جريدة أصوات / ابتهال يخليفي (طالبة باحثة في سلك الدكتوراه تخصص القانون الخاص)
وكأن العالم يوشك على الإختفاء من رقعة الكرة الأرضية، وكأن البشر سيبدأ بالإنقراض، وكأننا سنحيى بقرية نائية مهجورة لا حياة فيها. ولعل الفراق بات أقرب من السابق، لاشيء ظل كما كان وحتما لن تعود الأيام المقبلة كالتي خلت وإن تخطينا أيامنا هاته.
منذ أواخر سنة 2019 أصبحنا نستفيق كل يوم على واقع مأساوي جديد وكأنها إرهاصات اندلاع أزمة عالمية إن صح التعبير، كيف لا أصفها بالأزمة والعالم بأسره بات يتخبط بنفسه، اجتاحته عواصف رعدية وهبت رياح قوية حملت معها جيوشا وحشية بغية إقحامه في ورطة سيصعب عليه حتما النجاة والخلاص منها.
لم تعد ثمة أي غرابة فيما يقع مادام الفساد والظلم و الاستبداد قد ظهر في البر والبحر، فلما نتفاجأ من وقوع أحداث موحشة مدمرة ونحن نعلم علم اليقين أن مبدعها هو الإنسان ذاته ونتاج فوري لردود أفعاله إزاء نفسه ومحيطه.
وقائع غير طبيعية شهدتها البشرية في الآونة الأخيرة وبعضها لا يزال مستفحلا ومتفشيا من بلد لآخر دونما حاجة لأي تأشيرة عبور، عواصف وحرائق وحروب وأوبئة أوليست هذه علامات وإمارات لها ايحاءات ودلالات على اقتراب آخر الزمان؟ ألم يحن الوقت بعد لمحاسبة النفس الامارة بالسوء وكبح جماح المعصية أم أن المرء لا يصحى من غفلته إلا بعد فوات الأوان؟.
هذه ليست إشارات عبثية أو وليدة بالصدفة بل هي في جوهرها رسالات ربانية لعباده لعلهم يرجعون إليه ويتأملون مجريات الأحداث من حولهم ليعلموا أن الأجل حقا لقريب.
فيروس كورونا عبارة عن جرثومة لاترى بالعين المجردة أصبحت حديث العالم ككل، عدو شرس في كامل الاستعداد للقتال والمواجهة بذكاء وقوة، أعد العدة و تربص وترصد و تهيأ بحذر و بتريث وتروي لم يسبق للبشرية أن صادفت نظيره بعد بعدما وقفت كبريات الدول عاجزة أمامه وقد ترفع في أي لحظة راية الاستسلام إن استعصى عليها مجابهة تداعياته بعد تزايدها المضطرد.
أحيانا أتساءل أحقا هو فيروس بصناعة مخبرية كما روج له من لدن دولة الصين التي وجهت اتهامات صريحة للولايات المتحدة الأمريكية على أنها المسؤولة الوحيدة عما أحدثه الوباء بغية إلاطاحة بها؟ بيد أن المتأمل والمتفحص لمستجدات الأحداث يجد أن الولايات المتحدة نفسها تشتكي من ذات الوباء وبلغت الخطورة لديها حد إعلان حالة الطوارئ الوطنية، أم أن السحر قد انقلب على الساحر وتكاد تسقط أمريكا في ذات الحفرة التي حفرتها لغيرها.؟
من جهة أخرى أتساءل لما لا يكون الوباء حقا من فعل فاعل؟، وقد يكون هذا الأخير منظمة الماسونية التي تحاول منذ عهود خلت بسط سيطرتها على العالم بشتى أساليب وطرق الهيمنة غير المباشرة مدافعة عن أهدافها ومعتقداتها ومبادءها ذات خصوصية، من يدري لعل أعضاءها الآن مجتمعون سويا في محفل الماسونية الأعظم بقلب لندن لتدارس خطط أخرى للقضاء على العالم وإبقاءه للنخبة واقتسامه فيما بينهم.؟
ربما هذه محض تهيآتي وقد تبدوا للبعض منافية للصواب ولا تمت إلى الحقيقة بصلة، وكيفما كانت الحقيقة فهي بحق غامضة خفية مهما بدت واضحة للعيان ومهما كثرت التأويلات والتفسيرات فهي تظل حبيسة الفكر الآدمي المحدود ناقصة وعقيمة، ومهما تعددت أصابيع الإتهام فالحقيقة التي لا مفر منها أن كل ما يحدث يدشن لمسار حرب عالمية قومية فيما بين أقطاب الدول الكبرى بنهج سياسة الحروب الباردة ناهيك عن احتكار للأسواق الاقتصادية الشيء الذي سيسفر بلاريب عن أزمة اقتصادية عالمية شبيهة بأزمة 1929 وربما قد تفوقها خطورة، ولاجرم أن مايقع يمهد الطريق لتسارع موجات الضغط والانفجار التي ستنتهي حتما بالدمار الشامل إن صح القول وستعقبها حينئذ حرب دموية يأكل فيها القوي الضعيف لترسوا في النهاية سفينة الحياة فوق نيران مشتعلة ستلتهم كل من على الأرض قبل فناءها.
هذه ليست بمعضلة عادية ولن تمر لسعاتها مر الكرام كما مضى ما سبقها من موجات اجتاحت الأخضر واليابس. أظنها تشكل لحظة لنهاية عصر جديد و وليد آخر، بل على الأرجح من ذلك نهاية الحياة وبداية لما بعد الحياة الدنيوية.
حينما ترى الكعبة المشرفة حزينة وقد ارتدت ثوب الوحدة والعزاء وأبت أن لا يلامسها بشر قط.
حينما يرفع آذان الصلاة ليأمر المؤذن بأداءها بالمكوث في البيوت.
حينما تصدر بلاغات من لدن السلطات في شتى بقاع الأرض مستنفرة من هول ما يحدث ومانعة شعوبها من الخروج من البيت وفرض حظر التجوال دونما حاجة ملحة.
حينما تمنع المصافحة بالأيدي حتى فيما بين الأقارب والاخوة خشية انتقال العدوى.
حينما يدفن المرء دون مراسيم للجنازة وحيدا فاعلم أن المرء قد بدأ يفر حقا من أبيه وأخيه وهو لايزال في الحياة الدنيا.
حينما يقع كل هذا وذلك فاعلم أنه ثمة غضب رباني رهيب يتوعد الجميع ولن يسلم منه سوى من أتى الله بقلب سليم وتزود بالتقوى وآثر الآخرة على الدنيا وكان مدركا منذ البداية أن الحياة إلى زوال ويبقى وجه الله ذو الجلال و الإكرام.
التعليقات مغلقة.