أزمة البنية التحتية في ولاد الطيب فاس:بين الحاجة والإهمال
بقلم: الأستاذ محمد عيدني، الرباط
أصوات من الرباط
في قلب المغرب، تحديدًا في جماعة ولاد الطيب التابعة لمدينة فاس، يرزح السكان تحت وطأة أزمة بنية تحتية خانقة تحرمهم من أبسط حقوقهم في حياة كريمة. يعيش هؤلاء المواطنون واقعًا مريرًا يتفاقم فيه نقص الخدمات الأساسية التي تؤثر جذريًا على حياتهم اليومية، وتضعهم في معركة مستمرة من أجل البقاء.
*مياه الشرب: الشريان المنقطع*
تشكل المياه الصالحة للشرب عنصراً أساسيًا لاستمرار الحياة، لكن في جماعة ولاد الطيب، تصبح هذه المادة الحيوية تحديًا يوميًا. تعاني العديد من الأسر من عدم القدرة على تأمين مياه نظيفة، مما يزيد من انتشار الأمراض ويهدد صحة الأطفال بشكل خاص. الحصول على مياه صالحة للشرب بات أقرب إلى حلم بعيد المنال، يثقل كاهل الساكنة بمطالب ملحة لم يتحقق أي منها بعد.
*الكهرباء: ضوء بعيد المنال*
لا تقتصر الصعوبات على المياه فقط، بل تمتد لتشمل قطاع الكهرباء الذي يعاني من الاضطرابات والانقطاع المتكرر. هذا الوضع يؤثر بشكل مباشر على حياة السكان، حيث يتعذر عليهم ممارسة الأنشطة اليومية البسيطة. التعليم عن بُعد، مثلاً، أصبح حلمًا بعيدًا لأبناء ولاد الطيب الذين يجدون أنفسهم محرومين من الوصول إلى الإنترنت والكهرباء اللازمين لإنجاز مهامهم الدراسيةو طموحاتهم.
*الصرف الصحي: قنبلة موقوتة*
فيما يتعلق بخدمات الصرف الصحي، فإن الوضع لا يقل سوءًا. تفتقر الجماعة إلى البنية التحتية الكافية للتعامل مع مياه الصرف، مما يؤدي إلى تلوث البيئة وانتشار الروائح الكريهة وتفاقم الأوضاع الصحية للسكان، بانتشار الأمراض المعدية.
*توجيه الأنظار نحو الحلول*
إن هذا الوضع المتأزم يستدعي اتخاذ خطوات جادة من قبل السلطات المحلية والوطنية. هناك حاجة ماسة إلى خطط تنموية جذرية تهدف إلى تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية بشكل عادل. لا يمكن أن يظل مواطنو ولاد الطيب – المحرومون من أبسط حقوقهم في الحصول على ماء نظيف وكهرباء مستقرة وصرف صحي لائق – مقيدين بسلسلة من الإهمال والنسيان.
*المسؤولية المجتمعية: دعوة للإصلاح*
التغلب على هذه التحديات ليس مسؤولية الحكومة فقط، بل ينبغي للمجتمع المدني والمواطنين أنفسهم التحرك بتضامن لرفع مستوى الوعي والمطالبة بتحقيق حقوقهم المشروعة. المشاركة في صنع القرار والضغط المستمر لتحقيق تغيير حقيقي على الأرض هو السبيل لتحقيق التنمية المستدامة. ببساطة، لا يمكن بناء مجتمع قوي دون توفير البنية التحتية التي تدعم حياة كريمة للجميع.
في النهاية، تسليط الضوء على هذه القضايا وإثارة النقاش حولها هو خطوة أساسية نحو إصلاح ملموس. إن الاعتراف بحجم التضحيات والمشاكل هو أول خطوة لخروج جماعة ولاد الطيب من عنق الزجاجة، نحو غد أفضل يعم فيه الرخاء والاستقرار.
التعليقات مغلقة.