أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

في وداع خديجة جمال .. عندما يصبح عدم منعهن من التمثيل بندا في عقد الزواج

فؤاد زويريق *

في البدايات الاولى للمسرح المغربي ظهرت حركة دينية مناهضة جزئيا للتمثيل، إلا انها كانت منقسمة، قسم منها يجيز تحريم الموضوع وآخر أكثر تشددا وتطرفا يحرمه بالذات، أصحاب الفكر الثاني يعتبرونه من أكبر الكبائر ويرون فيه بدعة وجب استئصالها والقطع معها تماما، ما دفع واحدا من شيوخها وفقهائها البارزين ويدعى الفقيه أحمد بن الصديق إلى اصدار رسالة سنة 1953 بخصوص حرمة التمثيل عنونها ب”إقامة الدليل في حرمة التمثيل”، ويذهب هذا الفقيه في قوله الى أن ”ما يقوم به الممثلون حرام ملعون محرم شرعا” وان ”التمثيل من اللهو الباطل واللعب المذموم شرعا وعقلا حيث يذهب الممثلون إلى تقمص أدوارا تحط من إنسانيتهم فيصبحون قردة وخنازير…”، وبأن المسرح “يجر الممثلات الى البغاء والفجور إذ لا تكاد توجد ممثلة شريفة العرض طاهرة الذيل ، بضرورة الحال فإن المرأة ناقصة العقل والدين فاجرة بالطبع “.. إلا ان الجميل في هذا ان الحركة المسرحية لم تتأثر بالوصاية الدينية هاته بل تابعت مسيرها وتطورها الى الان وذلك منذ تأسيس أول فرقة مسرحية مغربية سنة 1932 وهي ”فرقة المسرح الفاسي”، فالحاضنة الجماهرية انذاك كانت أقوى خصوصا ان المسرح كان أداة من أدوات النضال، لكن رغم ذلك لم تستطع المرأة ولوج هذا الميدان إلا بعد فترة متأخرة، بحكم الدين والتقاليد والثقافة المحافظة أنذاك، فتوالت المراحل والخطوات الى ان انتصرت المرأة وولجت هذا الفن وتفوقت فيه.

بحسرة كبيرة ودعتنا يوم الجمعة 5 أكتوبر2018 خديجة كنوني (خديجة جمال) وهي واحدة من أولئك المحاربات اللواتي تمردن على مثل هذه الوصاية، فناضلن من أجل مجال آمن وتشبعن به حتى الثمالة، ودعتنا واحدة من أولئك النسوة اللواتي حاربن مقولات مثل هؤلاء الشيوخ وقاومن أفكارهم لينتصرن في النهاية وينجحن في فتح ممرات آمنة حتى تستطيع المرأة اليوم أن تمارس شغفها الفني بكل فخر واعتزاز، خديجة جمال ممثلة مغربية وواحدة من الرائدات في مجال التمثيل مثلها مثل رحيمو الناصري (ثريا حسن) هذه الاخيرة التي وصل بها تشبتها بالمسرح والايمان به الى حد اشتراطها على زوجها بان يتضمن عقد زواجهما بندا خاصا يعدها فيه بعدم منعها من التمثيل، دون أن ننسى حبيبة المذكوري وأمينة رشيد وغيرهن. كلهن واجهن مجتمعا ذكوريا محافظا كان يرى في الممثلة مجرد مومس وعاهرة.

الساحة الفنية المغربية ودعت خديجة جمال بفخر كما ودع من قبلها بعضا من زميلاتها بعدما أنهين مشوارهن ومهمتهن بنجاح ورسخن حضورهن النسوي في المجال الفني وفتحن بابا كان مغلقا بحكم التقاليد والاعراف والدين.

فلترقد روحكن بسلام وأمن واطمئنان ايتها المحاربات.

التعليقات مغلقة.