بقلم : صبرينة مسعودان
تصاعد الصراع بين الفصائل الفلسطينية بقيادة كتائب القسام و قوات الاحتلال الإسرائيلية، و إنقسمت الدول بين متضامن و متعاطف مع الشعب الفلسطيني و مؤيد مناهض للإحتلال الاسرائيلي وفي الوقت الذي إتهمت فيه دول ذات غالبية مسلمة كإيران و تركيا إسرائيل بالتحريض على العنف و إرتكاب جرائم إنسانية لا أخلاقية في حق شعب غزة .لزمت الدول المطبعة و الموقعة لاتفاقية ابراهام الصمت. بالرغم من أن شوارعها شهدت مسيرات ضخمة شعبية مناصرة للشعب الفلسطيني معترضة على ما يعيشه الفلسطينيون من جرائم وحشية!.
لطالما إعتز المحتل الإسرائيلي بامتلاكه قوة عسكرية، كما سماها بالطاغية، وعمل على تكثيف الدعايات الإعلامية لمدى قوة جيشه، ليقفز الجيش الاسرائيلي إلى المرتبة 15 ضمن قائمة أقوى الجيوش في العالم حسب إحصائيات عام 2011 إلا أنه تراجع في السنوات الأخيرة و إحتل المرتبة ال20 في سنة 2021 حسب ما ذكره موقع ” غلوبال فاير بور الامريكي”. من بين أبرز الأنظمة العسكرية التي تفتخر بها إسرائيل، هي القبة الحديدية التي دخلت الخدمة منذ 2011 وتعمل على إعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية. كما أنها تُعتبر مَفخرة شركة رافائيل والدفاع الاسرائيلي، موجود على متنها ردار ونظام تعقب وفي جعبتها 20 صاروخ إعتراضي من نوع” tamir” إلا أنها لم تستطع التصدي لصواريخ الفصائل الفلسطينية الأقل تكلفة منها ! ليتم قصف تل أبيب ب 130 صاروخ خلال 5 دقائق! رغم أن تل ابيب تقع على 70كم من غزة. حتى أنها تجاوزت تل ابيب و وصلت إلى مدينة رعنان التي تبعد 77 كم من غزة. يجدر بالاشارة أن القبة الحديدية قامت بالتصدي لبعض من صواريخ كتائب القسام إلا أنها لم تتصدى لعدد كبير منها، و هذا يرجع لفعالية صواريخ الكتائب الثقيلة ذات الرئوس المتفجرة التي دخلت حيز الخدمة منذ فترة ليست بالبعيدة! وبهذا قد تمت عملية إسقاط القبة الحديدية و فشلها .و الدليل أن وزارة الدفاع الاسرائلية إتخذت إجراء غير مسبوق بتوسيع مساحة إعلان الطوارئ حتى 80مترا من قطاع غزة ! ليتم وصف صفقة القبة الحديدية المكلفة، بأنها عملية إحتيال ضخمة كلفت القطاع الاسرائيلي أكثر من 210 مليون دولار.
توافد المسؤولون الأمريكيين هذه الأيام لوقف النار ولعقد هدنة مع الطرفين، بعدما أرسلت اسرائيل برقية مستعجلة الى حليفها اللدود جو بايدن رئيس الولايات المتحدة, في بيان صارخ أن المحتل الاسرائيلي قد هزم ! و إستنجادهم بالطرف الامريكي يعني أن المحتل الاسرائيلي يعيش مأزقا حقيقي كلفه العديد من الخسائر سواء البشرية أم المادية.
طبعا لن تمر طاولة الحوار الامريكي الفلسطيني مرور الكرام بدون أن تسحب معها بعضًا من دول الجوار الفلسطيني .تحت ضغوط كبيرة قصد مساندتهم في محنتهم ضد فصائل القوات الفلسطينية .خوفًا من الخسائر الهائلة البشرية التي تزداد يوما بعد يوم في القطاع الاسرائيلي, مُحاوِلة بشتى الطرق تغطية الحقائق ، حتى لا تخسر صورتها النمطية المزعومة أمام إعلام العالم. و من دون شك هذا هو قصدها الفعلي من إستهدافها لبرج الجلاء الذي يضم مكاتب عدد من المؤسسات الاعلامية الدولية و المحلية، أبرزها الجزيرة التي كانت لها تغطية مباشرة طول أيام المواجهة في القطاعين .
جريمة حرب محتملة كما وصفتها منظمة “مراسلون بلا حدود” خلال مطالبتها للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق الفوري في عملية استهداف البرج. مع ذلك هناك بعض من الصحافة الاسرائلية نشرت تصريحات إعلاميِ الميدان الاسرائيلي، يوثقون أن إحصائيات اسرائيل بشأن الخسائر البشرية هي خاطئة و ان العدد الحقيقي للقتلى يفوق بكثير العدد المصرح عنه إلا أن هاته التصريحات تم إخمادها فيما بعد دون أي بيان واضح.
من الواضح أن الإعلام الاسرائيلي يعيش أزمة نقل الحقيقة و يتخبط لإخمادها! صرّح المحلل العسكري في صحيفة يديعوت الإسرائلية “أليكس فيشمان” قائلا: “إننا في حرب. وهذه ليست جولة ولا أيام قتالية. شلّ المطار و تم استهداف بنية تحتية إستراتيجية لشركة أنبوب إيلات بعسقلان، و هناك استهداف مكثف لمراكز سكانية، هي حرب إذا بين اسرائيل وحماس “. كما نشرت صحيفة هآرتس العبرية أكبر صحف الكيان : “إنها أفشل عملية عسكرية أقدمت عليها “إسرائيل” ويجب أن تتوقف الآن !” و في تقرير لقناة 12 “الاسرائيلية” نقلا عن يعقوب بري رئيس جهاز الشاباك سابقا قائلا: “اسرائيل لم تنجز أي إنجاز في قطاع غزة، وأخطأنا في الهجوم على غزة!”.
في الأيام السابقة مع وصول المبعوث الأمريكي لاسرائيل. نَقلت وسائل إعلام اسرائلية أخبارا تقول أن الطرف الاسرائيلي و مناهضه الأمريكي لن يرضخ لما تطلبه المقاومة. في حين أن المقاومة نفسها لم توافق عن الاقتراحات المقدمة من طرف الوسائط. بدايتها مع اقتراح لخفض التصعيد، كمرحلة أولى قبل وقف النار، يقضي بوقف المقاومة قصف تل ابيب مقابل وقف اسرائيل قصف الأبراج بغزة، لكن حسب المصادر الفلسطينية تم رفض الاقتراح من قبل المقاومة.
و رفضت المقاومة الفلسطينية أيضا إقتراحا اسرائليا، يقضي بعدم رد المقاومة بالصواريخ بعد غارة اسرائيلية على غزة تكون هي الاخيرة وبعدها يتم وقف النار نهائيا. في المقابل تقوم اسرائيل بتمرير مبالغ ضخمة و مساعدات اقتصادية للقطاع، مقدمة من طرف دولة خليجية .لكن المقاومة الفلسطينية رفضت رفضا تام للاقتراح الذي من الواضح أنه يريد رسم اسرائيل بصورة المنتصر مادام سيكون صاحب الهجمة الاخيرة. إذ أن المقاومة تصر على أن أي اتفاق لوقف النار سيكون متزامن بذات الدقيقة. شرط إخلاء المسجد الاقصى من الشرطة والقوات الاسرائيلية وضمان حرية العبادة والصلاة في المسجد الاقصى دون أي مضايقات، ووقف جريمة تهجير الاهالي في شيخ الجراح. وهو ما زالت ترفضه اسرائيل حتى الآن.
وفي رد أولي من جو بايدن على إستغاثة اسرائيل و تضرعِها للمساعدة الامريكية. أكد موقفه المناهض لاسرائيل مبررا أن اسرائيل لها الحق في الرد و الدفاع عن نفسها متغاضيا عن الطرف الفلسطيني الذي يتم قتله و التعدي عليه يوميا على أساس أنه هو الظالم . كما وافق على صفقة أسلحة مع اسرائيل لمساندة هاته الاخيرة . إلا أن هاته الخطوة عقبتها العديد من الاتهامات اللاذعة نحو بايدن من طرف مناصري فلسطين و حتى من جماعته الديمقراطيين، لأن بايدن أعلن مساندته بشكل علني لإرهاب اسرائيل و تمويله في حربه ضد أطفال و نساء و رجال فلسطين ! كما أن إنقسام الكونغرس الامريكي بين داعم لخطوة بايدن و مهاجم، لن يمر مرور الكرام حتى لو إنتهى الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لأن موقف بايدن اللا إنساني أوضح وجه بايدن الحقيقي.
و في الاخير فإن المتضرر الوحيد وبدرجة أولى هو الشعب الفلسطيني وحتى سكان اسرائيل الذين تم خداعهم على أن هاته أرضهم و أن دولتهم هي نفسها فلسطين .
و ختاما لما تقدم ..فإنه لا وجود لدولتين على أرض واحدة …ولا وجود لكيان صهيوني مغتصب …فإما فلسطين أو فلسطين.
التعليقات مغلقة.