصومون فيه شكراً لله تعالى أنّ نجّاهم من القوم الظّالمين.
وحينما هاجر النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى المدينة المنوّرة وجد اليهود يصومون هذا اليوم فسألهم عن سبب ذلك، فقالوا أنّ الله تعالى قد نجّى موسى وبني إسرائيل من فرعون وجنوده وأنهم يصومون شكرا لله، فأمر النّبي الكريم أصحابه بصيامه.
مبيّنًا أنّهم أولى بموسى عليه السّلام من اليهود، كما أكد على نيّته في صيام التّاسع، حينما قال لئن بقيت إلى قابل لأصومن التّاسع والعاشر، مبيّنًا كذلك فضل صيام هذا اليوم حيث إنّه يكفّر سنة ماضية.
و عاشوراء عند طوائف الشيعة فهي ترتبط باستشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه وكثير من أهل بيته في معركة كربلاء الشّهيرة، فطوائف الشّيعة تعتبر هذا اليوم يومًا مباركًا حيث يتجمّعون في الحسينيّات وعند مراقد الأئمة ويمارسون طقوسًا من قبيلاللطم، وضرب الأجساد بالسلاسل والسّيوف، والبكاء والنّواح .
لتصبح عاشوراء بحكم الأحداث التي تزامنت معها من قبيل نجاة موسى عليه السلام واستشهاد الحسين رضي الله عنه حدثا يعرف اختلاف في الطقوس الممارسة، وتداخلت فيها مجموعة من العادات التي تتناقض بين من يبكي ويلطم في كربلاء و بين من يحتفل ويحضر ما طاب من المأكولات و يجتمع للرقص و الغناء على غرار الاحتفالات في مجتمعنا المغربي حيث يكون موسما لشراء الالعاب والدفوف و الفواكه الجافة، إضافة إلى تحضير الكسكس بذيل كبش العيد، مايسمى ب” كسكسو بالديالة” وفي ليلة عاشوراء يجتمع نسوة الحي للغناء و الرقص، كما يتم اشعال ما يطلق عليه ب”الشعالة” وفي صباح اليوم الثاني أي العاشر من محرم يتم خلط الماء بالقليل من الملح ورش جنبات المنزل بكامله من أجل حماية المنزل من الشعوذة والعين، وتقص الأمهات جزءا من شعر بناتهن اعتقادا منهن أن ممارسة في يوم عاشوراء سيساعده عل أن يصبح أجمل وأطول، ثم آخر طقس هو التراشق بالماء، وهو ما يسمى”بزمزم”، حيث كان يشارك فيه الصغير والكبير دون استثناء.
وهي طقوس انسلخت مما هو ديني لتتداخل فيها الأعراف والحمولة الثقافية للمجتمع المغربي بسبب ما عرفه من إرث، سواء البربري، الوثني أو الإسلامي في اطار حضارات مرت على المغرب، لتنتج هذا الغنى والتنوع في الحضارة المغربية.
إلا أن الجدير بالذكر هو أن عددا من هذه الطقوس بدأ ينقرض شيئا فشيئا، إذ عدد من الناس أصبحوا ينظرون إليها كبدع لا غاية منها. خاصة مع اكتساح الخطابات الدينية، إضافة إلى استغلال البعض لهذه الطقوس -خاصة المراهقين- تحويلها مصدر إزعاج للساكنة وإفراغها من طابعها الاحتفالي.

التعليقات مغلقة.