أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

العمامة والجريمة

سعيد ناشيد

القانون يعاقب المجرم على جريمته. هذا بديهيّ. القانون يعاقب من يُحرض على الجريمة. وهذا أيضاً بديهيّ. لكن السؤال، ماذا يقع حين يتخذ التحريض على الجريمة صفة فتوى دينية أو رأياً شرعيا أو اجتهاداً فقهيا؟ وهل يكفي هكذا توصيف لغاية الإفلات من العقاب؟! كثيرة هي الفتاوى التي تستبيح دماء النّاس وأعراضهم تحت طائلة “رأي الشّرع”. والأمثلة كثيرة. والسّؤال، هل يكفي أن تصف الفتوى نفسها بأنّها رأي شرعي حتى تضمن لنفسها الحصانة من المساءلة القانونية؟ هل يكفي أن يحمل المحرض على الجريمة صفة عالم دين، أو خطيب جمعة، أو مفتي دولة أو حزب أو جماعة أو خلية نائمة أو يقظة، حتى يضمن لنفسه الإفلات من المحاسبة القانونية؟ فهل يكفي أن يضع المجرم عمامة ولحية وسبحة وزبيبة الصلاة وغيرها من لوازم الشغل حتى يستبيح دم من لا يعجبه، فيسمي ذلك رأياً شرعيّاً واجتهاداً فقهيا، إن “أصاب” فله أجران، وإن أخطأ فله أجر من أخطأ !؟؟
بمعزل عن لغو الكلام، يجب أن يكون موقف دولة الحق والقانون واضحاً لا لبس فيه : كل من يُحرض على الجريمة أو يدعو إلى القتل يعتبر مجرماً، ويجب أن يعاقَب كمجرم، سواء سمّى دعوته فتوى فقهية أو رأياً دينياً أو اجتهاداً شرعياً، أو سماها “معلوم الدين بالضرورة” كما يقولون، لا فرق؛ إذ لا يجوز أن يبقى الخطاب الديني فوق المساءلة القانونية وخارج المحاسبة الأخلاقية، وإلاّ سيأتي زمن تُصبح فيه المسافة الفاصلة بين الخطاب الديني والسلوك الإجرامي تساوي صفر.

التعليقات مغلقة.