أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

شويا تاع الفهم.. المؤامرة الأكبر هي دوما المؤامرة الداخلية.. أو عندما تنقض المافيا على الدولة..

منير حجوجي

لفهم لماذا لاتريد جبهة التحرير رفع اليد عن الجزائر يجب أن نفهم كيف يدار ملف تدبير البترول في البلاد.. هاكم العناوين الكبرى لهذا التدبير: عقود مشبوهة، شركات وهمية، ورئيس دولة متواطئ.. ان الدليل على صحة العناوين أعلاه هو الفشل الذريع في تحقيق أي شيء دال للجزائر على المستوى التنموي.. أين تذهب أموال البترول، من يأكل أرزاق ل 40 مليون جزائري؟

لدينا على هذا المستوى شهادة أساسية، هي شهادة حسين مالطي، و هو جزائري من قدماء مسيري الشركة البترولية الشهيرة، الدولة داخل الدولة: سوناطراك. مالطي جزائري شارك زمنا ما في تدبير الافتراس.. ثم حدثت له هزة وعي.. و خرج ليشرح لنا الجريمة..

نصف قرن بعد الاستقلال سينكشف الوهم الكبير: وهم الدولة الاشتراكية المنافحة عن قضايا الشعوب.. في الجزائر هناك مافيا، يتحول حجمها بتحول الظروف و المصالح، استحوذت على البترول و الغاز.. وهذه المافيا ليست واحدة، هناك اقتتالات رهيبة في أعلى هرم السلطة على الكاميلة الكبرى..
في كتابه المفجر “التاريخ السري للبترول الجزائري” يرسم حسين مالطي، النائب السابق لرئيس سوناطراك فيزيولوجيا السرطان الأول للبلاد..
في ملف الغاز الجزائري لائحة قضايا الفساد لائحة خيالية.. يمكن أن نبدأ بملف قناة الغاز التي تربط الجزائر بإيطاليا.. الشركة التي تكلفت بالمشروع هي الشركة الإيطالية ENI التي أقفلت المشروع ب…. أكثر من ثلاثة مليار دولار فوق التكلفة الاصلية.. في محاكمة شهيرة، سيقر رئيس ENI بأنه دفع رشوة ب 32 مليون دولار لشخص ليبي توسط لدى العربي بلخير، الذراع الأيمن للرئيس الشاذلي بنجديد.. في الواقع هذا مثال واحد فقط عن بحر الأنشطة المافيوزية في البلاد..
سنضيف عقد بيع غاز سوناطراك-غاز فرنسا سنة 1982.. و هو العقد الذي أفقد الجزائر الملايير.. العقد كان هدية من طرف اللوبي الفرنسي بالجزائر الذي يرأسه نفس العربي بلخير لأهداف يختلط فيها العفن المالي بالخنز االسياسي..
جذر الشر يوجد هنا.. اذا كان هناك من شيء اشتهر به الشاذلي بنجديد فهو لاكفاءته في إدارة البلاد و تركه كل شيء للمافيا.. في تلك السنوات كان العربي بلخير هو قائد الجوقة/المافيا.. قائد “حكامة” ( مثلما يقال في الاعلام الجزائري) مكنت حوالي عشرين جنرالا من الحصول على رشاوي خيالية على الصفقات العمومية.. وهذا أعطانا بعد عدة سنوات جنرالات يتحكمون بشكل مطلق في الاقتصاد الجزائري.. سيتوسع الفساد وسيلجأ الجنرالات الى خلق شركات متخصصة في الاستيراد/التصدير ووضع أسماء وهمية على رأسها.. هكذا بدأنا نسمع الجنرال/السيد حبوب، الجنرال/السيد سكر، و الجنرال أدوية، و السادة بترول… وبطبيعة الحال لم يكن أعضاء عائلة الرئيس بعيدين تماما عن اللعبة.. أذكر هنا بزوجة الرئيس، حليمة، التي حشرت أنفها في اللعبة مستندة على شبكة واسعة من السياسيين و الموظفين و البنكيين و مدراء شركات وطنية – كنظام موجه أساسا لجلب الربح و تحويل الأموال..
لقد امتدت شبكات الفساد نحو مجموع القطاعات الاستراتيجية.. شبكات فساد انتشرت كما ينتشر سرطان في جسد يسير نحو الانهيار.. المشكل ليس هو هذا.. أو ليس فقط هذا.. السرطان الأكبر أن هذه الشبكات هي التي توجد في السلطة.. هي السلطة.. وكل الرؤساء الجزائريون لم يقوموا الا بإدارة هذا الفساد لأن مصالح المافيا كانت هي العمود الفقري للنظام.. في الجزائر، المافيا هي الدولة، في الجزائر حولت المافيا الدولة الى أداة “وظيفية”..
يوم 29 يناير سنة 1992 سيتم اغتيال الرئيس محمد بوضياف، ستة أشهر فقط بعد عودته من منفاه المغربي.. الرواية الرسمية: القاتل الذي هو الملازم لمباركي بومعارفي العنصر في الحرس الرئاسي تحرك بمفرده.. لازال بومعارفي لحد الساعة في السجن بعدما أدين بالإعدام في محاكمة سوريالية دامت ……………. 3 دقائق.. الرواية الأخرى، الصحيحة يعني: لقد اتخذ قرار قتل بوضياف عندما اتخذ الأخير قرارا انفراديا وخارج أية دائرة رسمية بالتحقيق في ملفات فساد كبار الجنرالات.. وحسب عسكريين هربوا من الجيش نحو بلاد كثيرة في مختلف القارات، فان قرار تصفية بوضياف اتخذه من يعرفون بالجنرالات الينايريين janviéristes ( الذين أوقفوا المسلسل الانتخابي ذات يناير سنة 1992 وأقالوا الشاذلي بنجديد و أشروا على بداية عشرية الدم الرهيبة بالجزائر) و الذين هم العربي بلخير و خالد نزار.. العملية حضر لها الجنرال إسماعيل العماري، الرقم الثاني في جهاز الاستخبارات و الأمن، تحت اشراف الجنرال محمد توفيق مدين، القاتل الأول في الجزائر.. لقد تعلق الأمر لا أقل و لا أكثر بإزاحة رئيس أراد أن يمنعهم من اقتسام طاجين البترول، الطاجين الدسم جدا للبترول..
الحرب من أجل الاستحواذ على سوناطراك ستتجذر بشكل قوي سنة 1989 مع تعيين عبد الحق بوحافس، رجل ثقة العربي بلخير، على رأس المؤسسة الحلوب.. سيستمر بوحافس في “تدبير” صوناطراك لصالح الزوج بلخير/مدين الى غاية 1995.. بل حتى عبد السلام بلعيد، الذي نظر اليه على الدوام على أنه رجل/وزير الطاقة القوي و الوزير الأول السابق لم يقدر على الوقوف في وجه بلخير و المافيا.. عند صعود ليامين زروال الى الرئاسة سنة 1995 سيقذف ببوحافس بعيدا.. لكن بوتفليقة سيعيده سنة 1999 في تجلي أخر لحرب الأجنحة على البترول..
ومع “الانفتاح الأمريكي” لبوتفليقة سنة 2000، مع تعيين “الأمريكي” شكيب خليل وزيرا للطاقة و بدء مسلسل فتح الباب للاستثمار الخاص، سندخل عصرا جديدا تماما من النهب.. سيتم خلق شركة BRC ستمنح أكثر من نصف أسهمها لديك شيني – في سياق شراء الصمت الأمريكي- و النصف الأخر لسوناطراك.. في واحدة من أكبر عمليات حرق المال العام في تاريخ الجزائر.. هناك عنصر أخر مهم.. ان شبكة شيني هي واحدة من أكبر الشركات فسادا في العالم، ومعروف عنها تورطها في ملفات رشاوي في بقاع كثيرة من أجل “الاستثمار” في قطاع البترول بنيجيريا و العراق غيرها..

التعليقات مغلقة.