أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

“المساحات الخضراء بطنجة… جمالية تواجه تحديات السلوك اليومي والتسيير”

جريدة أصوات

أصوات من الرباط

توسط أعمدة خشبية قصيرة مربوطة بحبال رفيعة، بقع خضراء حديثة الإنشاء على طول شوارع مولاي رشيد بطنجة، في مشهد يعكس جهود التهيئة الحضرية التي تمت مؤخراً. وعلى الرغم من وجود هذه الحواجز، إلا أنها تكاد تكون غير ملحوظة نظرًا لضعفها وضعف توثيقها، فهي غالبًا مائلة أو غير محكمة التثبيت، فيما تتعرض المناطق المزروعة لآثار الأقدام والنفايات، وتفقد جزءًا من غطائها النباتي بسبب الاستخدام المفرط.

لم تكن هذه الحواجز دائمًا كما هي؛ فقبل ذلك كانت الجماعة تعتمد أسلاكًا شائكة لإحاطة المساحات الخضراء، إلا أن هذه الوسيلة أثارت احتجاجات بسبب خطر الإصابات المحتملة للمارة، حتى دون نية الدخول إلى المناطق المزروعة. فاستجابت الجماعة لمطلب الإزالة، واستبدلت الأسلاك بحبال وأعمدة أقل حدة، إلا أن التجربة أظهرت محدودية فعاليتها، مع استمرار عبور المشاة وتطفل الأطفال على تلك المساحات، في غياب لوحات إرشادية أو تنبيهات واضحة تمنع ذلك.

وفي عدة مواقع، يحاول عمال الصيانة إعادة تثبيت الحبال والأعمدة الملاسكة، لكن المواد المستخدمة غالبًا لا تصمد طويلاً أمام الزمن والاستهلاك، إذ تتعرض للتمزق والتلف بسرعة. ويُعزى تفادي الجماعة لاستخدام حواجز حديدية أو بلاستيكية إلى مخاطر السرقة والتخريب، وهو ما يدفع لاعتماد حلول خفيفة غير دائمة.

من داخل الجماعة، يقول مسؤول أن الهدف من التسييج ليس فرض حظر قاسٍ، بل توجيه رسالة حضرية واضحة: فهذه المساحات ليست ممرات لعب عشوائية، بل فضاءات جمالية يجب احترامها، تمامًا كما تُحترم ممرات الراجلين والأرصفة.

وفي إطار جهود تأهيل المدينة، تنفذ طنجة الآن مشاريع واسعة تتعلق بالأرصفة، والإشارات المرورية، وتحسين المحاور الطرقية، بالإضافة إلى توسيع المساحات الخضراء داخل النسيج العمراني. لكن، رغم هذا الزخم من الاستثمارات، يظل السلوك المدني غير المنتظم عائقًا يخفض من فعالية تلك الإنجازات، ويهدد استدامتها على المدى المتوسط.

وفي المحصلة، تظل الحبال والأعمدة الخشبية دليلاً على توازن معقد بين الطموحات العمرانية والجوانب المدنية، حيث تسعى المدينة إلى تنظيم فضاءاتها، دون أن تضمن بعد مستوى من الالتزام المدني يعكس هذا التطور

التعليقات مغلقة.