بنعبدالله يتحدت عن إختلالات عميقة تشوب المنظومة الصحية والإجتماعية بالمغرب
جريدة أصوات
في تقرير سياسي قدمه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، خلال اجتماع اللجنة المركزية للحزب يوم الأحد بالرباط، كشف عن اختلالات عميقة تعاني منها المنظومة الصحية والاجتماعية بالمغرب، معتبرًا أن السياسات الحكومية الحالية تكرس التفاوتات وتهمش الحقوق الأساسية للمواطنين.
الصحة: هيمنة القطاع الخاص وإقصاء الفئات الهشة
أشار بنعبد الله إلى أن القطاع الصحي الخاص يستحوذ على نحو 80% من أموال صناديق التغطية الصحية (CNSS، CNOPS، AMO تضامن)، بينما يظل المواطنون يتحملون مباشرة 50% من نفقات العلاج من جيوبهم. ورغم التزام الحكومة بتعميم الحماية الاجتماعية، فإن 8.5 مليون مغربي لا يزالون خارج التغطية الصحية، فيما يعاني نظام الاشتراكات من ضعف أداء المهنيين المستقلين والعمال غير الأجراء، إما بسبب العجز المالي أو عدم جاذبية الانخراط.
انتقد بنعبد الله تراجع الحكومة عن برامج اجتماعية حيوية مثل “مليون محفظة” و”تيسير” و”دعم الأرامل”، مشيرًا إلى أن معايير الاستفادة من الدعم المباشر أصبحت “مجحفة”، مما أقصى مئات الآلاف من الأسر المستحقة. وأضاف أن الحكومة لم تقدم أي حلول لإدماج 4 ملايين أسرة تتلقى دعمًا قدره 500 درهم شهريًا – مبلغ “لا يسمن ولا يغني من جوع” – في النشاط الاقتصادي، كما تخلت عن وعدها بضمان “مدخول الكرامة”.
كشف التقرير عن أزمة حادة في المنظومة التعليمية، حيث يحتل المغرب مراتب متأخرة عالميًا في جودة التعليم، وفق المؤشرات الدولية. وأكد أن ما بين 280 ألف إلى 300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويًا دون شهادة، مما يزيد من حجم فئة “NEET” (الشباب غير الملتحقين بالتعليم أو العمل أو التدريب)، التي تتجاوز 4 ملايين شاب.
في سياق التحضير لاستضافة كأس العالم 2030، دعا بنعبد الله إلى تبني مقاربة تنموية عادلة تضمن توزيعًا متوازنًا للاستثمارات العمومية بين جميع الجهات، معربًا عن تخوفه من أن تتحول هذه التظاهرة إلى مشروع “إعلامي” دون إحداث تأثير حقيقي على حياة المغاربة. وشدد على أن “تهيئة البنيات التحتية يجب أن تقترن بتحسين الظروف المعيشية وتمكين المواطن من الحقوق الأساسية”.
غياب الرؤية الإصلاحية
خلص الأمين العام إلى أن الحكومة تفتقر إلى “الجرأة السياسية” و”الحلول المبتكرة” لمعالجة الملفات الشائكة، مثل إصلاح نظام التقاعد أو مواجهة الفقر والهشاشة، التي طالت أكثر من 3 ملايين شخص بسبب الغلاء وتراجع الدخل. كما حذر من مخاطر “التمويلات المبتكرة” التي تهدد بتفويت المرفق العام بشكل مقنع، مما يفاقم أزمة الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن المسألة الاجتماعية لا تحظى بأولوية حقيقية في سياسات الحكومة، رغم الشعارات البراقة عن “الدولة الاجتماعية”. فالفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع تتسع، مما يستدعي مراجعة شاملة للنموذج التنموي، بعيدًا عن المقاربات الترقيعية التي تكرس الإقصاء والتهميش.
التعليقات مغلقة.