أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

“حسن ساخي”: المقاولات الصغرى لا تعاني من الفاعل ولكن من غياب إطار رسمي

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

فجر رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة، “حسن ساخي”. قنبلة من العيار الثقيل متسائلا عن التيهان الحكومي في التعامل مع المقاولات الصغرى والمتوسطة. مبرزا أن هاته الأخيرة لا تعاني من وجود الفاعل، ولكن من غياب إطار رسمي معبر عن هاته التنظيمات الاقتصادية. مضيفا أن التنظيمات والجمعيات المهنية ذات الصلة يبقى خطابها حبرا على ورق.

"حسن ساخي": المقاولات الصغرى لا تعاني من الفاعل ولكن من غياب إطار رسمي
مقاولات

جاء ذلك خلال لقاء دراسي تم تنظيمه، اليوم. بمقر البرلمان المغربي من طرف “الفريق الاشتراكي” و”المعارضة الاتحادية” بهاته المؤسسة التشريعية إضافة للهيئة المغربية للمقاولات الصغرى في موضوع “واقع المقاولات الصغرى بالمغرب ورهانات التطوير”.

وهكذا فقد سلط “حسن ساخي” خلال اللقاء الضوء على غياب الإطار الرسمي للمقاولات الصغرى. مبرزا أن الأمر لا يتعلق بنقص الفاعل أو الإرادة، وإنما من غياب إطار رسمي يعبر عن وجود هاته المقاولات ويعزز مكانتها في الاقتصاد الوطني. وهو ما يتطلب مراجعة شاملة للإطار القانوني والتنظيمي. مبرزا غياب آليات واضحة ومؤطرة تساهم في تطوير هذا القطاع الذي يساهم بنسبة مهمة في الناتج المحلي الإجمالي.

يأتي هذا الاعتراف في سياق الحاجة الماسة إلى إقرار إطار تشريعي وتنظيمي فعال يضمن حماية المقاولات الصغرى وتطوير قدراتها الاقتصادية. مع الالتزام بمبادئ الشفافية والحكامة وتيسير الولوج إلى التمويل. خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، وفقًا لأحكام القانون رقم 17-51 المتعلق بتنظيم المقاولات الصغيرة والمتوسطة. 

ووقف رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط سلا، “حسن ساخي” على واقع أزمة المقاولات الصغرى والمتوسطة من خلال وضع تساؤلات إشكالية تبقى مشروعة لتفكيك واقع الحال. معتبرا أن هاته التنظيمات المهنية لا تعاني من أزمة الفاعل ولكن من غياب إطار رسمي معبر عن هاته المقاولات ومدافع عن استمراريتها واستدامتها وناقل لقضاياها ومعاناتها، من خلال المؤسسات الرسمية. مؤكدا على أن الاقتراحات المقدمة من طرف التنظيمات والجمعيات ذات الصلة بهاته الإطارات الموجهة للجهات الحكومية تبقى حبرا على ورق ولا يتم اعتمادها أو حتى الإجابة عن ملاحظاتها.   

وفي هذا السياق تساءل رئيس الغرفة عمن يتحمل المسؤولية عن هذا الوضع المرضي الذي تعيشه المقاولات الصغرى والمتوسطة.

وأضاف قائلا: هل يمكن اعتبار وزارة التشغيل هي المسؤولة أم وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والكفاءات؟ ليجيب بأن هاتين الجهتين غير مسؤولتين اعتبارا لدورهما المحدود. فالأولى تهتم بمجال التشغيل فيما الثانية تهتم بالكفاءات. وليست لهما أي صلة بالمقاولات الصغرى والمتوسطة.

ليبرز من خلال هذا التفكيك الموضوعي للأزمة بأن هاته المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب تعيش في مأزق واقعي. يعوق استمراريتها ويعطل استدامتها. فما قيمة وجودها إن كانت كل الاقتراحات المقدمة لا يتم أخذها بعين الاعتبار من طرف الجهات الحكومية. الأمر الذي يفاقم وضع المقاولات التي تعاني من غياب الدعم المؤسساتي الحقيقي، في ظل غياب إطار قانوني واضح ينظم عملها ويحفز على تطويرها.

وتساءل “ساخي” عن المسؤولية ذات الصلة بهاته المقاولات. وهو ما يبرز الحاجة الملحة لإصلاح استراتيجي شامل يضمن حماية القطاع وتعزيز دوره الاقتصادي والاجتماعي، خاصة في ظل التحديات العالمية الراهنة. 

وعاد “ساخي” للتساؤل، إذن فمن هي الجهة الحكومية المسؤولة عن هاته المقاولات؟. مؤكدا أن ما هو قائم في الواقع هو وزارة قطاعات تعمل في شق يخصها من الناحية التقنية ليس إلا، فوزارة السياحة تهتم بالمجال السياحي ووزارة الصناعة تهتم بالمجال الصناعي وهلم جرا. أي انها وزارات قطاعية مسؤولة عن قطاع ما.

وتابع قائلا: أين هي المقاولات الصغرى والمتوسطة من كل هذا؟ ومن المسؤول عنها؟ هو السؤال المركزي الذي يجب الجواب عنه قبل الجواب عن الهيئات المدافعة عن هاته المقاولات.

#"حسن ساخي": المقاولات الصغرى لا تعاني من الفاعل ولكن من غياب إطار رسمي
مقاولات

وواصل المسؤول الجهوي عن غرف التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة تفكيكه لهذا الواقع المأزوم من خلال تأكيده على أزمة الغرف المعنية ذاتها في علاقتها بالموضوع. اعتبارا لكون هاته الغرف المهنية غرف صورية على الرغم من الاعتراف الدستوري بها. إذ يتسم وجودها على أرض الواقع بالضعف. مقرا بأن لا إمكانية لها.

وأضاف قائلا: إن الحكومة لا تنصت ولا تعتمد الاقتراحات المقدمة من طرف الغرف. بل والأخطر من ذلك أنها لا تكلف نفسها حتى عناء الإجابة عن الاقتراحات المقدمة أليها من قبل هاته الغرف.

واستدل “ساخي” بنموذج غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط سلا القنيطرة، مبرزا أنها تنظم ما بين 3 إلى 4 لقاءات تصدر عنها توصيات توجه للجهات الحكومية. إلا أن هاته الاقتراحات يكون مصيرها الإهمال. بل أنها لا تلقى حتى إجابات رسمية عبر مراسلات في الموضوع دون الحديث  عن اعتماد.

إذن فنحن أمام معضلة كبرى ذات صلة بغياب المسؤولية وبالتالي جهة حكومية موحدة واضحة تتحمل مسؤولية دعم وتطوير هذا القطاع الحيوي. وهو ما يبرز غياب إطار مؤسساتي فعال يعبر عن مصالح المقاولات ويعمل على حمايتها. وهو ما يعكس أزمة غياب الإرادة السياسية والجاهزية المؤسساتية، خاصة وأن هاته الغرف المهنية، رغم الاعتراف الدستوري بها، تعاني من ضعف في الفعالية والتمثيلية. حيث لا تتعدى قدرتها تنظيم اللقاءات وتقديم المقترحات. مما يبرز الحاجة لإصلاح شامل يضمن المسؤولية المركزية للدولة في دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وفقًا للمبادئ القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 12.06 الخاص بتنظيم المقاولات الصغيرة والمتوسطة. 

حالة تنقلنا لحقيقة هامة وهي أن الديمقراطية التشاركية على الرغم من الإقرار الدستوري بها تبقى مجرد شعارات ليس إلا. حيث تبرز بما لا يدع مجالا للشك أن سلوك الوزارات لم يتجاوز عقلية الاحتكار والمركزة والاستفراد في اتخاذ القرارات. وهو ما يعكس أزمة حقيقية في مفهوم الديمقراطية وفق النموذج المغربي.

وأوضح “ساخي” أن الحكومة يجب أن تكون مسؤولة وتحدد بالتالي الجهة الحكومية المسؤولة عن هاته المقاولات الصغرى لتكون المحاور والمدافع والمهتم بقضايا ومشاكل هاته التنظيمات بناء لاستدامة التنمية واستثمارا لكافة المواد الخام الكامنة في جسد الدولة المغربية تحقيقا للتنمية والتنمية المستدامة.

وهي تحديات تتجاوز الفصل 12 من الدستور المغربي لتصبح بنيوية من جهة التطبيق والتنزيل الفعلي لهاته الرؤية المركزية. ضدا على المادة 27 من الدستور التي تؤكد على حكامة المؤسسات وضرورة مشاركة المجتمع في القرار. وهو ما يقتضي من الحكومة اتخاذ موقف مسؤول. بتحديد الجهة الحكومية المعنية بدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة بوضوح. لتكون تلك المؤسسة هي المدافع الحقيقي عن قضاياها، ضمانا لحضور فعلي لهاته التنظيمات ومساهمة منها في بناء أسس اقتصاد وطني متين ومستدام. وبالتالي تشجيعا لها على امتصاص جحافل البطالة مساهمة في الاستقرار الاجتماعي الذي يبقى البوابة الأساسية للاستقرار السياسي. وهو ما تنص عليه المادة 33 من القانون رقم 12-06 الخاص بتنظيم المقاولات الصغيرة والمتوسطة. الذي يلزم الدولة بتوفير إطار قانوني ومؤسساتي فعال لدعم هذا القطاع الحيوي. وهو ما يفرض إعادة النظر في نماذج الحكامة. وأيضا تعزيز الديمقراطية التشاركية الحقيقية، لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة، تضمن مشاركة فعالة للمجتمع المدني والفعاليات الاقتصادية، وتحول الشعارات إلى ممارسات ملموسة. 

التعليقات مغلقة.