أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

العزوف السياسي عند الشباب اختياري أم اضطراري.

بقلم:سلوى داوود

تعالت في الآونة الأخيرة النقاشات و الندوات و الموائد حول علاقة الشباب بالسياسة، حيث يتحدث البعض عن ضرورة تشبيب المشهد السياسي ويتحدث البعض عن العزوف، والبعض الآخر عن عدم الثقة، غير أنه وإلى اليوم لم نجد جوابا حقيقيا عن هذه التيمة التي اصبحت أقرب الى الظاهرة، إلا أن أحد الفيديوهات التي تم تداولها على مواقع التواصل الإجتماعي لأحد الشباب في اجتماع لشبيبة الأحرار بمراكش، لخصت وبشكل كبير حقيقة مايحدث في المشهد السياسي المغربي.

فالبروباغاندا التي تمارسها الأحزاب ولغة الخطابات الرنانة و التجمعات، لم تعد تقنع الشباب الذين أصبحوا يدركون أن دورهم الذي ترسمه لهم الأحزاب، لايتجاوز ملأ الكراسي الفارغة، و التصفيق للمنتخبين الذين لا يفتحون المجال لغيرهم إلا للضرورة القصوى، وإن فتحوه سيكون محصورا في عائلاتهم، ومعارفهم -فالمقربون أولى-.

هذه السياسة التي جعلتنا نشهد في الساحة السياسية المغربية، عائلات بابنائها وبناتها وأصهارها، يتوالون على الشأن السياسي و الحزبي المغربي.

ففي معرض سؤال لياسمينة بادو وزيرة الصحة سابقا حول كون زوجها وأقاربها يتوالون على مناصب المسؤولية في أحد البرامج التلفزية، أجابت أنهم مفعمون بالوطنية، “فهل باقي المغاربة لا وطنية لهم”.

لم يكن العيب في جواب ياسمينة بادو ولكن العيب هو أن يستمر مثل هذا النوع من السلوكات في اغلاق الأحزاب الباب على شباب متعلم وذوا  كفاءات.
ورغم محاولة العديد من الشباب كسر هذا الحاجز، إلا أن نقص التمويل يخونه و المعارف تخونه و جهله ب”تحراميات” السياسة ومن أين تأكل الكتف، يجعله في آخر المطاف يمشي وراء مرشح قد لا يصل الى المستوى التعليمي لمن يوزعون أوراقه الإنتخابية، ليعتبر العمل معه كنشاط اضطراري مؤقت مدر للمال، رغم أنه دخله قد لايتجاوز 100 درهم لليوم، مقابل الهتاف باسم المرشح -الذي قد يكون ذو مستوى تعليمي متدني عنه- وإن رفض الشاب خريج الجامعة العاطل هذه الممارسات فسيعتبر في نظر عائلته ومجتمعه شخص كسول اتكالي لايريد العمل ما يسميه المغاربة “شخص فنيان ومسالي”.

و الأمر هنا ليس بالظاهرة المحلية أو الوطنية بل هي سمة بلدان العالم التالث، حيث التخلف يجعل هذا النوع من الظواهر تنموا وتتكاثر، بموازاة انتشار بيع الأصوات الإنتخابية و التصويت على ابن القبيلة والحي والجار ومول الشكارة بغية قضاء المصالح الخاصة الآنية، أو لمجرد أنه أولى من الغريب، أو فقط من أجل مأدبة عشاء أو 200  درهم، دون اعارة الإهتمام للبرامج الإنتخابية أو كفاءات النخب.

غير أنه لايمكن نفي أن المواطن أيضا مسؤول عن هذا الوضع .

وقد يعود يأس الشباب من الشأن السياسي المغربي، لكون أغلب المنتخبين يتحولون إلى أشباح لا يظهرون إلا في الاستحقاقات الإنتخابية، وتجد البرامج نفسها و الوعود نفسها والممارسات نفسها حيث ندور في حلقة فارغة جعلت الشباب ييأس من أي تغيير محتمل.

وكيف نطالب الشباب بالثقة في سياسيين يتراشقون بالأطباق في جمعهم العام، أو ينعتون مواطنيهم بالمداويخ أو يستهزؤون من مواقفهم ما خلق انعدام الثقة بين الناخب و المواطن .

حيث اضطر صاحب الجلالة الملك محمد السادس للتدخل و توجيه خطابات تلو الأخرى من أجل حث الناخبين على اعادة النظر في ممارستهم للشأن السياسي وتغيير رؤيتهم المتعالية للمواطن.

غير أن الناخبين لم يستطيعوا بعد استيعاب ضرورة الخروج من مربع الرفاه الذي تعودوا عليه، حيث تبقى ممارساتهم للشأن السياسي والتدبير عبارة عن مصطلحات رنانة. إذ العديدون منهم قد لا يدرون حتى معناها ويستعملونها كموضة تتكرر في كل لقاء. فمن باب النكت التي تمشي في هذا السياق أن أحد رؤساء الجماعات في معرض الحديث عن الحكامة بدأ يُنُظِّر لها على أنها تعني الجهوية.

إذن هي ظاهرة معقدة مركبة من تداعياتها يأس الشباب المغاربة من أي تغيير ممكن وهو ما قد يفسر انتشار عديد من الظواهر واستفحالها على غرار الهجرة السرية.

التعليقات مغلقة.