من” تازيازت” إلى الداخلة حلم الثراء باستخراج الذهب ينعش أحلام الفقراء

 

في البداية كانت موريتانيا

في مطلع سنة2016  انطلقت حركية كبيرة في الأوساط الشبابية الموريتانية، بسبب انتشار أخبار عن وجود الذهب على سطح الأرض في صحراء “تازيازت ”  فسارع الجميع إلى حجز مكانه، مستعينا بآلات الكشف عن الذهب وآليات بسيطة للبحث السطحي، جاء ذلك بعد انتشار خبر عثور بعض الشباب على بعض الغرامات من الذهب في المنطقة المذكورة، وهكذا أصبح المحج الأول قبل الانطلاق للصحراء ، مقر “الشركةالوطنية للمحروقات والأملاك المعدنية”. للحصول على تراخيص تخوله بيع منتوجه بعد الحصول عليه وعدم التعرض للمضايقات و الملاحقات، تحولت منطقة “تازيازت” إلى ورش للنبش والحفر وتوالت الأيام، فظفر البعض بغنيمة وافرة فيما مني الآخرون بخيبة أمل كبيرة بعد أن أنفقوا أموال كثيرة على شراء آلات كشف المعادن ومستلزمات الرحلة والإقامة .

حمى التنقيب تنتقل للداخلة

في مدينة الداخلة وقبل 4 أشهر تقريبا، صادف شبان وهم يجوبون تخوم الصحراء كمية مهمة من الذهب، كانت مفتاحهم للسعادة بعد أن حصلوا بموجبها على ما يزيد عن 300.000 درهم كمقابل، انتشر الخبر كالنار في الهشيم، فوهرع الشباب إلى المكان الذي عثر فيه على الكمية الأولى،  كل بوسائله وإمكانياته، كانت الرحلات الأولى قليلة، لكن بعد حصول شبان آخرين على بعض الغرامات، دب الحماس في نفوس الناس،  فاقتنوا آلات الكشف عن الذهب التي  تتراوح أثمنتها ما بين 15000 و  900 ألف درهم  بلغ الخبر إلى مدينة العيون والمدن الجنوبية، و بدأت الوفود الشابة تحل بالصحراء وكأنه موسم حج في ميقات ومكان محدد.

شباب الداخلة وقصة الهجرة الجماعية لمنطقة التنقيب

تحولت مدينة الداخلة إلى منطقة بدون شباب، حيث هجر أغلبهم أعماله وتركوا أماكنهم شاغرة في المحلات التجارية والشركات والأعمال الحرة، بعد تأكدهم من إمكانية الظفر بحلم الاغتناء بعد الحصول على الذهب السطحي الذي سيحقق حلم كل طموح،  أرباب المقاهي أصبحوا يشكون ضعف دخلهم، وجوابهم الوحيد عن كل من سأل عن شاب ” مشات الناس للذهب”

عائلات الشباب الباحث عن الذهب تغلبت عن الخوف بالطموح الكبير، وحلم انعتاق الأبناء من الفقر، فأذن للشباب بالمغامرة عبر جماعات، تتضمن في الغالب شخصا خبيرا بتضاريس الصحراء .

اعتقالات  و صراعات

بعد أن بلغ عدد المنقبين عن الذهب ذروته ، في منطقة  البحث  “إيمطلان-  وتشلا – ووادي الصفا – التوامة”    حاول البعض الظفر بهذه المنطقة دون غيره، حيث ظهرت أعراف “تخص منطقة الكنز ” بساكنة الداخلة فيما يقصى الوافدون من حظهم من الغنيمة الذهبية ، هذه الأعراف سرعان ما ذابت مع تناقص أخبار الظافرين ب غرامات الذهب

حاول بعض الشباب الخروج من المنطقة الأصلية والبحث في الصحراء الشاسعة عن مؤشرات وجود الذهب السطحي، انطلق الناس جنوبا وشرقا حتى وصلوا إلى مناطق عسكرية ، ممنوعة على المدنيين،  تم تنبيه الناس إلى خطوة المكان وحرمته لكن لم ينتبهوا  فتم اعتقال مجموعة من الشبان في مطلع شهر يونيو الماضي، لكونهم دخلوا منطقة ممنوعة على المدنيين                                      

القوانين والظوابط الخاصة

بإمكان الأشخاص الذاتيون أن يقوموا بالتنقيب عن الذهب بعد اتباعهم للإجراءات قانونية بسيطة كما يمكن للشركات أن تستثمر في هذا المجال شريطة أن تكون خاصة بهذا النشاط، أي البحث واستغلال المعاد ومن جملة النصوص المعتمدة في هذا المجال     الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول بتاريخ 9 يناير 2002 المتعلقة بالتدبير اللاممركز للاستثمار  والمنشورة بالجريدة الرسمية عدد 0497 بتاريخ 17 يناير 2002، ص: 51-60  و   مرسوم  الوزير الأول رقم 187-02-02 بتاريخ 5 مارس 2002 بتفويض السلطة لولاة الجهات  بالإضافة إلى  قرار وزير الصناعة، التجارة والطاقة والمعادن رقم 369-02 بتاريخ 5 مارس 2002 بتفويض السلطة لولاة الجهات و الظهير الشريف الصادر في 16 أبريل 1951 بمثابة النظام المعدني والنصوص الصادرة بتطبيقه

ضحايا  خيبة الأمل

كثيرة هي الأخبار  التي كانت ترد من الشقيقة موريتانيا والتي تتحدث عن وفاة  أشخاص  وجرح آخرين إثر انهيار ابار المنقبين عن الذهب، بمنطقة تازيازت، كما انتشرت أحاديث عن إصابة آخرين بأمراض نفسية، جراء خيبة الامل وتأثر الناس بظروف التنقيب التي غالبا ما تكون شاقة ومكلفة

في مدينة الداخلة ورغم التعب الكبير الذي لحق الكثير من المنقبين ، لا زال الكل متشبث بأمال الحصول على نصيبه من الذهب،  يقصدون المدينة للاستراحات والتزود بالمؤونة تم يعودون أدراجهم للصحراء، سلاحهم الأمل المستمر والحلم الكبير من أجل الثراء وإقبار الفقر.

 

التعليقات مغلقة.