أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

المرأة القروية ومهن الفقر

سعيد بنيس

تمكنت بعض النسوة ينتمين للمدارات القروية لزعير من تدبير بعض آليات الإنتاج وذلك عبر إنشاء مكان مخصص لها داخل الفضاءات الحضرية. أسوق لهذا مثال “جوطية لمحاريك” بجماعة يعقوب المنصور بالرباط حيث أن نسوة المدارات القروية تمكنت من خلق سوق للملابس المستعملة أطلق عليها إسم “مكامول” على شاكلة السوق الممتاز المتواجد بالسويسي « Mega Mall » يتمثل نشاط هذه النسوة القرويات في بيع الملابس التي يجمعن من خرجات التسول التي يقمن بها في مدينة الرباط وتتراوح أثمنة الملابس بين خمسة دراهم و20 درهم مما نتج عنه رواج وإقبال من طرف جميع الشرائح المجتمعية لاسيما الطبقة الوسطى.

هذه الآلية من الإنتاج تدخل في نوع جديد من تصريف ما يسمى ب”مهن الفقر” (Métiers de la misère) ك”نساء المراحيض” والنادلات في المقاهي الذكورية وبائعات السجائر بالتقسيط وحارسات السيارات ، وفرص العمل الموسمية مثل تلك التي تقترن بمرحلة الانتخابات التي تمكن بعض الفتيات من إيجاد عمل لمدة لاتقل عن شهر بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية. وفي مقابل هذه الآليات الجديدة للإنتاج تبقى وضعية المرأة داخل المجال القروي أكثر عرضة للتهميش والإقصاء الرمزي في محيط يتميز بمنظومة قيمية يشكل الرجل فيها الأساس والمرجع. والأمثلة على هذه الوضعية كثيرة. ففي دوار الضاية بسبت مرشوش تمتهن النساء الدعارة ويشكل السعي اليومي لجلب المال أهم أنشطة المرأة، أما في منطقة بني ملال فالشابات يشكلن راسمالا للعائلة حيث يتم تحضيرهن للزاوج بالمهاجرين من إيطاليا وهو مايمكن أن يطلق عليه الزيجات المربحة حيث أن الزواج “بالطلياني” يضمن لبعض أفراد الزوجة الالتحاق بها في بلد المهجر، وفي بعض الأحيان يتكلم الأهل عن “الاحتفاظ” بالشابة (Réservée) وعدم قبول “الزوج المحلي” وانتظار “الزوج الطلياني”.

وعلى العموم فإن تطلعات المرأة في كلتا الجهتين موضوع البحث الميداني يمكن وصفها بكونها تطلعات فطرية مثل الزواج وتربية الأبناء كما تشير إليه بعض الأمثال المنتشرة (ولد الشارب يجري عل اللحية وولد اللحية يجري على القبر) أي أن الزواج يجب أن يكون مبكرا لكي تتمكن المرأة من تربية أولادها ومعايشتهم طويلا. كما أن دينامية المرأة في مجالها تتحكم فيه بعض الثنائيات المركزية مثل ثنائية السلطة والمقدس، فمقابل الخوف من السلطة وممثليها (الباشا، المقدم، الشيخ، الدركي، القوات المساعدة،..) نجد التناغم والإقبال على كل ما هو مقدس كالأولياء والأضرحة وأماكن الزيارات التي تتمحور حول تمثلات الأمن الروحي والطمأنينة والسعادة.

التعليقات مغلقة.