أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

صحافة الميكروفون.. المضحكات والمبكيات

محمد عيدني

كان فيديو والد سعيد عويطة خلال هذا الاسبوع كافيا لكي يثير غضب وحنق مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، ويكون مؤشرا اخر  على  انحدار عام للذوق،وعلى أن “البلاد ضربها الخلا” . فتنافست المواقع الإخارية في مد الميكروفون إليه، وجعلت منه نجم  الويب.

غضب أهل الأنترنيت المغاربة أمر محمود، لكنه لا يجب أن يمنعنا من طرح السؤال الأكثر أهمية في هذا الموضوع وفي المواضيع التي تشبهه وهو سؤال: من يشاهد هاته الكائنات المسكينة، ويتابعها يوميا عبر اليوتوب والفيسبوك إلى أن تصبح نجوما للويب غير هؤلاء المغردين والمدونين بحنق شديد احتجاجا على المبادرة؟.

الحقيقة التي لا مراء فيها، هي أن أغلبية مايسمى المواقع الإخبارية المغربية هي مواقع لا تحمل من معنى الكلمة إلا الإسم، وهي تنافس بعضها البعض في التردي والسقوط، وتشتغل بمنطق “البوز” الذي تعابه على بعضها البعض، لكنها تنخرط فيه بشكل خرافي ومشوه.  وهي إذ ترى واحدا منها، وقد مد ميكروفونه إلى شخص ما وجلب بعض النقرات الإضافية، بغض النظر عن قيمة ماقاله أو ارتكبه أو اقترفه ذلك الشخص، تسارع دونما تفكير إلى القيام بالأمر ذاته إلى أن تكبر كرة الثلج أو فقاعته الفارغة وتخلق هاته الكائنات المسكينة غير المهيأة لشهرة وغير المستحقة لها…


ان  المسؤولية الملقاة على وسائل إعلامنا الجديدة هي مسؤولية ثابتة وأساسية، ولابد من مصارحة الجميع بها، لأنه لا يكفي أن تقول إن الجمهور يريد هذا الأمر لكي تعطيه مايريد دون تفكير فيه، وإلا فإن المواقع الأنترنيتية التي تحقق أعلى نسب المتابعة والمشاهدة في العالم بأسره – وفي مقدمة هذا العالم المغرب – هي المواقع الإباحية التي تحقق أرباحا يصعب تحديد قيمتها لفرط هولها. ويمكن في إطار هذا التنافس المحموم حول البوز، وتقديم مايريده الجمهور، أن تدفع مواقع البوز غطاء القنينة حتى الآخر وتتوكل على الله وتفتح « البزبوز » أو « الروبيني » وتجرب هذا الموضوع المربح جدا..

إلى ذلك يبقى “البوز” طريقا مختصرا إلى الشهروية والظهورانية، لكنه مهدد في كل لحظة بالسقوط الفظيع، إنه “نجاح” مؤقت لا يضمن الخلود، عابر كما عابروه، يصنع مجداً زائفاً سرعان ما يقابله المتتبعون بذاكرة السمك، فبنفس درجة الصعود يكون الاندحار سريعا نحو النسيان.

واخيرا، فالبقاء للأثر لا للتمشهدية المفتوحة على الرداءة والتفاهة.


التعليقات مغلقة.