عندما يتعلق الأمر بالولادة، يتبادر إلى الذهن النساء اللواتي يسارعن إلى مساعدة النساء الحوامل لمواكبتهن على المستوى الطبي والتخطيط العائلي تارة، أو توليدهن تارة أخرى.
هؤلاء النساء تجدهن حاضرات في مستوصفات التوليد بالعالم القروي والمراكز الصحية بالمجال الحضري، وكذا بمستشفيات الولادة التي توجد على مستوى مختلف المراكز الاستشفائية المحلية، والجهوية أو الجامعية.
فإذا كان تقديم العلاج واجب، فإن مساعدة امرأة حاملة على الولادة رهان صعب المنال عند البعض. فبالنسبة للسيدة “خديجة ماهري”، ساعدتها تجربتها الغنية في مجال التوليد على بناء شخصيتها وتطوير خبرتها وهي مؤهلات كانت لها سندا قويا خلال مختلف التجارب المهنية والتطوعية التي عاشتها.
وفي بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء قال السيدة “خديجة ماهري “ عندما تكون هناك علامات بأن الأم على وشك وضع حملها، ندعوها إلى الاستلقاء على سرير الولادة، حيث نقوم بإجراء بعض الفحوصات، لنقوم بعد ذلك بإخراج الجنين في أجواء بهيجة تتعالى فيها زغاريد النسوة احتفالا بالمولوج الجديد. أكيد أن عملية التوليد صعبة وتسبب آلاما للأم، لكنها تنسى هذه اللحظات الصعبة التي عاشتها بمجرد قطع الحبل السري، ورؤية طفلها “.
وتتذكر” خديجة” عملية للولادة طلبت خلالها من امرأة، كانت ستلد للمرة الأولى، ب” الدفع بشدة من أجل إخراج الجنين بواسطة محجم، بدون نتيجة، فقمت على الفور بالصعود فوق سرير الولادة، وحاولت إخراج الجنين دون جدوى أيضا، لأجد نفسي مضطرة إلى اللجوء إلى عملية شق العجان، التي نادرا ما نستعملها، لنكسب المعركة حيث قمنا بإخراج المولود الجديد والذي كان يزن 5ر5 كلغ “.
قوة شخصية خديجة مهري، خريجة معهد التكوين في مهن الصحة بالرباط سنة 2002، تجعلها لا تتراجع أمام الحالات التي تستدعي تدخلا جراحيا من مستوى عال، والذي لا يكون دائما ممكنا في العالم القروي وحتى في بعض مستشفيات المدن.
وتقول في هذا الصدد ” قمت ب 20 عملية ولادة بمفردي خلال مداومة واحدة، كان ذلك بدار الولادة بسيدي علال التازي ضواحي القنيطرة ” وهو رقمها القياسي الشخصي لحد الآن في مسارها، في حين تجري حاليا ما بين 5 إلى 10 بل 15 عملية خلال كل فترة مداومة.
وأكدت “خديجة” ماهري أنه ليس من عادتها إحالة النساء الحوامل على وحدات طبية أخرى، لكن أقوم بتوجيههن أحيانا إلى مستشفيات تكون مجهزة بشكل أفضل من أجل تفادي أي نوع من المخاطر .
وتجمع شخصية” خديجة مهري “ما بين التقاليد الأمازيغية التي تزيدها سحرا وجمالا، وإرادتها للنهل من تاريخ منطقة العالم الكبير ” المختار السوسي “.
وتحكي خديجة البالغ من العمر 37 سنة والأم لثلاثة أطفال أن فكرة ولوج مهنة التمريض تبادرت إلى ذهنها خلال مرافقة والدها الذي كان يرقد بإحدى مستشفيات الرباط. فبعد وفاة الوالد، وبصفتها البنت الكبرى، عقدت العزم وقررت، بعد حصولها على الباكالوريا في العلوم التجريبية، اجتياز مباراة الممرضين حيث تمكنت من أن تتخرج قابلة سنة 2002.
فبعد ثلاث سنوات بمعهد التكوين في مهن الصحة بالرباط، وكذا بعض الفترات التدريبية بالمركز الاستشفائي الجامعي وبعض وحدات الولادة بالعالمين القروي والحضري، تم تعيينها بالقنيطرة في 2005 حيث بدأت مغامرتها مع عالم التوليد.
وتطمح” خديجة “إلى إنجاز مبادرات مستقلة من أجل الدفع بمسارها المهني، وخاصة فتح وحدة للتوليد لحسابها الخاص، خاصة وأن الحكومة صادقت على مشروع مرسوم يتعلق بممارسة مهنة القابلة.
وتهم مبادراتها مجالات الطفولة والصحة والمرأة، وتجوب جهة الغرب وجهة بني ملال وأزيلال، مرورا بإقليم الخميسات، وهي تعي بأن مهنتها لا تقتصر على تقديم الاستشارة، فهي واجب في خدمة الإنسانية، وأن العمل يتم بالأساس في الميادان.
هذه الإرادة يجب استحضارها لأولئك الذين يرفضون العمل في المناطق المنعزلة لخدمة بلدهم ومواطنيهم.
التعليقات مغلقة.